الرئيسية / مقالات / بين يديك يا حسين

بين يديك يا حسين

السيمر / فيينا / الجمعة 04 . 09 . 2020

سليم الحسني

مهشّمٌ صدري يا ابن الرسول، واشلائي مقطعةٌ، جئتُ أداوي بجرحك جرحي. أرمم بأضلعك المحطّمة أضلعي.

ما عاد لي في الدنيا دواء يوقفُ النزف عندي. سمعتُ كثيراً، رأيتُ كثيراً، قرأتُ كثيراً، لكن الجرح ظل نازفاً.

وجعٌ لا يُتعبه الصراخ، لا يُقنعه الأنين. وإذا غفوتُ لحظة، أيقظني.

انثلم السيف بيدي. أردتُ شحذه. ضنّ عليّ تراب الأرض. شحّ بنفسه الحجر. صرتُ اشحذه بجلدي، بعظامي، حتى أدماني وأثقلني.

رأيتُك يا ابن الكرار تنثّر روحك على العالمين. أحسستُ بقطرة منها، غمرتني، أغرقتني. فاضتْ عليّ بحراً بارداً عذباً، وأوقدتْ في القلب شُعلة.

كنتُ صغيراً أحبُ رذاذ الماء ألهو به. وحين لمستُ رذاذ روحك، كبُر العمر بي رجلاً يسير على دربك.

وصلتُ اليك يا حسين كما ترى. وددتُ أن ألحق بركب السبايا. احفظُ خطبة السجاد. أكررها على نفسي. أخطّها على الجدران. أحفرها على الصخر. لكن السيف انثلم.

قربة العباس ما زالت تنضح. قطراتها نهرٌ فيّاض. ارتوينا منه، لكننا لم نروِ منه السجاد وسكينة وزينب.

نحنُ يا ابن الرسول، فينا بقايا من ظلام الدهور. فينا قومٌ إنْ رأوا النور أطفأوا سراجه. وإذا مرّ بهم حامل راية طعنوه. واذا رأوا قارئاً يحمل كتاباً شوّهوا فيه الحروف.

ما تعب المحاربُ يا حسين، لكن سيفه انثلم. ما عاد العظم يشحذه، ولا الجلد يجليه. وترابُ الأرض صار ضنيناً، وشحّ الحجر.

هذا عظمي المكسور. هذا جرحي النازف، غُلّقتْ الأبواب بوجهي، ولك عند الله أبوابٌ مشرّعة، ادخلني من إحداها، فأنا بين يديك.

٣ أيلول ٢٠٢٠

اترك تعليقاً