السيمر / فيينا / الاحد 14 . 06 . 2020
سليم الحسني
عملية اختيار علاء الهندي للوقف الشيعي تشبه الى حد كبير اختيار عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء. فالتصميم والتمهيد يجري على يد السيد محمد رضا السيستاني، حتى إذا ما شاع الخبر وكثُر الكلام، لجأ الى النفي والتكذيب والتضبيب.
يجيد السيد محمد رضا السيستاني إثارة الغبار على الحقائق، ولا يكترث لأهل العلم والاطلاع حين يرونه يتظاهر بالبراءة مما عملت يداه، فقد ضمن صمتهم التزماً منهم ببعض الاعتبارات. كما أنه يعلم جيداً بأن جمهور البسطاء أفضل من يثير الضجيج فتضيع الحقيقة.
وقع اختيار السيد محمد رضا لرئاسة الوقف الشيعي على علاء الهندي، وكان الاختيار صدمة مفاجئة في أجواء النجف الأشرف والوسط الشيعي. وقد واجه السيد محمد رضا اعتراضات كثيرة على هذا الاختيار لما يعرفونه عن الهندي وتاريخه في الفتن والمشاكل والخرافات.
امام هذه الاعتراضات المكثفة، اعتمد السيد محمد رضا أسلوبه في الإيهام والتضليل، فأخذ يشيع بأن الأمر ليس بيده ولا بيد المرجع الأعلى السيد السيستاني، إنما نتيجة ضغوط المرجع السيد محمد سعيد الحكيم فهو الذي طلب أن يكون الهندي رئيساً للوقف.
يتذكر الكثير من المتابعين أن المقالات التي كتبتها في بداية تولي الهندي لرئاسة الوقف، تحدثتُ فيها أن الاختيار كان من السيد محمد رضا السيستاني، فثارت عليّ هجمة شديدة بأن هذا اتهام للسيد، وانتقاص من المرجعية، وافتراء على المرجع، ولا شأن لمكتب السيستاني باختيار الهندي.
ثم كتبتُ عن الشائع في الأوساط وهو ما يتحدث به السيد محمد رضا في مجالسه عندما يدور الكلام عن الهندي، بأن الضغط عليه كان شديداً من مكتب السيد محمد سعيد الحكيم. وقد اعترض السيد رياض الحكيم نجل المرجع حفظه الله، وأكد لي بأن الاختيار والقرار كان من قبل محمد رضا، وبعث لي توضيحاً باسمه، وقد نشرت توضيحه في حينها. فتصاعدت هجمة اتباع السيد محمد رضا السيستاني، بان الاختيار من المرجع السيد الحكيم وليس من مكتب السيد السيستاني، ودليلهم في ذلك ما يقوله محمد رضا ويسرّبه.
ومرت خمس سنوات على هذا الحال كلما جاء الكلام عن علاء الهندي. حتى كانت الاستقالة اللافتة، فاذا بالهندي يوجه كتاب استقالته الى السيد السيستاني وليس الى رئيس مجلس الوزراء.
تقديم الاستقالة هذه ليس لها سابقة، فهي الأولى في تاريخ المرجعية الشيعية أن يتوجه موظف حكومي بالاستقالة الى المرجع الشيعي. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يصدر جواب موافقة من المرجع على استقالة مسؤول حكومي.
الأهم من ذلك، أن هذه اول مرة يصدر عن المرجع الأعلى السيد السيستاني كتاب تزكية بهذه القوة لمسؤول حكومي. والمرجع الأعلى معروف بتحفظه وحذره ودقته في كل كلمة وفي كل موقف. فكيف يصدر منه هذا المديح والثناء لمسؤول حكومي لاحقته ملفات الفساد، وطلب البرلمان استجوابه عدة مرات؟
تزكيه الهندي بهذه الرسالة التي انتشرت، تضعنا امام احتمالين:
إما أنها مزورة، وهذا يتوقف على بيان يصدر من مكتب المرجعية ينفي ارسال كتاب الاستقالة الى المرجع الأعلى ويكذّب الجواب. وحتى الآن لم يصدر هكذا بيان.
وإما أن الجواب المكتوب باسم السيد السيستاني، هو رسالة الى القضاء ورئاسة الوزراء وهيئة النزاهة والموظفين المظلومين، بعدم الاقتراب من علاء الهندي، وأنه تحت حمايتنا، فلا يقتربنّ منه أحد، فعطلّوا قوانينكم واجراءاتكم ودستوركم واذهبوا بعيداً.
سؤالي للذين دافعوا كثيراً عن السيد محمد رضا السيستاني وبرأوه من اختيار الهندي للوقف الشيعي: هل ظهرت لكم الحقيقة الآن؟
اضع صورة الاستقالة والجواب المنسوب للسيد السيستاني اضغط على الصورة لتكبيرها :
١٣ حزيران ٢٠٢٠
الجريدة غير مسؤولة عن كل ماورد من آراء بالمقالة .