السيمر / فيينا / الأربعاء 17 . 04 . 2019
عبد الجبار نوري
أمريكا اليوم تختلف عن الأمس برئيسها المهوس ترامب الرقم 45 ، ربما كان الأسلاف من 44 وما دون ينظرون إلى معادلة الحقل والبيدر مع الشعوب المقهورة بالقبول بالمقسوم فأما الحقل أو البيدر ، لكون كان هناك توازن دولي بوجود منظومة الأتحاد السوفييتي والدول الحُرة التي في فلكها مع وجود البعض من ( النداوة ) في جبين قادة العرب ، واليوم في غياب ثقل الموازنة وفقدان تلك قطرة الماء اليتيمة من على جبين أصحاب القرار السياسي العربي والهرولة المذلة في عار التطبيع مع المغتصب للأرض العربية لهذا أستقوى ترامب بأحادية قطب الرحا ، فأخذ يتعامل مع الخلايجة وعموم العرب بمصادرة الحقل والبيدر .
ماذا تريد واشنطن ؟! ترك صراعات المنطقة للقوى العربية الحليفة للتخفيف عن الجيش الأمريكي ، وتمكن واشنطن من أحتواء الدول العربية الخليجية الثرية بالمال النفطي وتوجيهها إلى التطبيع مع أسرائيل ، وترويج لسوق السلاح وردت أمريكا لهذه الدول أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً حيث باعت للنظام السعودي 3-1 مليار دولار في حربها على اليمن .
وهوبالحقيقة تحالف أمني في الشرق الأوسط (مقترح) تشكيلهُ قبل أجتماع عُقد يوم الأحد الماضي في الرياض وهو دفعة جديدة في أطار السعي لأحياء الجهود التي يقودها البنتاكون لجمع الحلفاء العرب في معاهدة أمنية سياسية للتصدي لتوسع النفوذ الأيراني وللحد من نفوذ روسيا والصين المتزايد في المنطقة ، بالأضافة إلى التوجه الأمريكي الجديد التمحور حول الأنسلاخ من المنظمات الدولية والتخلي عن ألتزاماتها التي كلفت الخزينة الأمريكية عقوداً ، بشعار: أمريكا أولا يتضمن تخفيف الأعباء الأقتصادية عن الخزينة وتحميل الشركاء الحلفاء أكبر قدر ممكن من تلك الأعباء ، فهو مجرد أقتراح ولكن بدرجةٍ ( محمومة ) من قبل صقور الكونكرس الأمريكي وبأتفاق الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، وخاصة اليمينين منهم ، وهو بالحقيقة يمثل نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) وهوربما يعتبره الأعلام اليميني المتطرف في واشنطن وتل أبيب ( هندسة أستراتيجية لأدارة ترامب في أحتواء أيران ) وهو بالحقيقة وسيلة لحلب البقرة الخليجية النفطية تحت ذريعة تعزيز قدراتها الدفاعية أستعدادا لمواجهة البعبع الأيراني عسكريا ، والتمدد الروسي الصيني من الناحية التجارية والأقتصادية ، ويضم هذا التحالف ثمان دول هي أمريكا والسعودية والأمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان وكذلك الأردن .
وأرى أن هذا التحالف سوف يجد صعوبة في بلورتهِ ، وقد لا يرى النور ولا يمرْ وذلك :
-لأنسحاب مصر من التحالف يوم الخميس 11/4/ 2019 بدليل أنّها لم ترسل وفداً إلى الأجتماع الذي عُقد يوم الأحد في الرياض ويمثل هذا الأنسحاب ضربة لمساعي أدارة الرئيس دونالد ترامب لأهمية مصر ذات التأريخ العريض وصاحبة أكبر جيش في الشرق الأوسط لأجل أحتواء النفوذ الأيراني وكذلك لتشككها في جدية المشروع الذي هو مجرد أقتراح فالأنسحاب المصري يمثل أحدث أنتكاسة لمبادرة أنشاء هذا التحالف في الشرق الأوسط وقد أبلغتْ قرارها للولايات المتحدة الأمريكية .
– أضافة إلى مجهولية وغموض الذي يحيط تجدد ولاية ترامب للأربعة سنوات المقبلة وأخذت الفكرة تتعقد لمعطيات الساحة الدولية في الغضب الدولي الذي أعقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 وأشارت أصابع الأتهام التركية والدولية ألى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .
– المقاطعة الأقتصادية والسياسية لقطر بقيادة السعودية من الصعوبة أنسجام قطر مع حلفائها الذين أوصلوا المقاطعة لحد كسر العظم وأن الحلف يزج بدول الخليج بحربٍ أقليمية وهذا ما لا يتفق مع توجهات قطرالسلمية مع أيران شريكتها في حقول تصدير الغاز السائل .
– تجاهل الحلف المزمع تأسيسهُ للخطر الصهيوني وهو أحد أهم العوامل المؤثرة في تعجيل ووأد هذا التحالف المسخ ، وأن هذا الحلف يفتقد الدعم الشعبي خصوصاً في مصر والأردن المتعبة أقتصادياً ، وهو أساسا حلف طائفي يثير النزعات الطائفية التي أحرقت نارها المجتمع العربي لسنين طويلة كالحرب الأهلية اللبنانية مدة 15 عام والحرب الطائفية في العراق بين 2006- 2014 ، بأعتقادي أن تأسيس هذا الحلف في هذا الوقت الملغوم والمأزوم هو بمثابتة بث الضبابية على الحماقات السياسية للرئيس ترامب في نقل سفارتها إلى القدس تمهيدا لجعلها عاصمة للكيان المغتصب وكذلك سيادة أسرائيل على الجولان السورية المحتلة مما زادت سخط شعوبها والرأي العام العالمي .
– أن مثل هذا التحالف المحتوي على فقرات جديدة تخالف روح التحالفات التأريخية ربما تزج بالمنطقة إلى ما حدث قبل الحربين الكونيتين بحمى تأسيس المحاور تزج بالمنطقة لحروب عبثية حرائقها تلتهم الأوطان وشعوبها .
– أحتدام التناقضات العربية وصعوبة تحديد مصادر التهديد هل هي أيران أم داعش الأرهابي أم أسرائيل أم من جماعات محلية خارجة عن سلطة الحكومات المركزية أم أعداء اللوبي الأمريكي الكثر في العالم ؟ .
– ومن الأسباب المؤثرة والقوية أزمة الخليج مع قطر وفرض دولها حصاراً خانقاً عليها براً وبحراً وجواً خلقت بؤرة من العداء شعبيا وحكوميا من المستحيل خروج مثل هذه الفكرة وخصوصا في تحالف عسكري ، وأساس هذا العداء المستحكم يرجع إلى أنخفاظ مستوى الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء ، لطبيعة تحديات الدول العربية العسكرية ، وأختلاف تلك الدول في العلاقات مع أيران ، فالدول المتشددة والكارهة لأيران هي السعودية والأمارات والبحرين أما عمان والكويت وقطر فلهم علاقات جيدة مع أيران .
– وللحلف تداعيات خطيرة على أمدادات الطاقة الخليجية والأيرانية للأسواق الآسيوية ، فاتورتها ثقيلة على المنطقة وأنهُ يدفع إلى المزيد من الصراعات وخلخلة الأستقرارفي المنطقة لدى ( بعضها ) نظم ديمقراطية حافظت على الأمن في زمن الحرب الباردة .
17 /4/2019