السيمر / فيينا / الاربعاء 25 . 12 . 2019
عباس راضي العزاوي
لافرق كبير بيننا انا وصاحبي هو ينحدر من عائلة متعلمة وعريقة ومكتنزة, حتى باستدارة خدودهم ووجوههم الوردية الناعمة , واشياء اخرى اترفع وطنيا عن ذكرها فهي من عورات الوطن العائلية ,وانا من عائلة امية “جلحاء ملحاء ” ولاتعرف معنى العراقة
هل هي من العِرق او العَرق؟ بل عائلة تجيد التعرق من اجل الرغيف والموت من اجل الوطن ايضا واحيانا الغناء من اجل تخفيف حدة التوتر والحزن .
فأول ابجديات معرفتنا في الحياة هي الموت من اجل الوووووطنّ ,الوطن , ماذا يعني؟ البيت، الاحجار، ، الخبز ، التعب , الكرامة ، ام انه الموت نفسه ،لا اعرف ، التعريف الاخير ربما ادق تعريفا وجدته في كوفية ابي بعد ان غادرنا ثمانية ,ولم يكمل مشروعه الانمائي بصناعة الچاي للمدراء وكبار حمير الوطن
كل ما اتذكره!! ان جدي انتحر في ثورة العشرين ضد الغزاة وجدّ صاحبي استلم وزارة في حكومة النقيب الوطنية حد الاستفزاز وابي بعد ان شبع من سياط الشيوخ على مؤخرته اعلن احتجاجه الرسمي بالهروب لبغداد وصرائفها وعمل بمجال الاستثمار المحلى بالسكر والهيل , رغم نزعته اليسارية التي يشوبها احيانا نفحات برجوازية تعلمها بحكم قربه من بعض خدم الزعماء.
وهكذا لم نجد بُد من الايمان بمشروعية طموحه في جمع الاموال والبحث عن الثراء الفاحش.
انا كنت أكثر طموحاً من ابي فتركت المدرسة لقصر عقلي من جهة ومن جهة اخرى للبحث عن العمل حتى نستطيع ان نجنب ارواحنا ذل السؤال والصدقة، فأسست شركتي الخاصة لبيع الماء على ” الفحطانين” من ابناء الجنوب قرب نصب الحرية في باب الشرجي ثم لبيت نداء الوطن بعد انتهاء موانع الالتحاق لخدمة العلم.
وتضحية مني لأجل البلاد وهي تمر بحرب ضروس عبوس طلبت الانتقال إلى جبهات العز والشرف العراقي المهدد ولأحمي بطريقي مؤخرات القادة الزيتونية من الاغتصاب الاقليمي.
صاحبي للامانة , طوال الحرب كان منشغلا بالدراسة والسفر ولم يحض للآسف بشرف الدفاع عن الوطن فكمية” الزواج” كانت كافية لصد العدوان وقهره.
أما ابيه المبجل فقد كان مشرف تربوياَ يراقب مستوى التعليم في البلاد ولأهمية عمله ترك لنا بكل اريحية مهمة حماية البوابة الشرقية.
بعد ثلاثين سنة من الوهم الوطني وجدت وبمحض الصدفة أن صاحبي تغيرت أحواله الى الافضل.
ففي السابق كان مع النظام التعسفي القمعي واليوم اصبح رجل تكنوقراط وعقلية فذة تستطيع انقاذ الكثير من المجانين في هذا الوطن.
وانا بدوري صخمت احوالي أكثر من ابي الچايچي وجدي المعتوه الذي مات غير مأسوف عليه، فاصطنعت المعارضة لنفسي كدور وطني لايجيده احد غيري، فحطمت حياتي وأولادي واورثتهم البؤس والشقاء،
ومازلت اتلمس جينات الاسرة في جميع تصرفاتي وهفواتي الساذجة.
وها أنا ادفعهم مرة اخرى للموت لأجل أن يبقى صاحبي واسرته الكريمة في امان ورفاهية، ليقودوا الوطن بهدوء وسلاسة, وتكتب اسمائهم في سجل الابطال والخالدين في ضمير الشعب.
ولكن نشكر الله تعالى أن ابني اصبح لديه” توك توك” الآن جعله الله فاتحة خير ورزق وفير لهذه السلالة المتعبة.
هل ازعجكم بكائي هذا !؟ هل هذا هو الحقد الطبقي يارفاق النضال!!؟
ليكن !!
طالما هو من متوفرات الوطن بكميات هائلة رغم انوفنا، فلنمارس حقنا اذن بالحقد الطبقي.