متابعة السيمر / الاحد 23 . 09 . 2018 — لم ينجح الاجتماع الذي عقده حزب الدعوة الحاكم في العراق، أمس السبت، بحضور زعيميه رئيس الحكومة حيدر العبادي، وسلفه، الأمين العام للحزب، رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في التوصل إلى حلول توافقية للتقريب بين الجانبين، بسبب عمق الخلافات بينهما، وسط مخاوف من خروج منصب رئاسة الوزراء من دائرة الحزب.
وقال مسؤول سياسي في حديث مع “العربي الجديد” إن الاجتماع لم يتوصل إلى توافق بشأن التقريب بين المالكي والعبادي، مبينا أنّ “أيا من الطرفين لم يقدم تنازلاً للآخر”. وأوضح أنّ “العبادي أصر على موقفه بأن يكون هو المرشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، بينما رفض المالكي ذلك، ودفع باتجاه تقديم مرشحين من الحزب، كحل وسط، ويكون التصويت عليهم داخل الحزب لاختيار أحدهم، الأمر الذي لم يقبل به العبادي”. وأشار المسؤول نفسه إلى أنّ “الاجتماع انتهى من دون أي توافق بشأن منصب رئاسة الحكومة”، مؤكدا أنّ “قادة الحزب حذّروا من خطورة استمرار الخلاف، ما قد يدفع باتجاه حرمان الحزب من المنصب، وخروجه إلى جهات أخرى”. وأكد، أنّ “الحزب يعوّل على أن يتم تذليل العقبات بين العبادي والمالكي، خلال اجتماعات أخرى، وخلال عقد المؤتمر العام للحزب”.
وتبذل قيادات في حزب الدعوة منذ أيام جهوداً حثيثة من أجل تقريب وجهات النظر بين المالكي والعبادي، في مسعى للاحتفاظ بمنصب رئاسة الوزراء. وتمكن الوسطاء من إقناع المالكي والعبادي بالجلوس على طاولة واحدة، أمس السبت، بحضور أعضاء مجلس شورى “الدعوة”، ما عزز الأجواء التفاؤلية باحتمال التوصل إلى تسوية بين العبادي والمالكي قبل أن يفشل الاجتماع.
وأكد عضو بالحزب لـ”العربي الجديد” أن “الهدف الأساس من الاجتماع هو تقريب وجهات النظر بين الرجلين، بعد خلاف بينهم دام لأكثر من أربع سنوات، منذ تولي العبادي رئاسة الوزراء عام 2014”. ولفت إلى أن “المجتمعين أكدوا على ضرورة العمل بجدية من أجل احتفاظ حزب الدعوة بمنصب رئاسة الوزراء، والاتفاق على مرشح واحد للحزب، يمكن أن يحظى بقبول بقية الأطراف السياسية”، موضحاً أن “الأيام القليلة المقبلة ستشهد توجهاً جديداً يحظى بالإجماع داخل حزب الدعوة، الذي يجب أن يمارس عمله التنفيذي والتشريعي وفقاً لاستحقاقاته الانتخابية، وبناء على ما اكتسبه من خبرة في إدارة العراق لمدة 13 عاماً مضت”. مع العلم أن “الدعوة” بدأ بحكم العراق منذ عام 2005، حين تولى إبراهيم الجعفري، وهو أحد قيادييه، رئاسة الحكومة، قبل تسليم السلطة للمالكي عام 2006، ثم في عام 2014، بدأ عهد العبادي.وفي السياق، قال القيادي في ائتلاف دولة القانون (ائتلاف المالكي) سعد المطلبي، وهو من المقرّبين للمالكي، إن “المرحلة المقبلة ستشهد انفراجة داخل حزب الدعوة، يمكن أن تنفع الحزب في مسألة الدفع بمرشحه لرئاسة الوزراء”. وأضاف أنه “حتى في حال دفع حزب الدعوة بالعبادي كمرشح لرئاسة الوزراء، فان ذلك ينبغي أن يتم في ظل تقديم ضمانات للمالكي”، مؤكداً أن “منصب رئيس الحكومة لا يمكن أن يحسم ما لم يحدث شيء يرضي أميركا وإيران”.
وتابع أن “القوى السياسية العراقية تحترم رأي حزب الدعوة الذي يمتلك خبرة في إدارة الدولة”، مبيناً أن “تحالف الفتح (الجناح السياسي لمليشيا الحشد الشعبي)، سيكون مؤيداً لأي قرار يتخذه المالكي، بسبب العلاقة الوثيقة بينهما”. وأوضح أن “مسألة حسم تشكيل الحكومة المناطة بالقوى الشيعية، بدأت تأخذ منحى يتجه نحو الحل الذي لا بد أن يوجد في النهاية، فكل شيء وارد في السياسة”. وجاء هذا الحراك داخل “الدعوة” بعدما وصلت الانقسامات داخل الحزب إلى مستويات خطيرة، دفعت ثلاثة من أبرز قياداته إلى إصدار بيان مشترك قبل أيام “يحذّر من استمرار تشظي الحزب”.وحمل البيان توقيع الشيخ الزهيري، وأبو منتظر طارق، وأبو جعفر الركابي، وهم أعضاء في شورى الحزب، وجاء فيه: “نكتب لكم في هذه اللحظات الحرجة التي تمرّ بها بلادنا، ويمرّ بها الدعوة، الذي يراد له أن يكون نسياً منسياً، ويصير تراثه نهباً على يد أبنائه، فكانت فتنة القائمتين (النصر، ائتلاف دولة القانون) التي عايشتم تفاصيلها وجزئياتها”، متهماً العبادي بـ”رفض الاندماج بين القائمتين”.
وأضاف أن “القانون ذهب إلى الفتح، وسار النصر خلف سائرون، ونحن ذهبنا إلى أخينا هذا مرة، وعدنا إلى الثاني مرة أخرى من أجل التقارب والالتحام”. وتابع البيان “نأمل موافقة العبادي على الالتحام مع ائتلاف المالكي، ليتزعم حزب الدعوة كتلة كبيرة تقارب السبعين مقعداً، تكون فاعلة ومؤثرة في المشهد السياسي العراقي بشقيه التنفيذي والتشريعي”.إلى ذلك، قال القيادي في تحالف النصر، علي السنيد، وهو مقرّب من العبادي، إن “رئيس الوزراء العراقي حضر اجتماع حزب الدعوة، من أجل المساهمة في توحيد صفوف الحزب”، مؤكداً في تصريح صحافي، أن “العبادي حاول من خلال حضوره اللقاء التقليل من حدة التوترات السابقة مع قيادات الحزب”.
في هذه الأثناء، واصل تحالف الفتح برئاسة القيادي في مليشيا “الحشد الشعبي” هادي العامري، وتحالف سائرون التابع للتيار الصدري، اجتماعاتهما للتوصل إلى مرشح رئاسة الوزراء الجديد. وقالت مصادر مقربة من اجتماعات التحالفين إن “الحوارات المتكررة تمكنت من تقريب وجهات النظر بين الجانبين”، مشيرة في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى “وجود توجه للتوافق على مرشح رئاسة الحكومة، شريطة أن يكون من خارج التحالفين (الفتح وسائرون)”.
وأكد القيادي في تحالف سائرون، أمين الشمري، أن “البرنامج الحكومي الذي سيقدمه رئيس الوزراء الجديد، سيكون أهم من انتمائه”، لافتاً في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى “وجود اتفاق داخل تحالفه يشدد على ضرورة توفر شروط المرجعية الدينية في المرشح لرئاسة الحكومة”. وشدّد على “ضرورة منح الكفاءات النزيهة فرصة لتولي مناصب تنفيذية في الحكومة الجديدة”، مبيناً أنه “ينبغي أن تكون وطنية وعابرة للطائفية”.
من جهته، أكد عضو البرلمان عن تحالف الفتح عامر الفايز، أن تحالفه “اتفق مع تحالف الإصلاح والإعمار (تحالف العبادي ــ الصدر) على تسمية رئيس الوزراء الجديد”، مبيناً في حديث صحافي، أن “الإعلان عن مرشح رئاسة الوزراء سيكون بعد التصويت على رئيس الجمهورية مباشرة”. ومن المقرر أن يصوّت البرلمان في جلسته التي سيعقدها يوم الثلاثاء المقبل، على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية، فيما تتصاعد الخلافات الكردية ــ الكردية بشأن المنصب.
وأكد أحد أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني، أن “الحزب سيعلن عن اسم مرشحه لرئاسة العراق”، مبيناً في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “حزب البارزاني يعتقد أن المنصب من حصته، بعد حصوله على أكثر عدد من المقاعد البرلمانية من بين الأحزاب الكردية (25 مقعداً)”. إلا أن الاتحاد الوطني الكردستاني أعلن عن تمسكه ببرهم صالح كمرشح وحيد لرئاسة العراق.
وقال عضو مجلس قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني فريد أسسرد، إن “وجود مرشح للحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية سيؤثر على العلاقات بين الحزبين”، مبيناً في حديث نقله الموقع الرسمي لـ”الاتحاد الوطني”، أن “برهم صالح يجب أن يكون هو المرشح الوحيد”. كما أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، غازي كاكائي، أن برهم صالح مرشح حزبه الوحيد، “ولن يتم تغييره تحت أي ظرف”، موضحاً أن “الأيام المقبلة ستشهد حوارات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل إقناعه بترشيح صالح لرئاسة العراق”.