السيمر / فيينا / الثلاثاء 05 . 10 . 2021 —— كشفت وثائق مسربة شراء الأسرة الحاكمة في قطر اثنين من أغلى المنازل في المملكة المتحدة في صفقة سمحت لها بتجنب دفع ضرائب بقيمة 18.5 مليون جنيه إسترليني.
واشترت العائلة العقارين في وسط العاصمة لندن عن طريق ما يعرف بشركات الخدمات المالية العابرة للحدود (أوف شور)، مقابل مبلغ يزيد على 120 مليون جنيه إسترليني، وقدمت طلبا لتحويلهما إلى “قصر كبير” من 17 غرفة نوم.
ولا يوجد ما يشير إلى أن الأسرة الحاكمة القطرية أو الجهة البائعة تصرفتا بطريقة غير قانونية.
ولم ترد الحكومة القطرية على أسئلة بشأن نتائج تحقيق بي بي سي.
وتعود ملكية العقارين إلى شركة “كراون العقارية Crown Estate”، وهي إمبراطورية عقارات تمتلكها ملكة بريطانيا، وتديرها وزارة الخزانة وتجمع الأموال النقدية لصالح المملكة المتحدة، وقالت الشركة إنه “بالنظر إلى القضايا المثارة” فإنها تبحث الأمر حاليا.
وتعد الوثائق المسربة جزءا من وثائق “باندورا”، واستطاع ما يزيد على 600 صحفي، بما في ذلك بي بي سي نيوز العربية، البحث في الملفات من 14 مصدرا منذ شهور.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية، أنه في عام 2013، اشترت الشيخة موزة بنت ناصر، زوجة أمير قطر آنذاك، المنزل 1 من قصر “كورنوول تيراس” في لندن مقابل 80 مليون جنيه إسترليني، مما يجعله أغلى عقار على الإطلاق يباع في المملكة المتحدة، ثم جرى شراء المنزل 2-3 المجاور من نفس القصر مقابل 40 مليون جنيه إسترليني.
ويُعتقد أن كورنوول تيراس أغلى بناية مؤلفة من صف للمنازل في العالم، ويقع في مواجهة حديقة “ريجينتس”، وكان قد صُمم وبُني في أوائل القرن التاسع عشر على يد المهندسين المعماريين الجورجيين المشهورين، جيمس وديسيموس بيرتون وجون ناش، الذين صمموا الحديقة أيضا.
وسعت الأسرة الحاكمة في عام 2015، بعد عملية الشراء، إلى ضم العقارين في “قصر كبير” واحد يضم 17 غرفة نوم و14 صالة وقاعة سينما وبارا للعصائر وحوضا للسباحة.
ورفض مجلس وستمنستر الطلب، ولكن يبدو أن طلبا ثانيا في عام 2020 قد قُبل.
وعلى الرغم من ذلك، تكشف الوثائق الجديدة المسربة أن العقارات تم شراؤها عبر شركات صورية مقرها ملاذات ضريبية خارج البلاد، وبذلك، تفادت الأسرة الحاكمة القطرية ما يقدر بـ 18.5 مليون جنيه إسترليني ضرائب على الأراضي حال تسجيل الحيازة.
وتظهر الوثائق أن الأسرة الحاكمة سجلت شركة خارجية جديدة تسمى “غولدن ساتالايت” لشراء المنزل 1 من قصر كورنوول تيراس، وليس باسم أحد أفراد الأسرة، ونظرا لأن العقار كان مملوكا بالفعل من قبل شركة صورية، قامت العائلة بشراء أسهم هذه الشركة واستحوذت على العقار كما لو كان أصلا من أصول الشركة.
وكانت شركة “كراون العقارية” قد باعت آخر مرة عقد إيجار المنزل 1 في كورنوول تيراس في عام 2005 مقابل 21 مليون جنيه إسترليني، كما بيع المنزل لاحقا من خلال شركة خارجية مقابل 84 مليون جنيه إسترليني، ويعني ذلك أنه على عكس بيع المنزل العادي، لم تتلق “هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك” ولا شركة “كراون العقارية” أي إيرادات أو حتى إشعار بيع.
وبالمثل جرى شراء المنزل 2-3 من كورنوول تيراس من خلال شراء شركة صورية جرى إنشاؤها لامتلاك العقد.
وكلتا الشركتين الصوريتين تملكهما شركة ” Tharb”، التي تأسست في قطر ومملوكة للمكتب الخاص لحاكم البلاد، الأمير تميم بن حمد آل ثاني.
وإذا جرت عمليات شراء العقارات نفسها باسم فرد من العائلة المالكة القطرية، فقد يؤدي ذلك إلى فرض رسوم ضريبية، كما أن التغييرات في قانون الضرائب في المملكة المتحدة تعني أن العقارات ستكون أيضا خاضعة لضريبة تركات بنسبة 40 في المئة.
وتُعرف هذه الشركات الصورية المالكة للممتلكات باسم “الشركات ذات الأغراض الخاصة”، وتستخدم بشكل شائع في تجنب دفع الضرائب.
وغالبا ما يكون استخدام هياكل الشركة التي تقع خارج نطاق رسوم الضرائب بهذه الطريقة مسألة خلافية. وقالت “هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك” إن التهرب الضريبي بهذه الطريقة يتعارض مع “روح القانون”.
وقال جوناثان بينتون، المحقق البارز السابق وخبير التمويل الدولي، إن الشركات ذات الأغراض الخاصة كثيرا ما تُستخدم لشراء عقارات باهظة القيمة في المملكة المتحدة.
ويشير خبراء ضرائب الممتلكات إلى أن هناك تغييرات في قوانين الضرائب تحد من رغبة المشترين في الخارج في الاستعانة بشركات خارجية، إذ يتعين عليهم الآن دفع ضريبة أرباح رأس المال وضريبة تركات، فضلا عن ضريبة تُطبق على الشركات التي تمتلك عقارات.
وكشفت بي بي سي، من خلال مزيد من التحقيق في وثائق باندورا، عن وجود العديد من الأصول العقارية الأخرى المملوكة للعائلة المالكة القطرية في المملكة المتحدة من خلال شركات خارجية، بقيمة تقديرية تزيد على 650 مليون جنيه إسترليني، على الرغم من أنه من غير الواضح إذا كانت هذه المشتريات تنطوي على تجنب دفع ضرائب.
وكانت حكومة المملكة المتحدة قد تعهدت مرارا بإدخال تشريعات تنص على ضرورة تسمية أولئك الذين يمتلكون عقارات عن طريق شركات أجنبية في مسعى للقضاء على غسيل الأموال.
وقال متحدث باسم إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية: “هذه إجراءات جديدة، ومن الضروري أن يحقق تسجيل (الشراء) التوازن السليم بين تحسين الشفافية وتقليل الأعباء على النشاط التجاري المشروع، وستقوم الحكومة بالتشريع عندما يسمح الوقت البرلماني”.
ووثائق باندورا هي عبارة عن تسريب لما يقرب من 12 مليون وثيقة وملف يفضح سر الثروات والمعاملات لقادة العالم والسياسيين والمليارديرات. تم الحصول على البيانات من قبل الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في واشنطن العاصمة وأدى إلى واحد من أكبر التحقيقات العالمية على الإطلاق.
شاهد أكثر من 600 صحفي من 117 دولة الثروات الخفية لبعض أقوى الأشخاص على هذا الكوكب. وقادت بي بي سي بانوراما وصحيفة الغارديان التحقيق في المملكة المتحدة.
المصدر : بي بي سي