السيمر / فيينا / الأثنين 17 . 05 . 2021 —– ما أطلقته الشرطة الإسرائيلية على المتظاهرين الفلسطينيين في القدس الشرقية لم يكن فعليا سوى رصاص فولاذي، مغطى بغلاف مطاطي وقادر على إحداث إصابات خطيرة.
هذا ما أكده خبير دراسات الشرق الأوسط الفرنسي جان بيير فيليو في تقرير له بصحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية، مشيرا إلى أن الصحافة الدولية دأبت، في تغطيتها لدورة العنف الأخيرة في القدس الشرقية، على وصف ما تطلقه الشرطة الإسرائيلية على المتظاهرين الفلسطينيين بأنه “رصاص مطاطي”.
لكنه نوه إلى أن مراسل صحيفة لوموند في القدس كان من بين ثلة قليلة من الصحفيين الذين انتبهوا لهذا الأمر وأصبحوا يصفون تلك الطلقات بصفتها الحقيقية وهي أنها “رصاصات معدنية مغلفة بطبقة مطاطية”.
وأضاف أن تلك الطبقة رفيعة جدا ولا تكاد تؤثر في شدة الطلقة التي يمكنها إن صوبت إلى الرأس أن تحدث إصابات خطيرة أو حتى مميتة.
لذلك، يقول فيليو، من المهم دحض أسطورة “الرصاص المطاطي” الذي تستخدمه قوات الأمن الإسرائيلية في القدس الشرقية، بينما يتم استخدام الذخيرة الحية في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن أسطورة “الرصاص المطاطي” وضبط النفس الذي من المفترض أن يصاحبها لا ينفصلان عن أسطورة القدس الشرقية التي يراد لها أن تكون بالكامل جزءا من إسرائيل.
وأوضح في هذا الصدد، أن هذه المدينة المقدسة قسمت من خلال “الخط الأخضر” لوقف إطلاق النار، من عام 1948 إلى عام 1967، بين جزء غربي مدمج في إسرائيل وجزء شرقي، مع المدينة القديمة وما يتبعها من أماكن مقدسة.
لكن إسرائيل، كما يقول الكاتب، شرعت في وقت مبكر من يونيو/حزيران 1967، في الضم الفعلي للقدس الشرقية، تحت يافطة “التوحيد الإداري” للبلدية المسؤولة الآن عن المدينة بأكملها، ثم أضفت الطابع الرسمي على هذا الضم، في يوليو/تموز 1980، بموجب “قانون أساسي”، ذي قيمة دستورية، صوّت عليه 69 نائبا من أصل 120 نائبا في الكنيست، وهو القانون الذي وصفه مجلس الأمن الدولي بأنه “باطل وملغى”، مما حرم إسرائيل من حق تغيير وضع هذه الأراضي العربية المحتلة من جانب واحد.
وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة التزمت بهذا الإجماع الدولي، حتى قرار الرئيس السابق دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها في مايو/أيار 2018، وهو ما لم تقدم عليه حتى الآن أي دولة أخرى سوى غواتيمالا وكوسوفو، بينما احتفظت جميع دول العالم الأخرى بسفاراتها في تل أبيب.
وهنا يلفت فيليو، إلى أن أسطورة القدس “الموحدة” تتحطم مع كل أزمة إسرائيلية فلسطينية، ويبرز بدلا من ذلك “الخط الأخضر” من جديد بين القدس الغربية و365 ألف إسرائيلي من جهة، والقدس الشرقية من جهة أخرى، حيث يواجه 220 ألف إسرائيلي 350 ألف فلسطيني.
ويؤكد الكاتب هنا أنه من وجهة نظر القانون الدولي، فإن هؤلاء السكان الإسرائيليين الموجودين في القدس الشرقية إنما هم مستوطنون مثلهم مثل 440 ألف مستوطن في الضفة الغربية، إذ إن هاتين المنطقتين الفلسطينيتين محتلتان منذ عام 1967، وعلاوة على ذلك، لا يحمل الفلسطينيون في القدس الشرقية الجنسية الإسرائيلية، ولا يمكنهم المشاركة إلا في الانتخابات البلدية التي يقاطعونها إلى حد كبير حتى لا يشرعنوا الأمر الواقع للاحتلال.
ويختم الكاتب مقارنته لحقيقة كل من الرصاص والمذكور وواقع القدس الشرقية، قائلا “يمكن أن يؤدي (الرصاص المطاطي) إلى القتل، وفي كثير من الأحيان، أن يحدث إصابات خطيرة ودائمة، مما يعني أن أكذوبة عدم إلحاق هذا الرصاص الضرر بالفلسطينيين لا يضاهيه سوى أكذوبة عدم احتلال القدس الشرقية، ففي كلتا الحالتين، يكفي خدش السطح لظهور الحقيقة المرة”.