السيمر / الخميس 15 . 02 . 2018
عبد علي عوض
قبل إنعقاد مؤتمر الكويت، سخّرَت وسائل ألإعلام العراقية ألرسمية ( شبكة ألإعلام العراقي) طاقاتها بتهليل وتعظيم وتفاؤل لحد ألإفراط حول ألغرض من وراء إنعقاد ذلك المؤتمر وألنتائج ألمرجوة منه، مع العلم نحن كنّا مدركين مُسـبقاً بألأهداف الدفينة لذلك ألمؤتمر، وظهرَتْ مخرَجات ذلك المؤتمر ألتي برهنَت أنّ ألعراق يجب أن يبقى سوقاً رائجة لصادرات مختلف الدول، ويبقى مكبلاً بألديون ألتي تجعله يادوب قادر على تسديد القروض بفوائدها فقط، يعني يجب أن يبقى العراق كبقرة حلوب، لا يستطيع بناء إقتصاد وطني مزدهر وتحقيق التنمية الشاملة الكفيلة بألقضاء على البطالة والفقر وتحقيق العدالة في توزيع ألناتج المحلي ألإجمالي بين قطاعات ألإنتاج والخدمات وألإستهلاك.
حجم وحقيقة الوفود المشاركة في المؤتمر:
أولاً – الوفد العراقي، يضم 200 شخص، بين مَن يحمل صفة رسمية وآخرون يمثلون شركات إستثمارية!؟… فإنْ لم يكن جميعهم فأغلبهم غارق بألفساد لحد النخاع!.
ثانياً – مشاركة 70 دولة مع 1800 شركة إستثمارية جاءت بشراهة الجائع لأخذ حصتها من ألعقود. ولكن الظاهرة المؤلمة هي أنّ بعض الدول إضافةً إلى مشاركتها بتدمير ألعراق، جاءت بكل صَلف للإستفادة ألمالية وألتجارية من ذلك ألمؤتمر، وهي:
1 – تركيا ألتي دعمَت داعش بشرائها النفط المهرب من داعش وحكومة إقليم كردستان بسعر 10 دولار للبرميل، إضافةً إلى مصادرتها لحقوق ألعراق المائية من نهري دجلة وألفرات، أفرزَت ( 4 مليار دولار) كضمانات إئتمانية تجارية لصالح ألأشركات التركية، أي إغراق السوق ألعراقية بألمنتجات ألتركية، وألعراق لن يستفيد منها لتنمية إقتصاده.
2 – قطر ألتي أنفقَت مئات ملايين الدولارات لإسناد داعش وتدخلّت بشكل سافر بشؤون ألعراق الداخلية، خصّصَت( 1 مليار دولار) للأستثمار.
3 – السعودية، قرّرت تخصيص( 1,5 مليار دولار) كإستثمارات وتسهيلات تجارية لصالح الشركات السعودية، مرةً أخرى يعني، إغراق ألأسواق ألعراقية بألمنتجات ألسعودية.
4 – إيران، ألمستفيد ألأكبر في ألمنطقة على ألصعيدين الجيوسياسي وألإقتصادي، وهي تتعامل مع العراق بكبرياء وغطرسة حول حقوق ألعراق ألمائية، وإسنادها لبعض المليشيات ألتي تريد فرض واقع ولاية ألفقيه على ألشعب ألعراقي بمختلف طوائفه وقومياته.
وألصورة أعلاه، تذكرنا ببضعة أبيات من قصيدة محمود درويش – مديح الظل ألعالي:
وأَنا التوازُنُ بين مَنْ جاءوا ومن ذهبوا
وأَنا التوازُنُ بين مَنْ سَلَبُوا وَمَنْ سُلِبوا
وأَنا التوازُنُ بين مَنْ صَمَدُوا وَمَنْ هربوا
حفاظاً على ماء الوجه وتدارُك ألأمور:
بعد أن عادَ الوفد ألرسمي ألعراقي محبطاً لعدم حصوله على ما كان مخططاً له في مجال جمع ألتبرعات ألمالية السخية، يُقال أنّ رئيس الوزراء ألعبادي قد يرفض ألقروض الممنوحة للعراق، بناءً على رأي البنك ألدولي ألذي يؤكد على عدم قدرة ألعراق على تحمّل المزيد من ألديون. وبلغَت ألقروض الممنوحة للعراق( 27 مليار دولار)… ومن جانب ألدول المشاركة، فقد منحَت ألعراق قروضاً سيادية تهدّد ثروات ألبلد في حال عدم تنظيم عملية إستثمارها. لقد توقع الوفد ألرسمي العراقي الحصول على مبلغ( 5 مليار دولار) على ألأقل، إلاّ أنه حصلَ على( 1,8 مليار دولار) فقط. وألبنك ألمركزي ألعراقي، من جانبه، أكّد خلال مؤتمر ألكويت عدم قدرة ألعراق على تحمّل أية قروض أخرى بعدما إقترضَ ألحد ألأعلى له في السنوات ألأربعة ألماضية، وسيبقى يُسـدّد القروض على مدى سـتة عقود قادمة !؟.
أخطار إزالة وجود ألعراق من الخريطة ألجغرافية:
ألكل منهمك في هذه ألأيام بين مَن ذهب إلى مؤتمر ألكويت لغرض ألحصول على ألهبات وألمكرمات ألتي يحلمون بألحصول عليها وبين مَن هُم شدّوا أحزمتهم لخوض ألإنتخابات النيابية ألقادمة… وجميعهم يتناسون ألخطر ألشاخص أمام الجميع، ألا وهو خطر شحة مناسيب مياه دجلة والفرات بسبب السياسة ألعدوانية لكل من إيران وتركيا… وهنا تنطبق أبيات شعر أخرى لذات الشاعر على ألسلطتين التنفيذية وألتشريعية:
في كُلِّ مئذَنةٍ
حاوٍ، ومغتصبٌ
يدعو لأندلسٍ
إن حُوصِرتْ حَلَبُ.
شيء إيجابي، عندما أصدرَ مجموعة من النواب / الشيعة/ بياناً مستنكرين فيه سياسة تركيا ببنائها ألسدود على نهري دجلة وألفرات، لكنهم لم ينتقدوا نهج الحكومة ألإيرانية بهذا المجال، حيث أنها / إيران/ تتعامل مع ألجانب ألعراقي في مشكلة المياه بتعالٍ وغطرسة لتركيع ألعراق، ولا تسمح بمناقشة ذلك الملف… ووزارة الموارد المائية / المسكينة/ لا تستطيع فعل شيء في ظل تخصيصاتها المالية الشحيحة من الموازنة السنوية ( 140 مليون دولار)، إذ يقع على عاتق تلك الوزارة آنياً فصل أنابيب مياه الشرب عن أنابيب مياه ألإرواء الزراعي، إضافةً إلى تبطين ألكثير من الجداول وفروعها إسمنتياً لتقليل كمية الضائعات المائية، ناهيك عن مشروع كيفية ألإستفادة من مياه البزل الفاصلة بين ألعراق وإيران لصالح إنعاش ألأهوار وتأمين جزء مما تحتاجة ألأراضي الزراعية.
إنّ موضوعة حل مشكلة ألمياه مع إيران وتركيا، تحتاج إلى قرار سياسي رسمي عراقي، وأعني هنا، إستخدام ألسلاح ألإقتصادي، وبألتحديد إغلاق أستيراد السلع من كلي البلدين، إضافةً إلى عدم السماح لشركاتهما بممارسة أي نشاط إستثماري في داخل ألعراق… لا بَل يجب تحذير إيران في حالة عدم إنصياعها بتنفيذ مطاليب العراق المائية، فسيتخذ ألعراق إجراءً يمنع قدوم الزائرين ألإيرانيين من زيارة ألعتبات المقدسة في ألعراق، لأنّ ألإمام الحسين لا يرضى بمعاناة وعذابات ألعراقيين بسبب ألعطش.