السيمر / فيينا / الاربعاء 25 . 03 . 2020
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
قصص حزينة لكنها طريفة رواها المرحوم الدكتور علي الوردي حول الأوبئة التي ضربت العراق سابقا
الأمم تدرس التاريخ لاسلافهم الغاية الاستفادة من التجارب الماضية أن كانت خاطئة يتم تصحيحها وعدم تكرار الأخطاء مرة ثانية، أيضا ابن خلدون ذكر أن للتاريخ صلة بالحاضر اذا عرفنا هذه الصلة نستطيع التنبؤ للمستقبل، مثلا اذا ارتكب قادتنا أخطاء قاتلة قبل مائة عام تسببوا في عزلنا وتدميرنا من حيث لا يشعرون فمن المعيب نحن بعد مائة عام نكرر نفس الأخطاء عندما تسمح لنا الظروف السياسية في تعديل الأوضاع وعدم تكرار أخطاء الماضي، لا نريد أن نتكلم عن أخطاء الوضع السياسي التي تكررت عند شيعة العراق هذه المرة لكن نتكلم عن تعرض العراق الأوبئة وأمراض فتاكة شملت كل مكونات الشعب العراقي من مسلمين سنة وشيعة واكراد وصابئة ……الخ، عام ١٩٩٥ سمحت لي الظروف في المطالعة والقراءة ذهبت بسفرة إلى إيران واشتريت ٣٠٠ مجلد ومن ضمن الكتب لمحات من تاريخ العراق المعاصر للدكتور علي الوردي يروي
في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) عن قصة تعرض العراق للطاعون «أفظع وباء حل بالعراق عبر تاريخه الطويل، وقد ظل المعمرون من أهل بغداد يتحدثون عن مآسيه حتى عهد متأخر»، وقد جاء هذا الطاعون من الشمال، وتحديداً مدينة تبريز الإيرانية، ففي تموز 1830 كانت بغداد على علم بتفشي الطاعون في إيران، وبعد شهرين وردت الأخبار عن وصوله إلى كركوك، فطلب داوود باشا -والي بغداد- من طبيب القنصلية البريطانية إعداد منهج للحجر الصحي بغية منع الوباء من التقدم، وقد أعد الطبيب المنهج، «لكن المتزمتين من رجال الدين في بغداد أفتوا بأن الحجر الصحي مخالف للشريعة الإسلامية ومنعوا داود باشا من اتخاذ أي عمل لصد سير الوباء. ولهذا كانت القوافل الواردة من إيران وكردستان تدخل إلى بغداد بكل حرية». يشير الوردي إلى أن الأوروبيين الذين كانوا في بغداد والمسيحيين المتصلين بهم قد عمدوا إلى «حجر أنفسهم في بيوتهم لا يخرجون منها، وذلك بعد أن جهزوا أنفسهم بما يلزم من مواد التموين، وكانوا إذا اضطروا إلى أخذ شيء من الخارج سحبوه إلى فوق الشبابيك ثم أمسكوه بالملاقط، ودخنوه قبل البدء باستعماله، ولهذا كانت الإصابات بينهم قليلة نسبياً، أما سائر السكان فقد استسلموا للقدر وأخذ الطاعون يحصدهم حصداً، حتى قيل إن عدد الموتى في اليوم الواحد بلغ أخيراً تسعة آلاف». وكان الكثيرون من السكان يحاولون الفرار من المدينة، غير أن السفن النهرية لم تكن لتكفيهم، كما أن الطرق أصبحت غير آمنة بسبب انتشار أعمال السلب والنهب، ففتك الوباء بالناس، وخلت الشوارع من المارة، وتكدست فيها جثث الموتى، وعجز الأحياء عن دفن موتاهم.وفي عام 1846 أيضا تعرض العراق لوباء الكوليرا يقول المرحوم علي الوردي، حيث انتشر في إيران داء الكوليرا، حتى وصل نحو العراق، فساد في البلاد الهلع والرعب من هذا الطاعون الجديد، «وبعد أقل من خمسة عشر يوماً تبين أن الكوليرا قد حصدت أرواح 4318 نسمة من السكان من مختلف الأعمار، وتناقص عدد السكان نتيجة الهجرات والفزع العام».أيضا اشار علي الوردي أن كان سكتة البصرة مائة ألف الكوليرا قتلت ثمانين الف منهم لكن بكل الاحوال الأرقام لم تكن دقيقة لأنه لم يكن بتلك الازمان احصاء عام للسكان، الآن العراق تعرض للكرونا أيضا شاهدنا للاسف اعادة نفس الأخطاء السابقة في معارضة الحجر الصحي رغم أن الرسول محمد ص أوصى في أحاديث صحيحة في عدم السفر للمدن الموبوئة أو السفر منها حفاظا على أرواح الناس واوصلنا النبي محمد ص في النظافة لكن للاسف يتم خرق كل ذلك بكلمة تصدر من هنا وهناك من أشخاص طريقة تعاطيهم مع الوباء طريقة عاطفية وبسيطة من خلال القول على سبيل المثال زيارة المشاهد المقدسة والأئمة ع بحد ذاتها شفاء انا لا أنكر كرامات النبي محمد ص وال بيته والأولياء والصالحين نعم ذهب إليهم ناس مرضى وتم شفائهم لكن هذا لا يمكن أن يكون مبرر لتزاحم الناس في وقت انتشار فيروس كرونا والذي ينتشر بسبب المخالطة، ما ذكره الدكتور الوردي للنموذج المسيحي بالعراق عندما تعرضت بغداد لوباء الكوليرا كان نموذج به حكمة وموضوعية لمحاربة انتشار الوباء، نسأل الله أن يدفع البلاء عن العراق وشعبه وعن البشرية انه سميع الدعاء، الأوبئة في الأزمنة الماضية أيضا فتكت في الهند وباكستان الحالية وأفغانستان والجزيرة العربية والخليج والشام ومصر وأوروبا وهي ليست حكرا على العراقيين وشيعة العراق لأن هناك مرضى يحاولون التصيد في الماء العكر لأسباب إيديولوجية ومذهبية نتنة.