الرئيسية / مقالات / من سيحسم معركة سايكس- بيكو الجديدة؟

من سيحسم معركة سايكس- بيكو الجديدة؟

السيمر / الأربعاء 10 . 01 . 2018

منير الجلبي

مقدمة
قبل عامين كنت قد قمت باخر تحليل مسهب لتطور وترابط الاحداث في حينه في الساحتين العراقية و السورية (1)، ولقد اثبتت تطورات الاحداث
ودمويتها صحة ما جاء في ذلك التحليل المفصل. ولهذا فانا ادعوا كل من يرغب في التمحص لفهم ما جرى ويجري حاليا والترابط بين الصراعات الدموية خلال السنوات السبعة الماضية الرجوع اولا الى التفاصيل التي وردت في التحليل السابق من اجل استرجاع نقاط البحث الاساسية، اذ انني ساتطرق في هذة المقالة فقط الى ما تجدد من احداث خلال السنتين الماضيتين تجنبا للاطالة في التحليل.

1- بقايا الدولة الاسلامية/ داعش في العراق و سوريا- ان الانتصار الذي تحقق لقوى الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية باسناد القوى المدرعة وطيران الجيش العراقي بعد التحرير الاخير لمدن القائم وراوة واجزاء من غرب الجزيرة في محافضات الانبار وصلاح الدين و نينوى المجاورة للحدود السورية، وتكون بذلك قد حققت ضربة كبيرة لما يسمى بالدولة الاسلامية/داعش في الاراضي العراقية. فان اضفنا الى هذه الانتصارات السوريا التي حققها الجيش السوري والقوى الحليفة له من قوات الحرس الثوري الايراني وحزب اللة اللبناني وكتائب الاسناد من قوى المقاومة العراقية كحركة النجباء والكتائب الافغانية والباكستانية المقاتلين في سوريا ككتائب الحيدريين والزينبيين والفاطميين والذي حرروا مدن دير الزور والميادين والبوكمال مع العشرات من القرى ومعضم اراضي الجزيرة في الشرق السوري غرب نهر الفرات الذي ادى بمجملة الى كسر ضهر داعش في سوريا بشكل كبير. واذا تفحصنا نتائج هذا النصر السوري و النصر العراقي سنرى بان داعش قد فقد اراضي دولته في كل من سوريا و العراق بشكل شبه كامل. غير ان هذا لا يعني بانتهاء هذا التنظيم على الاطلاق، فاصل اغلبية داعش هم فدائي صدام في العراق حولهم الاحتلال الامريكي/ البريطاني بعد ان خرجهم من جامعة بوكو (سجن بوكو في البصره) وبعد ان علمهم الصلاة واطال لحاهم وحولهم الى ارهابيين مثاليين كفرع للقاعدة تحول الى داعش مرورا بتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق”. ان فشل داعش يعني بان التنضم سوف ينتقل الى العمل الارهابي السري وما يسمى بعمليات الخلايا النائمة في العراق وسوريا ولبنان او تغيير اسم تنظيماته كما يحصل الان في ائتلافاته الجديدة التي يكونها في كركوك مع قسم من بيشمركة مسعود البرزاني وبعثي الحركة النقشبندية باسم “الرايات البيضاء” (2). وكذلك سيقوم بتوسيع هجماته الارهابية الواسعة و شبة العلنية في دول اخرى كمصر واليمن وليبيا وافغانستان واندنوسيا ونايجريا والصومال وغيرها من دول العالم الثالث العربية و الاسلامية، مع اعمال انفرادية ومحدودة في بعض الدول الاوربية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا والمانيا. كما يجدر الاشارة هنا ان الارهابيين في سوريا هم ما زالوا يعملون وبشكل واسع خارج داعش في تنظيمات ارهابية اخرى كجبهة النصرة وجيش الاسلام واحرار الشام والجيش الحر والعشرات من التنظيمات الاخرى الاصغر حجما. وفي العراق ما زال اكثر من الف من قادة ومقاتلي داعش بكامل اسلحتهم يتجمعون في مناطق “وادي حوران” و “وادي القذف ” في غرب العراق وبحراسة القوات الامريكيا التي هددت بقصف اي قوات من الجيش العرقي او الحشد الشعبي تدخل هذه المناطق الوعرة حيث تتواجد قواعد سرية للقوات الاميريكية الخاصة ولقوات داعش.
لقد اصبحت حقيقة من الصعب انكارها ان داعش هي من صنع الادارة الاميركية بشكل مباشر او في احسن الاحوال غير مباشر وهذا ما اكده الرئيس الاميريكي الحالي ترامب وخاصة في فترة المنافسة الانتخابية وعاد ليؤكده بعد انتخابه ويخطئ من يعتقد بان اي مرشح للرئاسة يستطيع ان يتهم الرئيس الامريكي اوباما ووزيرة خارجيته كلينتون الممثلين الحقيقيين للطبقات الحاكمة بانه هم من خلقوا منضمة ارهابية كداعش من دون ان يكون بحوزته ادلة دامغة. اضافة لذلك فان ما حدث في ديرالزور قبل عام عندما قامت الطائرات الامريكية بهجوم كاسح على الجيش السوري في المدينة المحاصرة ولعدة ساعات تمكنت خلاله من تدمير الكثير من التحصينات والاسلحة الثقيلة للجيش السوري، تبعه هجوم مباشر لداعش تمكن من خلاله من الاستيلاء على مرتفعات استراتجية كادت تؤدي الى سقوط دير الزور ومطارها العسكري بايدي داعش لولا القتال البطولي للجيش السوري والقوى المساندة له، وهذا ما اكدته بيانات الجيس الروسي بشكل رسمي وعلني في حينه.
غير ان التعاون المكشوف في الاشهر الاخيرة بين داعش من جهة وقوات الاحتلال الامريكي في سوريا ومرتزقتها مما يسما بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) قد كشف بشكل كامل لا يقبل اي شك بالتعاون المتكامل بين القوات الامريكية و داعش في مناطق شمال و شرق الفرات. .
2- الموقف من الحركات الكردية في العراق- كنت قد بينت في المقالات السابقة باننا كعراقيين يجب ان نعارض المطالب الانفصالية للاحزاب القومية في كردستان العراق، وذكرت بان حق تقرير المصير لايعني حق “الانفصال” بعد ان تكون هذه القومية قد اصبحت جزء من دولة متعددة القوميات والطوائف لعشرات السنوات وحصلت على الكثير من حقوقها القومية المشروعة.
ان انفصال كردستان العراق عن الدولة العراقية كان في الحقيقة سيقود الى انتهاء العراق كدولة اذ كان سيتبعه تكوين الكونفدرالية السنية (تضم المناطق التي اصبحت عام 2014 جزء من دولة داعش) ومن ثم ماتبقى كونفدرالية للشيعة وكان سيرافقها حروب دموية طائفية وقومية بين الاطراف الثلاث على شاكلة ما جرى في عمليات تقسيم والتمزيق الدموي في كل من يوغسلافيا والسودان وما زال يجري حاليا في اليمن وليبيا. ولو طبقنا هذا المفهوم ل “حق تقرير المصير” على دول المنطقة الاخرى لما بقت دولة واحدة في المنطقة دون ان تقسم الى دويلات متعددة ومتصارعة (باستثناء اسرائيل طبعا) وهذا بالتاكيد ما كان سيحصل لايران وتركيا وسوريا وباكستان والهند والصين والفدرالية الروسيا و و.
غير ان الموقف من الاحزاب القومية الكردية الاساسية الثلاث لا يجب ان يكون موقف واحد جامد و متشابه، فمواقف الحزب الدمقراطي الكردستاني (حزب مسعود) في اربيل و دهوك يختلف عن مواقف حزب الاتحاد الوطني/حزب الطلباني في السليمانية في حديته ومصالح قياداته، والحروب الدموية بين هذين الحزبين وخاصة فيما جرى في الحرب الدموية بينهما في اعوام 1993 الى 1997 هو خير مثال على استحالة اندماج هذين الحزبين. كما ان مواقف هذين الحزبين يختلفان عن مواقف “حركة التغيير” سواء فيما يخص الانفصال الفوري عن العراق او في الموقف من التعاون مع حكومة المركز وفي الموقف من التعاون مع القوى العراقية خارج الاقليم وحتى من مقدار التبعية للمخططات الامريكية في العراق.
ان على القوى السياسية غير الكردية في العراق ان لا تكتفي بالاستمرار بمهاجمة مواقف الاحزاب القومية الكردية والاستمرار بمهاجمة سلبياتها السياسية، بل من الضرورة الاخذ بنضر الاعتبار اتجاهاتها القومية والعمل على التقارب مع الاحزاب الكردية العلمانية والوطنية كحركة “التغيير” و “حركة الجيل الجديد”، اذ ان مثل هذا التقارب هو الطريق الوحيد للابقاء المستقبلي للمحافضات الكردية كجزء من الدولة العراقية الفدرالية الموحدة. انه من الضرورة تركيز الهجوم على قيادة حزب مسعود البرزاني الذي هو العدو الحقيقي لمصالح الغالبية العضمى من اكراد العراق ووحدة الدولة العراقية.
ان المشروع الامريكي الصهيوني للتقسيم الثلاثي للعراق وتاجيج الصراعات الطائفية والقومية، ابتداءا من انفصال الكونفدرالية الكردية عن العراق قد اصيب بنكسة كبيرة نتيجة الفشل الكبير للنتائج السياسية لاستفتاء الانفصال الذي قاده مسعود البرزاني والرجعية الكردية القومية وبالاخص القيادات العشائرية المغرقة في الفساد ، وما اعقبه من قيام قوات الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية في الهجوم المباغت في 16 اكتوبر 2017 بدا بتحرير محافظة كركوك وطرد ادارة وبيشمركة مسعود والقسم التابع لها من ادارة الطلباني من كركوك وما تلاه في الايام التالية من انهاء سيطرت البيشمركة الكاملة على مدن جلولاء و خانقين و اخراجهم من سنجار والجزء الاكبر من سهل نينوى وارجاع تلك المناطق الى اهلها من مسيحيين وايزيدين وتركمان. كما تم استرجاع معضم الحقول النفطية التي كان مسعود قد استولى عليها في كركوك ومنها حقل بايا حسن وقبة افانا اضافة الى قبة بابا من حقل كركوك (قبة خرمالة ما تزال بيد مسعود منذ عام 2009) و بعض حقول النفط التي تقع فيما سمي بالمناطق المتنازع عليها والتي كانت جزء من حقول شركة نفط الشمال التابعه للحكومة المركزية في بغداد واستولت عليها بيشمركة مسعود في حزيران 2014 عند هجوم داعش/ ومسعود وانهيار الجيش العراقي شبه الكامل في كل محافضات شمال ومعظم محافظات وسط العراق .
وهنا يجدر التصويب على ان مقدار معرفة حكومة العبادي عن بدا عملية تحرير محافظة كركوك من قبل الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والقوى المساندة لهم في 16 اكتوبر 2017 ،لا يزيد عن مقدار معرفة العبادي عندما قامت الفرقة الذهبية (الامريكية الانشاء و القيادة) بتسليم مدينة الرمادي مع 11،000 من الشرطة المحلية بكامل اسلحتهم لداعش في ليلة ظلماء في شهر ايار عام 2015 بعد ان كان العبادي قد خرج وعلى التلفزيون العراقي الرسمي وفي اليوم السابق لتسليم الرمادي لداعش و بشرنا بان ننتضر نصر قريب خلال 24 ساعة على داعش!
4 – اكراد سورية وتحول جزء كبير منهم من قوى يسارية الى قوى تعمل ضمن المخطط الامريكي لتقسيم سوريا- ان هنلك فارق كبير بين اكراد سوريا والعراق. فاكراد العراق يبلغ عددهم حوالي 5 مليون نسمة وقد سكنوا المحافظات الكردية الثلاث وهي السليمانية واربيل ودهوك منذ فترة تاريخية طويلة وهي محافضات كردية بكل تاريخها مرتبطة جغرافيا فيما بينها. بينما اكراد سوريا لا يتجاوز عددهم ال2 مليون والغالبية العضمى منهم يكونون اقليات ضمن محافظات ذات اغلبيات عربية حيث لا توجد اية محافضة في سوريا ذات اغلبية كردية، وكان هذا ما دعى الزعيم الكردي اوجلان قبل اعتقاله الى القول بانه لا يوجد اي ارض سورية جزء من اراضي كردستان التاريخية. كما ان الكثير من الاكراد المقيمين في سوريا ليسوا سوريين بل من اصل المناطق الكردية في تركيا وقد انتقلوا الى سوريا خلال القرن الماضي هربا من الاضطهاد التركي وهم سكنوا محافظات شمال سوريا، والاراضي التي نزحوا اليها غير متجاورة فيما بينها. وهم اقلية في جميع المحافظات السورية نسبة الى سكانها العرب ويسكنون امتدادات ارضية في داخل سوريا لمناطقهم الكردية في تركيا، ولهذا فلا توجد لهم مقومات تكوين منطقة فدرالية واحدة كما هو الحال في العراق. كما ان مناطق سكناهم الحالي في سوريا ترتبط ارتباط كبير بمناطق اصولهم في تركيا وحتا من الناحية الطائفية حيث ان قسم منهم هم علويين وليسوا بسنه كامتداد لبعض المناطق العلوية الكردية في تركيا. كما ان نسبة كبيرة منهم لا يملكون الجنسية السورية بسبب اصولهم التركية وهذا ما جعل احزابهم القومية مرتبطة ارتباط عضوي و تنضيمي وتاريخيا بالاحزاب التركية الكردية كحزب العمال الكردستاني في تركيا.
ولكن الملاحض بشكل واضح وخاصة في السنين الثلاث الاخيرة انه لا شك فيه بان اهم الاحزاب القومية الكردية المسلحة في سوريا وهي وحدات حماية الشعب الكردي و الاتحاد الدمقراطي الكردي وهي من القوة الاساسية فيما يسمى ب قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) والمفروض انهم جزء من اليسار الكردي والمرتبطين بشكل كامل بحزب العمال الكردي في تركيا، قد اصبحوا جزء اساسي في تنفيذ المخطط الامريكي في سوريا. لقد تحولوا بشكل عملي الى ميليشيات او قوات تابعة تقوم بتنفيذ اوامر الادارة الامريكية و مسندين بحوالي 2،600 جندي امريكي في سوريا (ويصل الرقم الى 5،000 جندي امريكي حسب اعتراف احد القادة العسكريين الامريكان في سوريا) اضافة الى اسناد سلاح الجو البريطاني والفرنسي و يقومون بتنفيذ المخطط الامريكي/ الفرنسي/ البريطاني لمشروع تقسيم سوريا كجزء من المخطط الغربي لاستخدام الانفصاليين من القوميين الاكراد لتقسيم كل من سوريا والعراق.
لقد كان فشل مشروع مسعود البرزاني في فصل المحافضات الكردية الثلاث عن العراق وهزيمتهم في 16 اكتوبر 2017 وما تلاه ادت الى تراجع كبير للمشروع الامريكي الاسرائيلي لفصل مناطق شمال شرق سوريا ذو الاقلية الكردية على الرغم من ان خطر التقسيم في سوريا ما زال قائما من خلال قوات “قسد” وتواجد القوات الامريكية في سوريا. ان هذا الخطر بتقسيم سوريا سيبقى مرتبطا بخطر تقسيم العراق المرتبط بشكل اساسي بتواجد اكثر من 15،000 جندي امريكي بكامل اسلحتهم الهجومية و قواتهم الجوية في شمال وغرب العراق.
5- الموقف من سايكس- بيكو- كنت قد بينت في تحليلي السابق بان تمدد وانتشار عمليات داعش في سوريا والعراق على الحدود السياسية القائمة حاليا بينهما والتي رسمتها معاهدة سايكس- بيكو بعد الحرب العالمية الاولى قد اثبت ان هذه الحدود السياسية هي حدود شبه وهمية نسجها الاستعمارين البريطاني والفرنسي نتيجة للحرب العالمية الاولى والهدف منها كان لتقاسم هاتين الدولتين فيما بينها من ضمن مخلفات الدولة العثمانية التي انهارت تماما في تلك الحرب.
كما بينت بانه ان كان هنالك شئ ايجابي لضهور داعش فهو انها اثبتت ان الساحتين السورية والعراقية هي ساحة كفاح وحرب واحدة، وان الشعبين السوري والعراقي هم في معركة واحدة وان عدوهم واحد وان مصالحهم واحدة، وبالتالي فان مرور قرن على معاهدة سايكس- بيكو لم يتمكن من فك الارتباط بين تاريخ البلدين والوحدة التاريخيه بينهما. لقد كان هذا الارتباط قد استمر الى قرون عديدة منذ تكوين الدولة الاموية ومركزها الشام، ومن ثم العباسية ومركزها بغداد والتي امتدت لتضم كل بلاد الشام، وقد امتد هذا الارتباط لاربعمائة سنة اخرى ضمن الدولة العثمانية .
كما استنتجت بان ردنا على كل المحاولات والمخططات الصهيونية/ الانكلو/ امريكية لتقسيم العراق الى ثلاث دول وتقسيم سوريا الى اربعة دول او اكثر، يجب ان يكون هو ان سوريا والعراق هي ساحة واحدة ومعركتها واحدة وعدوها واحد، ولذا فان مصيرها واحد وبالتالي فان الصراع في كل من العراق وسوريا يجب ان يكون من اجل ان تتجه لكي تتحول كل من سوريا والعراق الى “دولة فدرالية واحدة” وليس العكس.
ان تطور الاحداث في هذه المرحله اي بعد قرن على تنفيذ اتفاق سايكس-بيكو يبين بشكل لا جدال فيه بان هنلك معسكرين ذو عمليتين سياسية وعسكرية متعاكستين في الاتجاه تجري للتعامل مع ما افرزته اتفاقية سايكس-بيكو لعام 1916على الارض.
حيث يقود “المعسكر الاول” كل من اسرائيل والادارة الامريكية و بريطانية الام الحنون ل سايكس-بيكو وبلفور، وباسناد فرنسي و تبعية الرجعيات العربية المتمثلة اساسا بحكومات الخليج والاردن والقوى الرجعية الكردية في العراق و سوريا وبشكل محدود الاهداف من تركيا يسعى في مرحلته الاولى لانهاء القضية الفلسطينية و لتقسيم العراق وسوريا ولبنان من الدول التي شملتها سايكس-بيكو، وكل من اليمن وليبيا من خارج المعاهدة. لقد وضعوا في مخططاتتهم ان نجحوا في تحقيق اهداف المرحلة الاولى، فانهم سينتقلون الى البدء بتنفيذ المرحلة الثانية المتمثلة بتقسيم ايران وتركيا وحتى السعودية حيث سيجري التقسيم اما على اسس طائفية او قومية او عشائرية لكل من هذه الدول حسب الحاجة.
اما “المعسكر الثاني” فاهدافه افشال جميع محاولات التقسيم الجديدة في المنطقة المتمثلة باهداف المعسكر الاول المبين اعلاه، وربط نضال دول المنطقة للتخلص من السيطرة الاقتصادية والسياسية لدول الاستعمار الغربية وانهاء الوجود الاسرائيلي الصهيوني والوصول الى دولة واحدة على جميع الاراضي الفلسطينية تضم جميع الاديان ومعادية للصهيونية على المدى البعيد. وتضم قوى هذا المعسكر ولو باشكال ودرجات مختلفة كل من ايران ومعظم قوى الحشد الشعبي في العراق والنظام العلماني القومي والقوى السورية المساندة له في سوريا وحزب اللة و بعض القوى الشيعية والسنية والمسيحية الوطنية المساندة في لبنان اضافة الى القوى المقاومة في فلسطين وعلى الاخص الجهاد الاسلامي و حماس (بقيادتها الجديدة) والجبهة الشعبية وقوى اخرى تؤمن بالكفاح المسلح لانهاء السيطرة الاسرائيلية.
ان المنطقة تدخل بشكل متزايد في صراع دموي تفرضه قوى الاستعمار الغربي واسرائيل على شعوب المنطقة وقد بدات مرحلته الاولى باحتلال العراق عام 2003 وما تلاه من نجاحات واخفاقات للمشاريع الغربيه الاسرائيلية مرورا “بجهنم الربيع الصهيوني العربي” وتكوين النصرة و داعش وقيام الجيوش الغربية بالتدمير المباشر لليبيا وتقسيم السودان ومن ثم تدمير كل من من سوريا واليمن واعادة تدمير العراق.

6- استنتاجات
ان السؤال المطروح حاليا هو ماذا سيحل بحدود سايكس-بيكو بعد اندحار داعش العسكري وفشله في المحافضة على اراضي دولته في العراق وسوريا و لبنان حسب ما خطط له في المشروع الانكلو/ امريكي/ الاسرائيلي لابقائه حيا لل 30 سنة القادمة؟ وما هو البديل السياسي والعسكري الارهابي القادم بعد تعثر نجاح مشروع الانفصال الكردي للبرزاني في العراق ونتائجه السلبية على مشروع التقسيم الكردي في سوريا؟
للاجابة على هذه الاسئلة يستوجب دراسة الوضع الواقعي على الارض في المناطق الممتدة من ايران وصولا لحزب اللة اللبناني مرورا بقوى الحشد الشعبي في العراق و الجيش السوري والقوى المساندة له في سوريا.
فماذا حصل على الارض بعد مرور حوالي سبعة اعوام تقريبا على بدء المخطط الانكلو-امريكي الاسرائيلي لسحق الدولة العلمانية القومية في سوريا والذي قادته في بدايته قوى الاخوان المسلمين في سوريا والبلدان المحيطة، واشتركت به كل من تركيا وقطر (3) والسعودية كقوى اساسية وباسناد واسع من اسرائيل والاردن والحكومة اللبنانية (اي جميع الدول المحيطة بسوريا باستثناء العراق) اضافة الى دول الخليج واموالها، واربعة اعوام على انتظام الهجوم الداعشي على العراق بدا باستيلاء داعش على الفلوجة ومناطق واسعة من غرب العراق على الحدود السورية العراقية في بداية عام 2014 ؟
ا- ان الطابع الاساسي الذي يميز الواقع على الارض في كل من العراق وسوريا ولبنان اليوم في نهاية عام 2017 هو النكسة الكبيرة الذي اصيب بها المشروع الامريكي-الاسرائيلي للسيطرة وتقسيم كل من العراق وسوريا ولبنان. فلقد تكون ولاول مرة في تاريخ هذا الجزء من المنطقة محور سياسي و عسكري مترابط لحد كبير لقوى اسلامية ووطنية على بقعة متواصله من الارض يمتد من ايران وصولا الى حدود فلسطين المحتلة. ان هذه القوى المتمثلة بما اطلق عليه تسمية “محور المقاومة” اصبح قادر على الوقوف امام العدو الاسرائيلي والمخططات الغربية لاخضاع هذا الجزء من المنطقة للسيطرة الغربية شبه الكاملة ولاول مرة منذ اتفاق سايكس-بيكو قبل قرن.
ب- غير انه في نفس الوقت نرى بان القوات الامريكية المقاتلة قد عادت الى التواجد الكثيف باكثر من 15،000 عسكري مقاتل في 14 قاعدة عسكرية في العراق منها عين الاسد وسبايكر وسنجار والقيارة والتاجي والحبانية و السليمانية واربيل ، اضافة الى سيطرتهم شبه الكاملة على الاجواء العراقية. و كذلك التواجد المتزايد ولاول مرة في تاريخ سوريا لقوات امريكية مقاتلة في عدد من القواعد المتفرقة على اراضيها وعلى الاخص في الحسكة و كوباني وقسم من الجنوب السوري، اضافة الى اشتراكهم العلني في السيطرة الجوية على القسم الشرقي و الشمالي الشرقي من سوريا، واصرارهم العلني على ابقاء قواتهم فيهما على الرغم من ان بقائهم غير قانوني ويمثل قوات احتلال حسب القانون الدولي. وقد بداوا مؤخرا بتدريب وتسليح وحماية قوات جديدة سميت ب”جيش سوريا الجديد” حسب االتصريح الرسمي للناطق باسم وزارة الدفاع الروسية (4). ان نجاح المخطط الامريكي الاسرائيلي يتطلب بقاء قوات الاحتلال الامريكي والبريطاني لاطول فترة ممكنة في العراق وسوريا وهذا ما اصبح واضح من خلال التصريحات الرسمية للادارة الامريكية من ان قواتها ستبقا في العراق وسوريا وحتى بعد القضاء على داعش.
ج- ان نجاح المشروع الامريكي الاسرائيلي البريطاني سيعني نجاح مشروع سايكس-بيكو “الثاني” لتقسيم ما قسمه مشروع سايكس- بيكو “الاول” وانهاء الوجود الفلسطيني و تثبيت اسرائيل كشرطي الغرب في المنطقة والخضوع الكامل لشعوب المنطقة وعلى الاخص في العراق وسوريا ولبنان للسيطرة العسكرية و الاقتصادية والسياسية الغربية والاسرائيلية حتى نهاية هذا القرن على اقل تقدير.
لذا فان افشال هذا المشروع يتطلب النضال المسلح لاخراج قوات الاحتلال الامريكية من العراق، فبدون السلاح لن تخرج قوات الاحتلال الامريكي/البريطاني الثاني من العراق كما ثبت مع الاحتلال الاول. ان هذه المهمة ستقع على عاتق الحشد الشعبي اذ انه القوى الوحيدة القادرة على تحرير العراق ثانية كما كانت القوى الاساسية في كسر ضهر داعش، وبدونهم لكانت داعش تذشر اسلامها الوهابي وقطع الروؤس في البصرة حاليا. ولكان رئيس الوزراء العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم ونائبه اياد علاوي و وزير خارجيتنا الجعفري والعشرات من نواب المجلس العتيد والوزراء الحالين و السابقين قد رجعوا للاقامة في بلدهم الحقيقي الذين يدينون بالولاء له بريطانيا، اما الوزراء والمسؤلين الاخرين فكنا سنراهم في اوطانهم الجديدة كاميركا وفرنسا وهولندة و و و باستثناء العراق الذي كان سيتركونه لداعش وهذا ما اثبتوه عندما كانوا يملؤون صالات المغادرة في مطار بغداد الدولي في الفترة التي تلت 10 حزيران 2014 عندما وصل داعش الى ابواب بغداد.

المهندس منير الجلبي- محلل في المحاور السيياسية والطاقة العراقية
……………….
مراجع:
1- العراق وسوريا هل هماعلى طريق التقسيم ام وحدة المعركة؟ منير الجلبي
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=900858&catid=267
2- Iraq Oil Report Mysterious militants raise new fears of insurgency

Mysterious militants raise new fears of insurgency


3- ما هي المبالغ التي دُفعت للعسكريين والضباط السوريين للانشقاق؟
http://www.addiyar.com/article/1479850-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%BA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AF%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B4%D9%82%D8%A7%D9%82
4- موسكو: واشنطن تدرّب وحدات «إرهابية» لقتال الجيش السوري
http://www.al-akhbar.com/node/288138

اترك تعليقاً