الرئيسية / مقالات / الربيع الاسود

الربيع الاسود

جليلة كريم / المغرب

اثر مقتل مواطن امريكي من اصول افريقية من طرف شرطي امريكي بطريقة لا انسانية …
قامت الدنيا و لم تقعد …
انتفضت امريكا عن بكرة ابيها رغم اعتقال الشرطي المتهم بهذه الجريمة …
طفت على السطح من جديد قضية العنصرية …
اذ خرجت العديد من الولايات الامريكية عن السيطرة ( ولاية منيوستا ) التي عمت قيها الفوضى بسبب الاحتجاجات مما اقتضى التدخل السريع للحرس الوطني لفرض حظر التجول و إعلان حالة الطوارئ …
و كذلك الشان في لوس انجلوس حيث تمت الاشتباكات بين المتظاهرين و الشرطة مما اضطر الاخيرة لاستعمال الهراوات لتفرقتهم و القبض على العشرات منهم …
اما بولاية جورجيا باتلانتا فقد هاجم المحتجون محطة ( س.ان .ان ) كما قاموا بتكسير سيارات رجال الشرطة …
و لم تسلم ولاية واشنطن ولوس انجلوس من اعمال العنف و من المواجهات مع رجال الأمن و المحتجين الذين تعالت اصواتهم بترديد الكلمات الاخيرة ( لجورج فلويد ) و هو يناشد الشرطي كي يتنفس لانه كان جاثما بكل ثقله على عنقه بطريقة لا انسانية حتى لفظ انفاسه الاخيرة …
اهتزت امريكا تحت اصوات المتظاهرين و هي تندد بهذه الجريمة اللا انسانية في حق مواطن تعرض للقتل من طرف شرطي جائر (مواطن ) اكرر مواطن في حين ان الصمت المطبق يخيم على بلداننا و ابناؤنا تذبح من طرف انظمة سادية امام العيان و لا من يحرك ساكنا …
في اليمن و ليبيا يموت الاف الابرياء و تشرد الاف العائلات و يهجرون و يرمى بهم للمخيمات التي تفتقد لابسط ظروف العيش الكريم وصورهم تتصدر شاشات الفضائيات و اغلفة المجلات العالمية و لا تحرك فينا شيئا …
الالاف ان لم نقل الملايين من ابناءنا يهجرون من بلدانهم و يحرمون من دفء عائلاتهم و لا من يوقف النزيف …
نتغاضى عن جرائم بشعة تمارس في حق شعوب عزل كأن الامر لا يعنينا …
كأن هؤلاء المنكل بهم ليسوا من أبناء جلدتنا و لا تربطنا بهم لا اواصر  عروبة و لا عقيدة و لا اي شئ على الاطلاق …
احسست بالغيرة تنهشني و انا اشاهد دولة تهتز لقتل مواطن ( فرد من افرادها ) و اغلبنا يموت في اليوم الف مرة و تقطع أشلاءه ضباع الجوع و التشرد و البؤس و لا من يسمع انينه و لا من يمد يده ليمسح دمعته او يقدم له رغيفا ليسد رمقه و هو يجمع من حاويات القمامة فتات الاخرين و الكل يتفرج متجاهلا …
الم يحن الوقت بعد لننفض عنا غبار اللا مبالاة و التجاهل و نقف امام انفسنا و نطرح عليها سؤالا يفرض نفسه و بإلحاح
( ماذا اصابنا … ماذا حل بنا ) ؟…
هل قتلوا الانسان فينا ؟ …
هل جردونا من احاسيسنا و انسانيتنا ؟…
هل افرغونا من كل محتوى ؟…
هل سرقوا منا ذلك الشعور الانساني النبيل الذي يجعلنا نحس بآلام الآخر و بمعاناته ؟…
هل هو السوط و التنكيل و التعذيب في دهاليس المعتقلات و الترهيب و الوعيد الذي جعل منا شعوبا مغيبة ؟…
شعوبا منفصلة تماما عن الواقع …
ان اقصى ما يمكن ان يتعرض اليه الانسان هو ان يفقد آدميته و إنسانيته و إحساسه بوجوده و كينونته …
فهل سنسترجع يوما ما سلبوه منا … (انسانيتنا )؟
هل فعلا اننا تلك الامة التي قالوا عنها يوما تفاخرا انها خير امة اخرجت للناس؟

 

اترك تعليقاً