السيمر / فيينا / الأربعاء 08 . 09 . 2021 —– تحولات كبيرة تشهدها الساحة العراقية سياسية واقتصادية خلال الأشهر الماضية، بعضها يتعلق بالانتخابات المبكرة والبعض الآخر بتوقيع اتفاقيات كبرى في عدد من المجالات، آخرها ما تم مع شركة توتال الفرنسية في مجال الطاقة بمبلغ 27 مليار دولار.
يرى مراقبون أن التحركات التي يقوم بها الكاظمي مؤخرا إيجابية إن كانت تصب في صالح الشعب العراقي، لكن الغريب أنها تأتي في وقت حرج يفترض فيه أن دور حكومة الكاظمي هو تصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، أما ما يحدث على أرض الواقع ربما يؤشر إلى أن لدى رئيس الحكومة وعود قطعية باستمرار حكومته حتى بعد الانتخابات، وهو ما ستكشفه الأيام القادمة.
زيارة ماكرون
بداية، يقول الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور رحيم الكبيسي، إنه “بكل أسف في العراق الآن لا تستطيع أن تفتش عن فراغ دستوري وإداري وقرب انتخابات، وهل يحق لحكومة تصريف أعمال أن توقع عقود بتلك المبالغ الطائلة، ولكن هذه ليست المرة الأولى، نحن نعرف أنه في آخر أيام رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي، تم توقيع مذكرة تفاهم مع الصين، وهناك من كذبها وهناك من أكدها، وفي النهاية لم نحصل على شيء من الحقيقة”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك“، أن زيارة الرئيس الفرنسي للعراق، بالتأكيد لها طابع اقتصادي أكثر منه سياسي، حيث امتدت الزيارة لأكثر من يوم إلى أن فوجئنا بالتوقيع بين الحكومة العراقية وتوتال الفرنسية بمبلغ 27 مليار دولار لإنشاء محطات طاقة شمسية، معربا عن أمنيته بأن يخدم هذا التوقيع المواطن العراقي، فهم يقولون إن “كل العقود التي أبرمت سابقا والتي ستبرم في قادم الأيام تخضع للمحاصصة ويذهب 20 بالمئة من قيمة العقد إلى الطبقة السياسية التي تتربع على الساحة السياسية في البلاد من خلال اللجان الاقتصادية الموجودة لدى هذا التكتل أو هذا الحزب أو ذاك”.
تفاصيل غائبة
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه رغم التوقيع مع الشركة الفرنسية بالأحرف الأولى، إلا أن التفاصيل ما زالت غائبة ولا يعلم الشعب من أين ستأتي الطاقة الشمسية، ولماذا تنبهت حكومة الكاظمي بعد تلك السنوات الطوال أننا نحتاج إلى توظيف الطاقة الشمسية لكي نحصل على الكهرباء، وقد ذكرت منذ فترة وجيزة أن هناك 80 مليار دولار صرفت على الكهرباء، ثم تفاجأت بوزير المالية يصرح بأن الدولة صرفت 120 مليار على قطاع الكهرباء ومع ذلك مازالت الكهرباء تنقطع ساعات طوال خلال اليوم.
وتساءل الكبيسي، هل هناك ضمانة أن تبقى هذه الحكومة ما بعد إجراء الانتخابات القادمة، هناك أمور سرية لا أحد يعلمها، لكن نرى بعض المؤشرات عليها، مثل عودة مقتدى الصدر للمشاركة في الانتخابات وتبجيله للكاظمي في كل خطاباته، وبالتالي قد تكون هناك اتفاقات على تسمية الكاظمي مجددا بعد الانتخابات، لأن الكتلة الأكبر هى من تختار رئيس الحكومة، متوقعا أن لا تكون هناك كتلة تستطيع بمفردها القيام بذلك، لذا سوف تتعطل عملية تشكيل الحكومة الجديدة لعدة أشهر، وهنا تطرح فكرة استمرار حكومة الكاظمي وتتحول من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة دائمة خلال السنوات الأربع القادمة، وسوف نسمع عن الكثير من التوقيعات مع عدة دول قبل الانتخابات المقبلة.
تحالف سياسي
من جانبه، قال عضو مجلس النواب العراقي عن إقليم كردستان، عبد العزيز حسن، إن الكاظمي يطمح إلى العودة مجددا بعد الانتخابات إلى رئاسة الحكومة، حيث أن هناك تحالفات بين بعض الكتل السياسية التي لديها قوة في الشارع والأكثرية في مجلس النواب القادم بحسب التوقعات.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك“، أن رئيس الحكومة الحالي يراهن على فوز تلك الكتل في الانتخابات القادمة بالأغلبية متمثلة في جبهتين رئيسيتين، الجبهة الأولى تعتبر نفسها وطنية تابعة للحكومة وقريبة من المجتمع الدولي، والثانية يعتبرها البعض تابعة ولائيا لإيران، لذا فإن الصراع على هاتين الجبهتين مستمر حتى ظهور نتائج الانتخابات المقررة في 10 تشرين أول/ أكتوبر القادم.
وتابع حسن “في اعتقادي أن الكاظمي حسم أمره، حيث أن الخطاب السياسي الكردي سيكون موحدا بعد الانتخابات، لذا يضع الكاظمي أمره في فوز تلك الكتل وحصولها على الأغلبية.
رحيل أمريكا
وفيما يتعلق بصفقة شركة توتال الفرنسية، قال عضو النواب العراقي، إن هذه الصفقات تأتي بعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون ودعمه للبلاد، حيث يريد الفرنسيون الدخول إلى العراق لملء الفراغ الذي سيخلفه رحيل القوات الأمريكية عن العراق، مشيرا إلى أن الكاظمي لديه أجندة خاصة بالاستثمار في البلاد وكيفية مراعاة دول الجوار والبلدان التي لها دور أساسي في المنطقة.
وقال وزير النفط العراقي إن شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال ستبني أربعة مشروعات عملاقة للطاقة جنوبي البلاد، بقيمة 27 مليار دولار بموجب اتفاق وقع في بغداد، الأحد الماضي، فيما قال مسؤول في توتال خلال مراسم التوقيع، إن الشركة ستبدأ باستثمار مبدئي قيمته 10 مليارات دولار، مشيرا إلى أن الأعمال الهندسية ستبدأ بنهاية العام الجاري.
وأعلنت وزارة النفط العراقية، في شهر مارس/ آذار الماضي، توقيع اتفاقية مبادئ مع شركة توتال الفرنسية لتنفيذ 4 مشروعات، بينها إنشاء مجمعات ووحدات لمعالجة الغاز المصاحب واستثماره، وذلك على مرحلتين بطاقة 600 مليون قدم مكعب قياسي، بجانب مشروع تطوير حقل أرطاوي النفطي جنوبي البلاد.
مشروعات عملاقة
ومن جانبه، أوضح وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، في بيان نشرته الوزارة، أنه تم الاتفاق مع “توتال” الفرنسية على تنفيذ 4 مشروعات عملاقة، والمشروع الأول وهو الأهم، بحسب تعبيره، مشروع جمع وتكرير الغاز في جميع الحقول خارج اتفاقية غاز البصرة وهي حقول [أرطاوي، غرب القرنة /2، مجنون، الطوبة، اللحيس] التي تحرق كميات كبيرة فيها من الغاز.
وتعتبر شركة “توتال” التي تتخذ من باريس مقرا لها، واحدة من أكبر ست شركات نفطية في العراق، ولها استثمارات في مناطق متفرقة من العراق.
المصدر / سبوتنيك