السيمر / فيينا / الثلاثاء 01 . 09 . 2020
سليم الحسني
منذ تشرين ٢٠١٩ اشترك الوضع العراقي مع لبنان بفارق خطوة، يسجّل فيها العراق السبق. وليس ذلك نتيجة سرعته في التدهور أو التحرك، إنما بسبب التعديل الذي أجراه محور أمريكا على برنامجه بعد خمس مواجهات خرج منها خاسراً في المحصلة النهائية:
الأولى: انهيار مشروع داعش في العراق، وسقوط دولته، وتحرير الأراضي العراقية.
الثانية: بقاء نظام بشار الأسد في السلطة، وانكسار أوسع جبهة حصلت على دعم إقليمي ودولي في مشروع الاطاحة بالنظام.
الثالثة: الصدمة الكبرى التي فاجأت السعودية والامارات ودول الخليج والولايات المتحدة، بالصمود المذهل للشعب اليمني، وانكشاف الحرب عن خسارة سعودية وخليجية وعربية وامريكية.
الرابعة: تحمّل إيران الضغط الأمريكي والمقاطعة والعقوبات الاقتصادية، ورفضها التراجع عن الاتفاق النووي.
الخامسة: بقاء الخط المتصاعد لقوة حزب الله في لبنان من الناحية العسكرية في معادلة الصراع مع إسرائيل، وكذلك تحوله الى قوة رفد لمعارك أخرى كما في سوريا، مما يكشف عن استعداد مستمر لتنامي القوة.
هذه الخسائر الخمس، حين جمعتها الولايات المتحدة في رزمة واحدة، وجدتها تشكل رقماً كبيراً، ربما لم يسبق لها أن واجهت واقعاً مثله من قبل. لكن أمريكا كقوة عظمى لا تعمل بحسابات الاستسلام والتراجع والبحث عن منفذ نجاة، إنما تجري تعديلاً على أساليبها وخططها، لتبقى عظمى بنفس المكانة، وبنفس الأهداف التوسعية.
لقد خرجت واشنطن برؤية محددة خلاصتها أن العراق هو نقطة الاستهداف المركزية التي يجب أن تتكثف عليها مساعي التخريب. وهذا يتطلب إحداث تعديل أساسي في منظومة القوى السياسية، وهي تعمل عليه وتريد تحقيقه في الانتخابات القادمة.
إن تغير حسابات القوى في المعادلة السياسية، يستدعي حسب المشروع الأمريكي، تكسير قوائم المكون الشيعي، ليتحول الى كيان زاحف، وهذا ما جري العمل عليه في محافظات الجنوب الشيعي.
من هنا فان كل شعلة نار تثير حريقاً في العراق، يتبعها اندلاع حريق في لبنان. وقد كانت تظاهرات تشرين وتحولها الى العنف ووصولها الى درجة العنف المسلح والاقتتال، أبرز مظاهر هذا الترابط بين احداث البلدين.
في العراق العمل يجري على اقتتال شيعي ـ شيعي. وفي لبنان هناك مساع بدأت تظهر.
ما يبعث على القلق في العراق تشتت الوضع القيادي الشيعي، وما يبعث على الاطمئنان في لبنان، قوة القيادة الواعية.
١ أيلول ٢٠٢٠