غصّة ..

السيمر / فيينا / الثلاثاء 10 . 03 . 2020

أياد السماوي

لم يكن محمد توفيق علاوي بحاجة إلى منصب رئيس الوزراء ليبيع من أجله دينه وآخرته , فكيف إذا كان هذا المنصب مؤقت ولهدف محدد ؟ فهل يستّحق أن يبيع المرء دينه وضميره ومبادئه التي آمن بها من أجل هذا المنصب المؤقت والزائل ؟ .. الحقيقة أنّ أكثر من وقف وتصدّى لمحمد توفيق علاوي هم مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي ونوري المالكي وأياد علاوي بدرجة أقل أهمية .. هذه الأسماء لا تعنيني من قريب أو بعيد إن كانت قد تصدّت أو لم تتصدّى لعلاوي , عدا نوري المالكي الذي نذرت نفسي في الدفاع عنه والتصدّي لخصومه , بالرغم من قناعتي الشخصية أنّ فترة حكمه لم تكن مثالية كما صوّرها أنصاره ومحبيه وأنا منهم , ولم تكن سيئة كما صوّرها أعداءه ومخالفيه .. فهو بالتأكيد قد أصاب في مواقف كثيرة وأخطأ أيضا في مواقف كثيرة .. هو بنفسه اعترف بفشله وفشل الطبقة السياسية بأجمعها وقال بالحرف الواحد يجب أن لا يكون لنا دورا مستقبليا في حكم البلاد .. السؤال الذي حيّرّ محبي نوري المالكي ما الذي يدفع المالكي الآن وفي هذا الوقت الذي انتفض فيه الشعب العراقي على نظام المحاصصات والفساد , للتحالف مع قطبي المحاصصات والفساد مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي ؟ هل هو الإيمان بأن عالم السياسة هو عالم المصالح وليس فيه صديق دائم أو عدو دائم ؟ ولكن أي مصالح تستوجب التحالف مع عدو الأمس ؟ فغذا كانت مصلحة الوطن العليا تستوجب ذلك فلا بأس أن يكون عدو الأمس حليف اليوم ؟ أمّا إذا كان هدف هذا التحالف هو من أجل التمّسك والحفاظ على بنية النظام السياسي القائم الذي انتفض عليه الشعب العراقي وقدّم عشرات الآلاف من الجرحى والشهداء , هنا يكون لنا رأي آخر وموقف آخر ..

وليعلم الجميع أنّ مواقفنا من مسعود بارزاني وحكومة الإقليم , لم تكن نابعة من موقف قومي شوفيني معاد , بقدر إيماننا أن هذه المواقف نابعة من اعتبارات وطنية خالصة تتعلّق بوحدة هذا البلد وتصرّف حكومة الإقليم تصرّف الدولة داخل الدولة , الذي كنّا ولا زلنا نرفضه رفضا قاطعا , وكذلك الموقف من توزيع الثروة غير العادل بين الإقليم والمركز .. وكنّا دائما نقول أنّ صلاحيات حكومة الإقليم تنتهي داخل حدود الإقليم , وحين تخرج مترا واحدا عن حدود الإقليم تصبح من صلاحيات الحكومة المركزية .. وكنّا نقول أيضا أنّ النفط والغاز هما ملك الشعب العراقي في عموم مناطق العراق بموجب الدستور , فليس لمسعود وحكومته التصرّف بهما خارج علم وموافقة الحكومة الاتحادية .. فما هو الجديد في مواقف حكومة الإقليم من هذه الثوابت ليعود المالكي للتحالف من جديد مع مسعود بارزاني ؟ هل غيرّ مسعود موقفه من انفصال الإقليم واستقلاله ؟ وهل وافقت حكومة الإقليم على تسليم كامل النفط والغاز المنتج وموارد المنافذ الحدودية والمطارات والضرائب والرسوم إلى خزينة الدولة الاتحادية لكي يتحالف معها نوري المالكي ؟ فإذا كان الجواب كلا لم يحصل أي تغيير في هذه المواقف جميعا , فما هو السبب وراء هذا التحالف الثلاثي ؟ فهل هو التمّسك بالنظام السياسي القائم والدفاع عنه ؟ أم هو الخوف من ملاحقة الشعب لمن فرّط ونهب المال العام ؟ لمصلحة من يضع نوري المالكي يده بيد مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي ؟ .. يا للهول والمصيبة .. وللتاريخ أقول .. أنّ السيد حيدر العبادي الذي شتمته كثيرا هو رئيس الوزراء الوحيد الذي تصدّى بشجاعة وحزم إلى حكومة الإقليم المتمرّد على القانون والدستور وأوقف نهبها لمال الشعب العراقي , وأعاد سيطرة بغداد على كركوك وحقول النفط وكافة المناطق الآخرى خارج الخط الأزرق والتي استولى عليها مسعود خلال فترة حكم نوري المالكي .. في الختام .. إنّ موقفنا المبدئي من أي رئيس قادم للوزراء , سيكون على أساس موقفه من الإقليم المتمرّد وأساطين الفساد السنّة والشيعة ..

10 / 03 / 2020

اترك تعليقاً