السيمر / فيينا / السبت 14 . 03 . 2020 —- بعد مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حلفاء الولايات المتحدة بالانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط، وافق وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الشهر الماضي على تعزيز المهمة التدريبية للناتو في العراق.
وبينما لا تزال معالم الدور الجديد للناتو غير واضحة، أشار الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، إلى أن تلك المهمة قد تشمل تولي بعض المهام التي تقوم بها القوات الأميركية حاليا لدعم وحدات الجيش العراقي التي تركز على منع عودة داعش.
تقاسم عبء مهمة هزيمة داعش في العراق مع الحلفاء في الناتو “أمر منطقي، لكن على الولايات المتحدة وزعماء الحلف أن يكونوا واقعيين إزاء ما يستطيع الشركاء الأوروبيون وما لا يستطيعون فعله”، بحسب ما يؤكده الجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بتريوس الذي تولى قيادة قوات الناتو في أفغانستان إلى جانب مناصب رفيعة أخرى، وفانس سيرتشوك الباحث في سنتر فور آي نيو أميركان سكيوريتي (CNAS)، وهي منظمة مستقلة غير ربحية معنية بتطوير سياسات وطنية في مجالي الأمن والدفاع.
بتريوس سيرتشوك قدما وجهة نظر تحليلية في مقال مشترك نشرته مجلة فورين بوليسي، حيث يؤكد أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن يكون لها نصيب الأسد من مسؤولية محاربة الإرهاب عندما يهدد الأخير بشكل متساو إن لم يكن أكثر، أعضاء الناتو الآخرين. على صلة العراق يعطي الضوء الأخضر لحلف الناتو
وسيسمح نشر قوات ومعدات عسكرية أوروبية في الشرق الأوسط للولايات المتحدة بتقليص وجودها هناك، ما سيمكنها وفق ما يؤكد وزير الدفاع مارك إسبر من إعادة تركيز موارد مهمة والانتباه على الأولوية العليا الجديدة في استراتيجية الدفاع والمتمثلة في المنافسة بين القوى الكبرى.
ويشدد الكاتبان على أن داعش كلما أظهر علامات على تجديد نفسه، فإن “أي محاولة للاستعانة بجهات خارجية بشكل أكثر من اللازم، وبسرعة كبيرة تهدد بأن تصبح طريقا للفشل”.
وبينما قد يساعد وجود قوات أجنبية تحت راية الناتو القادة العراقيين سياسيا، في ظل تعرضهم لضغوط لطرد القوات الأميركية أو تقييد عملياتها، فإن “التاريخ يشير إلى أن الولايات المتحدة وصناع القرار في الناتو عليهم أن يكونوا حذرين وواقعيين إزاء ما يستطيع الشركاء الأوروبيون والناتو كمنظمة فعله لوحدهم”.
ويتحدث الكاتبان عن “خطأ” ارتكبته أميركا في السابق عندما سلمت إدارة الرئيس جورج بوش الابن مسؤولية أمنية واسعة إلى التاتو في أفغانستان. وكما هو الحال الآن في العراق، كان يعتقد أن تلك الخطوة كانت آمنة لأن العدو طالبان كان يعتبر مهزوما بشكل كبير.
وكما هو الحال أيضا اليوم، وفق الكاتبين، كان هناك أمل في أن إرسال الحكومات الأوروبية جنودا إلى أفغانستان سيساعد القوات الأميركية على تحويل التركيز إلى ما كانت تتطلبه الحرب في العراق آنذاك. على صلة استجابة لترامب.. الناتو سينقل 200 مدرب للمساعدة في بناء الجيش العراقي
لكن النتيجة لم تكن كما كان مرجوا، إذ أن القوات الأوروبية التي أرسلت إلى أفغانستان لم تكن مجهزة بالقدرات الضرورية للمعارك التي زج بها فيها، بينما كان هيكل القيادة الدولية للناتو في أفغانستان بطيئا في تقديم خطة موحدة ضد طالبان في وقت كان فيه تمرد الأخيرة يكتسب زخما. وعندما أدرك القادة ما كان يحدث، بلغ الوضع الأمني درجة كبيرة من التدهور ما دفع إلى تعزيز القوات الأميركية هناك وإعادة قيادة جهود الحرب إلى أميركا ما كلف الأخيرة الكثير.
وحث الخبيران في المجال الأمني والعسكري إدارة ترامب على الاستفادة من التجربة في أفغانستان والتأكد من أن جهود الناتو في العراق ستدفع الأمور فعلا إلى الأمام وليس تعقيد الأوضاع. كما حصل في أفغانستان.
وختم بتريوس وسيرتشوك التحليل بالقول أن من الضروري الاعتراف بأن القادة العسكريين العراقيين الذين أمضوا سنوات في محاربة داعش، جاهزون لا يحتاجون إلى الكثير من المشورة حول كيفية شن معظم العمليات التكتيكية مع قواتهم لأنهم يعرفون التضاريس البشرية والمادية لبلادهم أكثر مما يمكن لأي مستشارين أجانب معرفته.
وأكدا أن ما يحتاجه العراقيون الآن هو شيء واحد يتعلق بتعلم كيفية دعم عملياتهم العسكرية بقدرات متطورة مثل الاستخبارات المحمولة جوا، والمراقبة، والعمليات السيبرية، ومؤهلات لشن ضربات دقيقة في الهواء والأرض، وانصهار الاستخبارات.
يذكر أن ترامب دعا الناتو في يناير الماضي، إلى زيادة حضوره في الشرق الأوسط بعد أيام من الغارة الجوية التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني في بغداد ما أثار أزمة في المنطقة.
ودفعت الضربة البرلمان العراقي إلى التصويت في قرار غير ملزم، على خروج جميع القوات الأجنبية من البلاد بمن فيهم 5200 جندي أميركي.
وعقب ذلك أوقف التحالف ضد داعش حملته لمدة ثلاثة أسابيع كما أوقف الناتو نشاطاته التدريبية مؤكدا أنه لا يزال ملتزما مساعدة العراق.
ورغم أن بعثة الناتو ستقوم بنشاطات تدريبية مماثلة لما يقوم به التحالف ضد داعش الذي ينشر 11 ألف جندي في العراق وسوريا والكويت، إلا أن مسؤولين يشعرون بأن التحالف قد يكون أكثر فعالية من خلال إضافة قدر أكبر من الهيكلية والتنسيق مستفيدا من تجربة تدريب القوات في أفغانستان.
المصدر: فورين بوليسي