السيمر / الاثنين 08 . 02 . 2021
أياد السماوي
كان عمري ثمان سنوات وفي الصف الثاني الابتدائي في مدرسة الرشيد الابتدائية , وكان يوم الثامن من شباط الجمعة قد صادف الجمعة , حيث تكون فيه المدارس والدوائر الحكومية معطّلة والناس في بيوتهم .. كنت في باحة بيتنا الذي هو أول بيت في عجد موسكو في السماوة , أراقب أبي رحمه الله وهو يتابع بقلق كبير بيانات الانقلابيين التي كانت تذاع من الراديو , وما هي إلا دقائق ليلتحق به المرحوم خالي السيد كريم جليل جريو الذي كان عضوا نشطا في الحزب الشيوعي العراقي , حيث اعتقل بعدها بيومين أو ثلاثة من قبل أزلام الحرس القومي , لتبدأ رحلة عائلتنا مع الفاشست البعثيين , كنت صغيرا لكنّي كنت أعي جيدا محنة عائلتنا مع مجرمي الحرس القومي .. والحقيقة هي محنة كلّ الشعب العراقي التي بدأت في الثامن من شباط الأسود على يد عتاة حرس البعث اللا قومي .. كانت أقرب العوائل الشيوعية إلى عائلتنا هي عائلة الشيوعي المرحوم مكي حمزة ( أبو كوكب ) , حيث كانت عائلة أم كوكب زوجة المرحوم مكي حمزة من أشهر العوائل الشيوعية في قضاء السماوة …
في مثل هذا اليوم الأسود الأكثر دموية في التأريخ المعاصر , بدأت محنة العراقيين مع القتل والتعذيب والتوّحش وانتهاك الأعراض والحرمات .. وبدأت معها رحلة دفن الناس أحياء وتقطيع أجسادهم .. لم يكن الأمر مجرّد انقلاب عسكري على نظام يقوده عسكري , فقد كان الانقلابيون مجموعة من الشواذ المتعطّش للقتل وسفك الدماء وهتك الاعراض , ومما ساعد الفاشست في القيام بهذه الجرائم التي لطّخت جبين الإنسانية , هو موقف المؤسسة الدينية في ذلك الوقت التي اعتبرت الشيوعية أكثر خطرا من الفاشية .. ونحن نستذكر هذا اليوم الذي لا يصّح فيه إلا إعلان الحداد وتنكيس أعلام الدولة , أتوّجه لكلّ العراقيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم القومية والدينية والسياسية , أن يكون الثامن من شباط عبرة ودرسا كي لا تتكرّر مأساته مجددا , وأن نستلهم من ذلك الدرس القاسي الإرادة والعزم للوقوف بوجه الفاشية الجديدة التي تهدّد النظام الديمقراطي في العراق , وجرّ البلد إلى الخراب والقتل وسفك الدماء .. عاش العراق .. عاش العراق .. عاش العراق .. والمجد والخلود لشهداء الثامن من شباط .. والعار كلّ العار للبعثيين الفاشست الذين سوّدوا وجه الإنسانية وشوّهوا صحائف التاريخ ..
في الثامن من شباط الأسود 2021