الرئيسية / مقالات / أعيشُ على جرحك يا حسين

أعيشُ على جرحك يا حسين

السيمر / فيينا / الثلاثاء 01 . 09 . 2020

سليم الحسني

قافلة السبي تمضي في الطريق، كربلاء تودّعها دامية. مرّت على سامراء، ألقت دموعها على ما سيحدث بعد حين. وصلتْ تكريت. هذا جرف دجلة خائفٌ يرتجف الماء عليه.
توقّفْ يا موكب السبي طويلاً. هنا ستكون كربلاء أخرى. حرموك من ماء الفرات. وسيجعلون من دجلة لك مدفناً. محروم من خيرهما في الحالتين.
أترى هذه المشرعة على جرف دجلة؟ خبّأوا تحتها خنجر يزيد. سيذبحون به سبعمائة وألف عاشق لكربلاء. وترجعين يا رملة تبكين ثانية، وترجع معك زينب تخطب. لكن القوم هذه المرة لا يبكون. مات الندم فيهم، سيبحثون عن مشرعة أخرى يخفون فيها خنجر يزيد. وهذا صوت الحلبوسي يتوعد بكربلاء مرة أخرى.
واصلَ سَبيُ كربلاء المسير، مرّ على الموصل، بدت خائفة. عيون الناس تخشى قادماً يعدّ جنده لهدمها.
تعالى من جبل سنجار نحيب، وبكاء لصبايا، وضجيج الخيل يأتي من بعيد. تمهّل أيها السبي الحسيني. صُبّ على هذه الأرض دمعاً. أطلْ فيها البقاء ليأخذ أهلها شيئاً من صبرك. سيعود جيش أمية الى سبي سيأتي بعد حين.

بُعث القتلى من كربلاء، عادتْ الرؤوس الى أجسادها. في كربلاء لا يستقر الموتُ طويلاً، فعلى درب الحسين تولد الأرواح من خطواته. تطوف بقبره خاشعة، فتستوي خلقاً جديداً. تحمل جرح الطفّ معها وتمضي.
أخذتُ من جرحك جرحي، استفاقتْ روحي وزال الخوف من قلبي. هذا النزف يا حسين يقوّيني، ينعشني، يبثُّ العزم في أوصالي، يُجمّع اشلاءها، يحوّلها لحشد من حديد.
وقفتُ الآن على الدرب، حملتُ السيف والبندقية وراية العباس. صرختُ عالياً:
لن تشهد يا عراق سبايا مرة أخرى. لن ينجح الغدّار، ولن يفلح أعراب الصحراء، ولا زحف شيطان البحار.
أيها الغدّار المتوغل في صفوفي.. أيها القادم من وراء الحدود، ستسمعها صرخةً حتى قيام الساعة. وحين تسمعها تأكد أنك مهزوم، فلا تنكسر رايةٌ تهتف حروفها: هيهات منا الذلة.
١ أيلول ٢٠٢٠

اترك تعليقاً