السيمر / الثلاثاء 09 . 05 . 2018 — قبل أيام على الانتخابات البرلمانية في العراق، المقررة السبت المقبل، كشف مصدر رفيع في ائتلاف دولة القانون، بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، عن وصول سعر المقعد البرلماني لنحو مليون ونصف المليون دولار أمريكي.
وقال المصدر، وهو مرشّح في الانتخابات،عن تلقيه اتصالاً هاتفياً من شخص مجهول، أبلغه أن هناك جهات (سماسرة) تتولى مهمة التنسيق مع المرشحين لبيع المقاعد البرلمانية، في الدورة المقبلة لمجلس النواب العراقي.
وطبقاً للمصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، فإن سعر المقعد البرلماني بلغ مليار و750 مليون دينار (نحو مليون و450 ألف دولار)، موضّحاً أن الشخص الوسيط أخبره أنه مستعد لإيصاله إلى السماسرة واللقاء معهم في مكانٍ عام لمعرفة تفاصيل الاتفاق.
وحسب المصدر، فإن زعيم أحد الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات وقّع مع السماسرة ودفع المبلغ المذكور، كما إن أحد المرشحين في إحدى الحركات السياسية، وقعّ أيضاً.
في الموازاة، كشفت حقوقية عراقية، عن تعرض بعض أهالي المعتقلين والموقوفين في البلاد، لـ«مساومات» من قبل مرشحين للانتخابات البرلمانية، لـ«أغراض انتخابية».
وقالت فاتن الحلفي، المسؤولة عن ملف العدالة الجنائية بـ«المفوضية العليا لحقوق الإنسان» (غير حكومية): «تلقيت مئات الشكاوى من أهالي المعتقلين والموقوفين من المحافظات المحرّرة من داعش، تؤكد تعرّضهم لمساومات من قبل بعض المرشحين، لأغراض انتخابية».
وأوضحت أن «مرشحين (لم تسمّهم) يقدمون وعوداً لذوي المعتقلين والموقوفين، بمتابعة قضايا أبنائهم لدى الجهات المختصة في القضاء، خصوصًا ممن اعتقلوا بسبب تشابه الأسماء مع مطلوبين آخرين، مقابل استمالتهم للتصويت لهم بالاقتراع».
وتابعت: «تم إخطار المفوضية بمتابعة هذه القضايا التي تعتبر خرقًا لقانون الانتخابات، ولشروط الدعايات الانتخابية، وهي أيضًا جريمة يحاسب عليها القانون».
ويستعد العراق، السبت المقبل، لإجراء انتخابات عامة، يتنافس فيها 7376 مرشحًا يمثلون 320 حزبًا وائتلافًا وقائمة على 328 مقعدًا في البرلمان، الذي يتولى انتخاب رئيسي الوزراء والجمهورية.
ويحق لـ 24 مليون عراقي الإدلاء بأصواتهم، من أصل 37 مليون نسمة إجمالي عدد السكان.
وتعد الانتخابات الحالية الأولى في البلاد بعد هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية»، والثانية منذ الانسحاب العسكري الأمريكي من البلاد عام 2011.
خروقات محتملة
وبرغم التأكيدات المستمرة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بصعوبة تزوير «النتائج»، وربما استحالتها، بسبب التقنية المتطورة لآلية التصويت وأنظمة العد والفرز، لكن تصريحات السياسيين غالباً ما تحذّر من «التزوير».
تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، رهن منع «الخروقات» بتطبيق المفوضية ثلاث نقاط أساسية.
المتحدث الرسمي لقائمة «تيار الحكمة»، محمد جميل المياحي، قال في بيان «ونحن نقترب من يوم الانتخابات، نجدد دعمنا للاجراءات القانونية والشفافة لمفوضية الانتخابات، وندعوها لعدم التساهل وأن لا تسمح لأي خروقات قد تحصل».
وترفض قائمة الحكيم «بشكلٍ تام» تأخير إعلان النتائج الأولية، كما تشدد على أهمية «تهيئة الظروف السليمة في اجراءات التصويت الخاص والمشروط، والسماح لمراقبي الكيانات والمنظمات ووسائل الاعلام من دخول جميع المراكز التي سيتم التصويت فيها»، حسب البيان.
ورأى المياحي أيضاً ضرورة «منع اي ضغوط تمارس على منتسبي القوات الأمنية من قبل مراتب عسكرية تعمل على إرغام المنتسبين والضغط عليهم لتغيير قناعاتهم»، فضلاً عن تشديده على أهمية «السماح لمراقبي الكيانات من التواجد في السجون والتسفيرات».
وهدد، بـ«الطعن بإجراءات الانتخابات، إذا تمت على أيدي موظفي دائرة الاصلاح التابعة لوزارة العدل، ويجب أن تتم العملية حصرا من موظفي المفوضية العليا».
«تصويت الخارج»
في غضون ذلك، تستعد فيه المفوضية المستقلة للانتخابات، لإجراء عملية «تصويت الخارج»، المقررة لمدة يومين (الخميس والجمعة)، والتي ستجري قبل يوم واحد من يوم الاقتراع العام في 12 أيار/ مايو الجاري.
وقالت المفوضية في معرض إجاباتها على الأسئلة المطروحة بشأن انتخابات الخارج، إن الذين يحق لهم المشاركة في التصويت هم «كل عراقي من موالید 2000 فما قبل»، مبينة أن الوثائق المطلوبة للسماح للناخب بالتصويت هي «وثیقتان؛ وثیقة أساسیة وعلى أساسھا تحدد عراقیته ومحافظته، إضافة إلى وثیقة ساندة عراقیة أو غیر عراقیة».
إجراءات مفوضية الانتخابات، لم تقنع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، التي عبّرت عن قلقها من التلاعب بنتائج انتخابات الخارج.
رئيس اللجنة، عبد الباري زيباري، قال في تصريح، إن «هناك تنسيقا إلى حد ما بين الجهات المعنية، لكن العملية لن تكون خالية من الملاحظات والثغرات».
وأضاف «ليست لدينا معلومات كافية حول الموضوع، وحتى الوزارات المعنية لا تملك معلومات دقيقة مائة بالمائة، بشأن تصويت العراقيين في الخارج».
واشار إلى أن «المخاوف تزداد في التصويت الذي يجري في الدول الإقليمية المجاورة للعراق».
وتابع: «هذه الأمور تقلق العراقيين والسياسيين معاً، وستكون هناك جملة من التساؤلات»، داعياً المفوضية إلى أن «تبدي اهتماماً اكبر بهذا الجانب، وإن كان الأمر اكبر من طاقتها وقدراتها».
رئيس هيئة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في إيران حيدر الحسيني، أعلن أن ما يقارب 100 ألف من الجالية العراقية سيدلون بأصواتهم يومي العاشر، والحادي عشر من الشهر الجاري في تسع محافظات إيرانية، منوها إلى أن عدد المصوتين قابل للزيادة.
وقال في تصريح صحافي : «يوجد 14 مركزا انتخابيا في تسع محافظات إيرانية تتواجد فيها الجالية العراقية، مبينا أنه حسب وزارة الخارجية العراقية فإن قرابة 100 الف عراقي لهم حق المشاركة، والتصويت في الانتخابات».
وأضاف أن «السفارة العراقية في طهران توقعت زيارة عدد المصوتين ليصل إلى 130 الفاً»، مشيراً إلى أن «الجالية العراقية سيدلون بأصواتهم في 15 دولة تتصدرها إيران، والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا».
احتكار السلطة
الحزب الشيوعي العراقي، المنضوي في ائتلاف «سائرون»، المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يعوّل من جانبه على أصوات «الجالية العراقية» في خارج العراق لـ«منع» احتكار السلطة.
سكرتير اللجنة المركزية للحزب رائد فهمي، قال في بيان «ستفتح مراكز الانتخابات في بلدان المهجر أبوابها لتستقبل الناخبين من أبناء شعبنا»، مؤكداً أن «هذه الانتخابات لمجلس النواب تحظى باهتمام كبير، ومن المتوقع لها أن تكون لحظة سياسية فارقة يمكن أن تفتح باباً نحو التغيير والاصلاح، ومن ارهاصات ذلك شدة وضراوة المنافسة الانتخابية التي اتخذت أشكالاً عنفية متعددة بدءاً من تمزيق صور المرشحين وملصقاتهم إلى التسقيط السياسي والاجتماعي وصولاً إلى حالات التهديد والاغتيال».
وأضاف فهمي، مرشح ائتلاف سائرون في بغداد، ويحمل التسلسل 3، أن «إمكانية كسر احتكار السلطة وتغيير موازين القوى لا تتحقق إلا بالمشاركة الواسعة لدعاة التغيير ومناصريه، وهذا يسري على المواطن ـ الناخب في داخل الوطن كما في خارجه».
وتابع: «من الهام الآن تتويج كافة النشاطات والفعاليات عبر التوجه نحو صناديق الاقتراع والتغلب على حالات العزوف التي غالباً ما يكون مبعثها الاحباط»، لافتاً إلى أن «في هذه اللحظات الحاسمة نتوجه إلى بنات وابناء جاليتنا العراقية في الخارج أن يحسموا قرارهم لجهة المشاركة الواسعة في الانتخابات، خصوصاً بعد أن سهلت المفوضية أمر التصويت في بلدان عدة».
وشدد على ضرورة «اختيار القوائم الداعمة والمطالبة بالتغيير وتحمل برامج واضحة وملموسة وتوجهاً صادقاً نحو بناء دولة المواطنة، المدنية الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتتبنى منهجاً حازماً في اصلاح الدولة ومحاربة الفساد ووضع البلاد على طريق التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة العراق، اقليمياً ودولياً، عبر علاقات متوازنة على اساس المصالح المشتركة».
المصدر: القدس العربي