السيمر / فيينا / الاربعاء 11 . 09 . 2019
مصطفى منيغ / المغرب
للسيدة”أهافا”أمنية العودة للعيش في مدينة وجدة المغربية لتزور متى أرادت “عين بني مطهر” مرتع الصِّبَا بالنسبة لوالدها ومن قبله جدها ، القرية الصغيرة الجاثمة على أساطير منقولة جيلا بعد جيل منزهة عن المبالغة المثخنة بالعِبر الضاربة في قدم بعض أقوياء البشر تمكنوا من السفر انطلاقا من الجزيرة العربية وغيرها من أمصار أبعد منها، ليكوِّنوا فوق مساحة من الأرض المغربية تتواصل حتى ما يسمى حاليا “بتندرارة” شرقاً مروراً “بجرادة” الى مشارف “وجدة” غربا” مجتمعاً توحَّدت جذوره عبر القرون، بقي منه، قبائل ” أولاد سيدي علي بوشنافة” و”بني كيل” و “أولاد سيدي عبد الحاكم”وغيرها، دون إغفال اليهود الذين لهم مع الموقع ما يستحق الذكر وبإسهاب ، من هذا الجانب أخذتني “أهافا” للتعاطف معها ما دامت تحن لنفس القرية التي قضيتُ فيها شخصياً جزءً لا يُستهان به من حياتي ، مُقيما في “دوار الزياني” إقامة طبعت فكري بسلسلة من الروابط الاجتماعية المساهمة أصبحت في إدراك معاني الرجولة الكاملة والثبات على الحق ، والانتظار الشجاع لسماع رد الفعل عن رأي جهرتُ به . فيها تعلمت المشي مهتديا بالنجوم ، وتذوقت لحم “الحبارة” و”الترفاس” بطاطس الصحراء ، والكليلة المحضرة من اللبن المجفف ، والعديد من المواد الغذائية الصحية المواكبة للحياة الصحراوية . هنا تتعانق ذكرياتي بأصول عائلة “أهافا” المرتبطة بوجدة زيري بن عطية ومن سار على دربه دفاعا عن المغرب دولة وأمة من ألف سنة ونيف حتى الآن ، وجدة التي لها من اليهود المغاربة المنتسبين إليها في إسرائيل ما يجعل تقاليدها تُطبق هماك بكل الوفاء لعهد لا ولن يتبدد ما دام حنين الآلاف يسافر لفضائها كل يوم .
… بمعايشتي بعض الأحداث عن كثب، ومشاركتي في العديد من النقاشات مع ذوي الاختصاص المنتمين لإسرائيل، اكتشفت أن المغرب الدولة العربية الوحيدة الموقرة من طرف جهاز المخابرات الإسرائيلية ، والمُبعدة كليا مما طبَّقته بجهد جهيد في مصر والسعودية والامارات وسوريا والأردن وسلطنة عمان وموريتانيا وليبيا وأخيرا العراق ، هذا راجع قي المقام الثاني لربع سكان إسرائيل من أصول مغربية ، أما الأول للدور التاريخي الذي قام به الملك الراحل محمد الخامس حماية لليهود من البطش الألماني / الاسباني ، مانحا لهم أغلى الفرص للحياة في أمان مهما اختاروا ذلك من مناطق مغربية على غرار أجدادهم الذين شكلوا
جزءً من السكان الأصليين للمملكة المغربية مذ كانت دولة بالمفهوم القانوني للدولة ، أما المقام الثالث فراجع للسياسة الخارجية التي سنَّها الملك الراحل الحسن الثاني تجعل المغرب ينأى رويدا عن بعض الدول العربية المشرقية التي فطن مبكرا أنها تتصرف في القضية الفلسطينية بوجهين متناقضين بعضهما البعض، مفضلا مواجهة المستجدات في حينها بموقف مغربي مستقل يتحمل تبعاته بذكاء نجَّاه من التورط فيما لا يُحمد عقباه .
… أرادت الذكية “أيمونة” أن تلطف الجو بأثقل منه حالما أحست بغيرة النساء، أن “أهافا” توطد مقعدها داخل أسرة الأربعة ، الشيء الذي عزمت إبعاده لسبب الأكيد أنها على دراية به فجعلته مدخلا لما يجول في خاطرها ، لذا غامرت بسؤال المعنية في موضوع سري يخص الجهاز في العمق ، لتفهمني بطريقة غير مباشرة أن دموع المرأة نوعان أحدهما التعبير عن الحشد الضاغط على الصدر الذي ضاق بحجم المسؤولية الزائدة عن قدرة احتمال صاحبتها ، وثانهما المراوغة لربح المزيد من الوقت حتى تستعد بكل ما قد تستعمله من وسائل لتحقيق مرادها ، عكس الدموع المتفجرة عن ألم حقيقي، إذا تأملتَ بتركيز في وجه المعنية، مهما كانت، وجدتها خالية من تصنع أو صفة من صفات الدلال الأنثوي المستعمل كشبكة الصيد. سألتها:
– متى تلتحقين بالأردن ؟؟؟.
…بدأ الاصفرار يخطط على وجهها علامة الارتباك المصحوب بالحيرة، فلم تسعفها اللحظات التي قضتها مركبة الجواب الممكن إقناع السائل به، بحيث أضافت السائلة ما يشجعها على الكلام بطلاقة دون تشنج أو تحفظ أو خوف ممَّا قد يحصل قائلة:
– مصطفى لم نتخذه أستاذا لنا فقط بل نبضة انطلاق من نبضات قلوبنا نحن الثلاث أنت أعلم بهن والارتباط المشروع المقدس الرابط بيننا وهو رابعنا ، حقيقة لم نناقشه يوما ما في عملنا ولكن بذكائه ظل يتابع عن بعد ما يجري على ساحة ذاك الجهاز دون تدخل لا من قريب ولا من بعيد مما احترمه الجهاز فابتعد عن التدخل في حياتنا ، فأن كنت تدعين استعدادك الالتحاق بأسرتنا الصغيرة انطلاقا من تعلقك الروحي بالأستاذ مصطفى فأجيبي عن السؤال:
– متى تلتحقين بالأردن ؟؟؟.
– في غضون هذا الأسبوع الذي نقضى بعضه ابتداء من الغد في إسرائيل ومن هناك سننفذ العبور إلى الأردن في توقيت محدد لم نعرفه حتى الآن،
– وما القصد من ذلك؟؟؟.
– التخفيف من ضغط جماعة الإخوان على القصر الملكي الأردني .
– وكيف علمت بذلك ؟؟؟.
– من مدة غير قصيرة ونحن داخل دورة تدريبية للتمكن من قضاء المهمة على الوجه الأكمل دون ترك ما يشير إلينا كدليل، طبعا العملية سرية للغاية شعارها بيننا “شمعون”.
– هل أنت مستعدة للذهاب؟؟؟.
– ما في اليد حيلة ، أنت ادرى بالتكوين العسكري ، والالتزام المترتب على تحمل مثل المسؤولية ، فكل تملص قائم على أساس واهم يترجم مباشرة بالخيانة والأخيرة عقابها معروف .
– ما الذي جعلك تفشين هذا السر؟؟؟.
– لأعطي به الدليل عن تعلقي الشديد بالأستاذ مصطفى على أمل أن أكون بينكم الخامسة.