السيمر / فيينا / الجمعة 18 . 02 . 2022
معمر حبار / الجزائر
كلّما تحدّثنا عن توسّل سيّدنا عمر بن الخطاب، بسيّدنا العباس عم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلاّ وقيل: إنّه دليل على جواز التوسل بالأحياء فقط، ودليل على عدم جواز التوسل بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأنّه ميت!!.
نقول: صلى سيّدنا عمر بن الخطاب صلاة الاستسقاء، وسط مئات كثيرة من أسيادنا الصحابة، والمبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، الخلفاء القادمون: أسيادنا عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا. وهؤلاء كلّهم كانوا أحياء. والسؤال: لماذا إذن لم يتوسّل بهم سيّدنا عمر بن الخطاب، وهم أحياء، وفضّل أن يتوسّل بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟.
سيّدنا عمر بن الخطاب، رجل دولة، ومن الخلفاء الراشدين، ومن العشر المبشرين بالجنّة، وعدّة آيات قرآنية نزلت تؤيّده فيما ذهب إليه. ورغم ذلك لم يتوسّل بشخصه، ومنزلته، ومرتبته، وتاريخه، ولقبه، وهو الحي، وفضّل التوسّل بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
لم يتوسّل سيّدنا عمر بن الخطاب، بابنه سيّدنا ابن عمر، وهو من أفقه أسيادنا الصحابة، و من أكثرهم حرصا على اتّباع سنّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومن الصالحين، وهو الحي. وفضّل التوسّل بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
لم يكن سيّدنا العباس من الأوائل الذين أسلموا، وكان في غزوة بدر مع جيش قريش، ومن أسرى بدر. ورغم ذلك فضّله سيّدنا عمر بن الخطاب على الجميع، وتوسّل به، وتنازل لأجل التوسّل بعمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عن شرط: “وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم”. سورة الواقعة، آية 12. ولم يتوسّل بالأوائل الذين أسلموا من أسيادنا الصحابة، وهم كثر، ومن الأحياء، وسبقوا سيّدنا العباس، وفضّل التوسل بعم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الذي لم يكن من الأوائل الذين أسلموا.
شهد سيّدنا علي بن أبي طالب صلاة الاستسقاء مع سيّدنا عمر بن الخطاب، ومن الأحياء، ولم يتوسّل به سيّدنا عمر بن الخطاب، وفضّل أن يتوسّل بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. والسبب بسيط، وهو: ابن عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أقلّ رتبة من عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، و فضّل سيّدنا عمر بن الخطاب أن يتوسّل بأعلى منزلة تتعلّق بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولذلك فضّل أن يتوسّل بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه أعلى منزلة من سيّدنا علي بن أبي طالب، ابن عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. مايعني أنّ لاعلاقة للتوسل بالأحياء، لأنّ سيّدنا علي بن أبي طالب، وهو ابن عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه، كان يومها من الأحياء، ولم يتوسّل به سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله، ورضوان الله عليه جميعا.
لم يتوسّل سيّدنا عمر بن الخطاب باسم سيّدنا العباس، ولم يقل: “اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بالعباس فَاسْقِنَا”. إنّما توسّل بعم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لقرابته بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين قال: “اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا”. مايعنى أن القربى لدى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هي المقدّمة لدى سيّدنا عمر بن الخطاب، وليس الاسم بذاته، ولو كان سيّدنا العباس بمفرده.
أجزم لو أنّ سيّدتنا فاطمة الزهراء، رحمة الله ورضوان الله عليها، كانت يومها على قيد الحياة، لتوسّل بها سيّدنا عمر بن الخطاب، وقال : “اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ ببنت نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا”. لأنّ البنت أعلى رتبة من العم، ومن ابن العم. وسيّدتنا فاطمة الزهراء، أعلى رتبة من سيّدنا العباس، وسيّدنا علي بن أبي طالب، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.
الخلاصة: توسّل سيّدنا عمر بن الخطاب، بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لا علاقة له إطلاقا، وأبدا بكون سيّدنا العباس كان حيا، وأهل المدينة يومها من رجال، ونساء، وأطفال أحياء. إنّما توسّل سيّدنا عمر بن الخطاب بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لقرابته بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
توسّل سيّدنا عمر بن الخطاب، بسيّدنا العباس، يدل على حبّ سيّدنا عمر بن الخطاب، لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحبّه، وتعظيمه، وتوقيره، واحترامه، لأسيادنا آل البيت، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا. وهذه من عظمة سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله ورضوان الله عليه.
من أنكر على سيّدنا عمر بن الخطاب، توسّله بسيّدنا العباس عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه حي، وليس لأنّه عمّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد أنكر فضل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنكر مكانة أسيادنا آل البيت، واحتكر لنفسه الفضل والمكانة باعتباره حي، وغيره من الأموات.
من قال: أنٌ التوسّل يكون بالأحياء، وليس بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه من الأموات، فقد وضع نفسه في منزلة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وهذا سوء أدب، وقلّة أدب مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
ممّا وقفت عليه، وأنا أتابع موضوع التوسّل، أنّ الذين يرفضون التوسّل بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه في نظرهم من الأموات، ويحصرون التوسل بالأحياء، إنّما يقصدون شيوخهم، وسلاطينهم، دون غيرهم، وبهذا يحتكرون التوسّل لشيوخهم، وسلاطينهم ، ويحرمونه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
*الشلف/ الجزائر
الجمعة 17 رجب 1443 هـ، الموافق لـ: 18 فيفري 2022