السيمر / فيينا / الأربعاء 01 . 05 . 2019 — رأى محللون، الثلاثاء، أن ظهور زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، في مقطع مُصوّر علني نادر هو الثاني له منذ 2014، كان رسالة بأنه ما يزال على قيد الحياة، وأنه ما يزال يرأس التنظيم، وأن تنظيمه ما يزال قادراً على العمل عبر شبكاته السرية بعد سنوات من التخفّي عاشها منذ ظهوره الأول في مسجد النوري بالموصل، عام 2014، معلناً إنشاء “دولة الخلافة” المزعومة. وقال كولين كلارك، زميل مركز صوفان للأبحاث، لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن “البغدادي ظل مدة طويلة مختفياً، ويبدو أن ظهوره العلني هو محاولة لدعم أنصاره ومقاتليه المتبقين، وأيضاً حافز للجماعات الصغيرة من أجل التحرك”. ويسعى البغدادي لتأكيد أنه ما يزال متربعاً على قمة القيادة في التنظيم، لا في سوريا والعراق وحسب، وإنما على نطاق واسع، ولكن التنظيم لم يعد يملك مميزات كثيرة. وليس واضحاً متى ولا أين جرى تسجيل الفيديو، لكن الصحيفة الأميركية لفتت إلى أن الأجزاء الأخيرة من الفيديو أشار فيها إلى الأحداث في سريلانكا، ما يوضح أنه ربما جرى تسجيله من فترة وجيزة، مع إضافة أجزاء صوتية لأحداث وقعت لاحقاً. وقد تغير الكثير بالنسبة إلى داعش منذ ظهوره عام 2014 وإعلان البغدادي ما يسمى دولة الخلافة من الموصل، فقد كان التنظيم أكبر من مجرد مجموعة مقاتلة، وكان يحكم مساحة دولة كبيرة وفقاً لأيديولوجيا متطرفة، بحسب الصحيفة. هذه الفكرة جذبت عشرات الآلاف من الأتباع للتنظيم من مختلف أنحاء العالم، ممن سكنوا دولة بحجم بريطانيا امتدت عبر العراق وسوريا، وكان عدد سكانها الملايين من الناس. وتقول “نيويورك تايمز”، “الآن انتهت هذه الدولة، ولم تعد هناك أرض تسيطر عليها، فبعد أربع سنوات من قيامها مُنيت بهزيمة كبيرة، الشهر الماضي، على يد القوات المدعومة أميركياً في بلدة الباغوز بدير الزور شرقي سوريا، آخر البقاع التي كان عناصر التنظيم يسيطرون عليها”. وعلى الرغم من الحديث عن هزيمة داعش، يُعتقد أنه ما يزال لديه الآلاف من المقاتلين الذين ينتشرون بين العراق وسوريا. ومع أن داعش فقد أراضيه في العراق وسوريا، فإن شبكته توسعت في الخارج، وبات لديه العديد من الأنصار والأتباع والفروع في دول العالم، وما حصل في سريلانكا مثال على ذلك، حيث تسببت الهجمات التي تبناها التنظيم بمقتل المئات. ولا يعرف الكثير عن مكان وجود البغدادي، ولا كيف أمضى سنواته الخمس الماضية، حيث كان نادر الظهور العلني، بينما وجه رسائل صوتية عدة من وقت لآخر لتوجيه أتباعه ومقاتليه، ويبدو أنه كان يتحاشى الظهور عبر الفيديو كجزء من احتياطاته الأمنية. وتفيد أكثر التقارير الأمنية، بحسب الصحيفة الأميركية، بأنه ربما يكون في الصحراء ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التي تمتد على طول الحدود بين العراق وسوريا. ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية ومكافحة الإرهاب إن البغدادي يتجنّب جميع الأجهزة الإلكترونية التي يمكن أن تحدد موقعه. وكانت واشنطن قد أرسلت قوة الدلتا المتخصصة لاغتيال البغدادي، وعلى الرغم من التقارير الكثيرة التي تحدثت عن مقتله فإنه يبدو أن تلك المحاولات قد فشلت. ويبدو البغدادي في الفيديو الذي بثه التنظيم، يوم امس الاثنين، عبر مؤسسته المعروفة “الفرقان”، نشطاً على الرغم من الهزيمة التي لحقت بتنظيمه، وأنه ما يزال يتابع ما يجري حوله، حيث لفت في إشارة عابرة إلى الانتخابات الإسرائيلية، وأيضاً الاحتجاجات التي أطاحت برؤساء السودان والجزائر. ويقول الخبير الأمني العراقي، هشام الهاشمي، إن البغدادي حاول “تنفيس الغضب والوجع الذي عانى منه أعضاء التنظيم في الباغوز من خلال الحديث عن عملياته الاخيرة في سيريلانكا والسعودية والتي دعاها بعمليات الثأئر”، مشيرا إلى أن الظروف التي تعرض لها اعضاء التنظيم في الآونة الاخيرة تسببت “بيأس كبير وإحباط شديد”. وأضاف، أن البغدادي “استخدم مصطلحاً جديدا قد تكون له دلالات معينة في وقت ما وهو مصطلح (جزيرة محمد ) رغم ان المصطلح السائد في خطاب الجماعات المتطرفة ومن بينها القاعدة هو (جزيرة العرب) وقد ورد هذا اللفظ في احاديث نبوية، غير ان البغدادي كرر هذه المفردة عدة مرات ما يؤكد قصدية الاستخدام واحتمالية الدلالة باتجاه معين”. **** المصدر / ناس