السيمر / فيينا / الثلاثاء 15 . 10 . 2019 — تشهد الأوساط السياسية حديثاً متزايداً عن إجراء انتخابات مبكرة، وحل الحكومة والبرلمان الحاليين، في ظل تصاعد الغضب الشعبي من التردي الحاصل في الخدمات العامة، فضلًا عن قمع الاحتجاجات الغاضبة التي خرجت مؤخراً مطلع الشهر الجاري.
وطرحت أوساط معنية عدة حلول كان بينها إجراء انتخابات مبكرة، وبإشراف أممي، لاختيار رئيس للوزراء وبرلمان جديد، بعد تعديل قانون الانتخابات الحالي الذي تراه جهات سياسية يكرس النظام القائم، ويعزز نفوذ الأحزاب الحالية.
وطالب رئيس ائتلاف النصر، حيدر العبادي، يوم الاثنين، قادة الأحزاب والكتل السياسية، بإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مبكرة قبل نهاية العام الجاري 2019، وتقديم المتورطين بقتل المتظاهرين إلى العدالة، والاعتذار للشعب العراقي.
ودعا العبادي، في بيان، “الكتل السياسية إلى تشكيل محكمة قضائية مستقلة لحسم سريع ونزيه وعادل لجميع ملفات الفساد، والدعوة لانتخابات برلمانية ومحلية مبكرة، على ألا يتجاوز سقفها 2020، مع تعديل قانون الانتخابات الحالي، وضمان آلية انتخابية نزيهة وبإشراف أممي على نزاهتها”.
وأكد ضرورة أن “تقوم الحكومة الحالية بإجراءات سريعة لحصر السلاح بيد الدولة وتجريم أي وجود مسلح خارجها، والتعهد بفك الارتباط بين أي عمل سياسي وعسكري، وأن تتعهد الحكومة الحالية بالعمل لفرض القانون على الجميع وكشف المتمردين على الدولة، والعمل بموجب الدستور والقوانين النافذة لضمان سيادة الدولة على أراضيها وثرواتها وقرارها الوطني بما فيه تصحيح العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان”.
لكن مراقبين يرون صعوبة في تطبيق هذا المقترح (الانتخابات) في الوقت الراهن، بسبب انعدام الرغبة السياسية من قبل الكتل المسيطرة على مجلس النواب، فضلًا أن الانتخابات المبكرة ستنتج نوابا بنفس التوجهات والأفكار، إذ يسيطر على البرلمان الحالي 7-8 قيادات سياسية، وينضوي في كتلهم أغلب نواب البرلمان، وهو ما يعني عدم إمكانية الخروج على قراراتهم ورؤاهم السياسية.
ويرى المحلل السياسي أحمد العبيدي أن “الانتخابات المبكرة بإشراف أممي يمكن أن تكون طوق النجاة للعراق من الوضع الراهن، في حال تمت بالصورة المثلى، لكن واقع الحال يعاكس تلك الطموحات، حيث إن المأزق العراقي مركب، وأحد تلك المآزق هو غياب الوعي الانتخابي، والاختيار في كل مرة على أساس المذهب والدين والطائفية، وهو ما فاقم الوضع بشكل كبير”
وأضاف العبيدي في تصريح صحفي أن “هذا المقترح يمكن تطبيقه في حال مطالبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشكل حقيقي وليس أمام الإعلام، بما يملكه من ثقل سياسي وجماهيري كبير، وكذلك موافقة هادي العامري المقرب من إيران، مع تهيئة الأجواء الملائمة لذلك”.
وأشار إلى أن “تغيير الحكومة والشخوص ليس بالمهم، بقدر أهمية تغيير السياسات والإطار الذي يعمل فيه هؤلاء الأشخاص، وتغيير بيئة الفساد والبروقراطية القاتلة، التي تسمح للجميع بالسرقة والاختلاس والابتزاز”.
بدوره، أكد حسن شويرد، النائب عن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، أهمية الذهاب إلى انتخابات مبكرة تشرف عليها حكومة تصريف أعمال، تدير ملف الانتخابات وليس لها الحق بالمشاركة فيها.
وقال شويرد، في تصريح صحفي، إن “رؤية ائتلاف الوطنية لحل الأزمة الحالية في العراق هي انتخابات مبكرة، تشرف عليها الأمم المتحدة بشكل مباشر وبإشراف حكومة تصريف أعمال بعيدة عن المصلحة وبعيدة عن المحسوبية والمنسوبية، حتى نصل لمعطيات قد تكون نتائج الانتخابات مقبولة معها ولو بشكل نضمن من خلاله 65% من النجاح”.
وشهد العراق احتجاجات عنيفة منذ مطلع تشرين الأول الجاري، بدأت في بغداد ثم توسعت إلى محافظات أخرى، مخلفة آلاف القتلى الجرحى، حيث طالب المتظاهرون بالإصلاحات وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة.
وجاءت هذه الاحتجاجات الغاضبة بعد تفشي الفساد في الدوائر الرسمية، وضعف الوضع الاقتصادي، وقلة التوظيف للشباب، ما تسبب في ارتفاع معدل البطالة وازدياد الفقر.
لكن الخبير في الشأن السياسي هاشم الكندي، يرى أن الدعوات لإجراء الانتخابات تأتي من بعض الجهات الطامحة إلى رئاسة الوزراء، وتحصيل المكاسب من خلال الانتخابات المبكرة.
وأضاف الكندي، في تصريح صحفي، أن “تلك الدعوات تهدف لتحقيق مكاسب على حساب الوضع القائم، والعودة إلى لحظة توزيع الأدوار والمغانم، وإلا فإن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الحكومة الحالية، ورئيس الوزراء وفريقه، وإنما في المنظومة السياسية برمتها”.
وأضاف أن “الحل يكمن في تفعيل عمل البرلمان، من خلال الرقابة والتشريع، ومنحه فرصة سنة لتحقيق المطلوب منه، وفي حال العجز عن وضع العراق على الخريطة الصحيحة، وتحقيق متطلبات الشعب، يمكن عندئذ التوجه نحو الانتخابات المبكرة، أو إكمال السنتين الأخريين المتبقيتين”.
وعلى رغم صدور تلك الدعوات من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر زعيم تحالف “سائرون” (54 مقعدًا في البرلمان) إلا أن تلك الكتلة لم يكن لها أي إجراء على أرض الواقع بشأن هذا المسار، وهو ما فسره مراقبون بأن الصدر يسعى لتحقيق مكاسب سياسية عبر التهديد بحل الحكومة واللجوء إلى الانتخابات المبكرة.
المصدر / الاخبارية