السيمر / فيينا / الاثنين 20 . 07 . 2020 — احتفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بعيد ميلاد نيلسون مانديلا الثاني بعد المائة، في حدث افتراضي حضره الأمين العام للأمم المتحدة والفائزان بجائزة نيلسون مانديلا 2020، اليونانية ماريانا فاردينويانيس، والطبيب الغيني موريسانا كوياتيه، اعترافا بخدمتهما للإنسانية.
وقال تيجاني محمد باندي، رئيس الجمعية العامة، في مستهل الحدث إن نيلسون مانديلا كان بمثابة “البوصلة الأخلاقية” خلال سنوات حياته، وأضاف يقول: “يظهر التزامه الذي لا هوادة فيه تجاه الإنسانية من خلال أفعاله والتزامه الثابت بالحرية والعدالة والسلام وحقوق الإنسان”، مشيرا إلى أن تضحيته مهدت الطريق لتحرير جنوب أفريقيا وديمقراطيتها، “وبشرت بعصر جديد من الأمل للمجتمعات حول العالم”.
وفي عام 2009، خصصت الجمعية العامة اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، للاحتفاء بحياته الاستثنائية وإسهاماته، ويتزامن هذا اليوم مع عيد ميلاده (18 تموز/يوليو). وأضاف محمد باندي: “يمنحنا هذا اليوم لحظة للتفكير في مساهمة نيلسون مانديلا في عالمنا وإعادة تأكيد التزامنا الجماعي بالقضاء على العنصرية والتمييز العنصري في كل سياق”.
“عملاق أخلاقي” يرشد البشرية
وفي كلمته أمام الجمعية العامة، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن نيلسون مانديلا (ماديبا) هو أحد “أعظم قادة عصرنا، وعملاق أخلاقي لا يزال إرثه يرشدنا حتى اليوم”.
وأوضح الأمين العام أن المستويات المتصاعدة من اللامساواة في العالم تهدد رفاه المجتمعات ومستقبلها، مشيرا أن اللامساواة تضر بالجميع. وقال: “إنها تكبح التنمية الاجتماعية والفرص، وترتبط بعدم الاستقرار الاقتصادي والفساد والأزمات المالية وزيادة الجريمة وضعف البنية الصحية والعقلية”.
ودعا الأمين العام إلى إبرام “عقد اجتماعي جديد” داخل المجتمعات يمكّن الشباب من العيش بكرامة، ويضمن للمرأة نفس الآفاق والفرص التي يتمتع بها الرجال، ويحمي الضعفاء والأقليات جميعها.
اقرأ أيضا: “اللامساواة سمة العصر”، يستنكر الأمين العام في رسالة شديدة اللهجة بمناسبة اليوم الدولي لنيلسون مانديلا
جائحة كوفيد-19 تفاقم اللامساواة
وقدم الأمين العام تعازيه لأسرة ماديبا وشعب جنوب أفريقيا على وفاة ابنة مانديلا هذا الشهر، زيندزي. وتابع يقول إن الاحتفال بيوم نيلسون مانديلا يأتي في الوقت الذي تتواصل فيه جائحة كوفيد-19 بالانتشار. “هذه الجائحة تهدد الجميع، وخاصة الأكثر ضعفا”.
وشبّه السيّد غوتيريش كـوفيد-19 بالأشعة السينية التي كشفت عن كسور في الهيكل العظمي للمجتمعات، وعن المخاطر التي تجاهلها العالم لعقود، كالنظم الصحية غير المناسبة، والثغرات في الحماية الاجتماعية، وعدم المساواة الهيكلية، التدهور البيئي وأزمة المناخ.
وقال: “كردّ على ذلك، نحتاج إلى قادة العالم لتعزيز الوحدة والتضامن، والحد من التهديد المشترك للجائحة، وتعزيز الانتعاش الذي سيبني مجتمعات واقتصادات أكثر استدامة وشمولا ومساواة في النوع، مجتمعات واقتصادات تحافظ على الكرامة والقيمة المتأصلة لكل شخص”.
طاعون اسمه العنصرية
وتطرق الأمين العام إلى قضية العنصرية في العالم ووصفها بالطاعون البغيض الذي ينتهك ميثاق الأمم المتحدة ويهين القيم الإنسانية على حد تعبيره. وأضاف: “كل يوم في عملنا في جميع أنحاء العالم يجب علينا أن نسعى جاهدين للقيام بدورنا في تعزيز الإدماج والعدالة والكرامة، يجب أن نكافح ضد العنصرية بكافة أشكالها“.
ودعا الأمين العام إلى إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، وخاصة أن ماديبا عاش سنوات عديدة من عمره كسجين رأي ولكنه احتفظ بكرامته والتزامه بمُثله، وقال: “لندع هذا المثال يقنع أي حكومات تبقي على مثل هؤلاء السجناء، بإطلاق سراحهم. لا يجب أن يكون هناك سجناء رأي في القرن الحادي والعشرين“.
جائزة نيلسون مانديلا 2020
وأثنى كل من رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة على الفائزيْن بجائزة نيلسون مانديلا 2020 التي تُمنح كل خمس سنوات لتكريم من يكرّسون حياتهم في خدمة الإنسانية.
وحضرت الحفل اليونانية ماريانا فاردينويانيس، مؤسسة ورئيسة مؤسستين مخصصتين للأطفال: “مؤسسة ماريانا في. فاردينويانيس” و “جمعية ELPIDA وهي جمعية تعنى بالأطفال المصابين بالسرطان”.
وقالت: “في حياتنا نحن بحاجة إلى إلهام وقدوة لمنحنا القوة للمضي قدما، وقد كان نيلسون مانديلا إلهامي. لقد كان بالنسبة لي أكثر من قائد وصاحب رؤية، لقد كان وسيظل رمزا عالميا للإنسانية“.
وشاركت السيدة فاردينويانيس في نشاطات مكافحة سرطان الأطفال منذ حوالي 30 عاماً، وبفضل عملها، تم علاج آلاف الأطفال.
وأضافت: “هذه الجائزة ليست ملكا لي، إنها ملك لبلدي، وأنا أقدمها للشعب اليوناني. دعونا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نسير جميعا على خطى نيلسون مانديلا من أجل السلام والحرية والديمقراطية والمساواة والتضامن“.
أما الطبيب الغيني موريسانا كوياتيه، فأهدى الجائزة إلى والديه، وخاصة والدته التي تحارب تشويه الأعضاء التناسلية جنبا إلى جنب معه.
وقال: “لن توضع هذه الجائزة لتزيين غرفة المعيشة، ساعدوني جميعا في الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والمنظمات الإقليمية والفرعية، والحكومات ومنظمات المجتمع المدني لترجمة هذه الجائزة إلى عمل ملموس وتجريم تشويه الأعضاء التناسلية وزواج الأطفال وغيرها من الممارسات التي تؤثر على صحة وحقوق الفتيات والنساء“.
ويعدّ الدكتور كوياتيه شخصية رائدة في الجهود المبذولة لإنهاء العنف ضد المرأة في أفريقيا، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وقد حصل على العديد من الجوائز الإنسانية الدولية لعمله.
رؤية مانديلا رؤية شبابية
ونيابة عن مدينة نيويورك، ألقى فيليب ثومبسون، نائب رئيس بلدية نيويورك، كلمة قال فيها إن نيلسون مانديلا يذكّرنا دوما أننا جزء من الأسرة الإنسانية ولاسيّما في هذه الأوقات التي يعاني فيها العالم من جائحة كـوفيد-19.
وأضاف: “قال نيلسون مانديلا إن التعليم هو القوة الأساسية لتغيير العالم. وفي المقابل بالتأكيد الجهل والتعصب هما العائق الأساسي أمام تغيير العالم“.
وأشار ثومبسون إلى أن الولايات المتحدة عانت كثيرا في التخلي عن الاعتقاد بأن البيض يتفوقون على غيرهم وخاصة السود.
وأضاف: “من وجهة نظر العلم، فإن مسألة تفوق البيض لا تحمل أي مصداقية. ومن وجهة نظر إنسانية، فإن فكرة التفوق الأبيض تمثل شرّا محضا. لا يعرف أي شخص ذلك أكثر من نيلسون مانديلا نفسه“.
وتطرق المسؤول الأميركي إلى حركة “حياة السود تهم” ووصفها بأكبر حركة في الولايات المتحدة، حيث شارك الملايين من الأميركيين، وخاصة الشباب ومن غير السود، في مظاهرات عمّت الشوارع لمناهضة ضرب وخنق وقتل السود غير المسلحين على يد الشرطة. وقال: “هؤلاء هم أبناء نيلسون مانديلا ويحرّكون هذا الشعب بروح نيلسون مانديلا. إن جسد نيلسون مانديلا كبر بالسن، ولكن رؤيته كانت شابة وتركز على المستقبل والوعد بعالم أفضل. فالتطلع إلى الحرية والعدالة والكرامة والمساواة لن يكبر بالسن“.
اعلام الامم المتحدة / المنشورات المستعجلة