الرئيسية / مقالات / الاستبداد والفساد من أهم عوائق التنمية في الدولة الحديثة

الاستبداد والفساد من أهم عوائق التنمية في الدولة الحديثة

السيمر / فيينا / الخميس 31 . 03 . 2022  

د.ماجد احمد الزاملي

الفساد هو سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة والفساد الإداري يحتوي على قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل الإداري المناط بالشخص , غير أن ثمة انحرافاً إدارياً يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيء بسبب الإهمال واللامبالاة , وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد الإداري لكنه انحراف يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إذا لم يُعالج إلى فساد إداري. الفساد الإدارى يُمثل أهم المشكلات والصعوبات التى تعترض برامج وخطط التنمية وأن آثار الخطط السلبية لا تقتصر على المجتمعات النامية بل تمتد إلى كل المجتمعات الا أن الفساد الأدارى يكون أكثر أثراٌ فى المجتمعات النامية والتى تعاني من ضعف البنيان المؤسسي وغياب المشاركة الديمقراطية و تُعتبر ظاهرة الفساد والفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر. إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة بالإهتمام في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون وعلم السياسة والاجتماع، كذلك تم تعريفه وفقاً لبعض المنظمات العالمية حتى أضحت ظاهرةً لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها . تحرص كل الدول على اختلاف حجمها ومستويات نموها على إنشاء مؤسساتها الخالية من الفساد والترهل الوظيفي ، كما تحرص أيضا على تطوير هذه المؤسسات من آن لآخر لقناعتها بأهمية الدور الذي تقوم به دوائر ومؤسسات الدولة ,في نقل الدول إلى مراحل متقدمة من النمو.
تتواجد مظاهر المحسوبية والواسطة والمحاباة في مؤسسات الدولة جميعها وإن كانت بدرجات متفاوتة، ومن أمثلة ذلك أن يحصل أعضاء في حزب ما وأصدقاؤهم على غالبية الوظائف الحكومية والتسهيلات ّ الإدارية والمالية، وينطبق الأمر على الأحزاب الأخرى التي لها مؤسساتها الخاصة من مؤسسات أهلية، ورياض أطفال، وجمعيات خيرية، وغيرها التي تتعامل معها أيضاً ٍ على أنها نادِ مغلق أمام كل من لا ينتمي إليها. ومن الجدير ذكره هنا أن إجراءات اختيار المرشحين لشغل الوظائف المعلن عنها قد يتم ّ وفق القانون، لكن دون احترام حق الأشخاص في تكافؤ الفرص، حيث تعمد بعض المؤسسات إلى الإعلان في الصحف عن الوظائف الشاغرة، واستدراج طلبات التوظيف، وإجراء المقابلات، فقط مراعاةً للشروط التي تطلبها الجهات المانحة، أو أنظمة المؤسسة الداخلية، كل ذلك في الوقت الذي تكون فيه الجهات المتنفذة داخلها قد قررت سلفاً تعيين موظف محدد؛ لأسباب تتعلق بالعشيرة، أو بالحزب، أو العلاقة الشخصية، بعيداً عن المعايير والكفاءة المهنية. ومن الطبيعي، والحال كهذا، أن تتأثر الإدارة سلباً في مستوياتها جميعا، إذ من المؤكد أن المدخلات الإدارية الضعيفة ستؤدي حتمًا إلى مخرجات إدارية ّ أضعف ويتضرر منها بالذات من ليس له واسطة، والفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع، كما يتضرر منها المواطنون عموماً حيث تؤدي إلى تدني مستوى الخدمة الناتج عن وجود شخص غير كفوء لتنفيذ هذه المهمة. وتُعتبر ظاهرة الفساد الإداري والمالي من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية وما لها من تأثير كبير على عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات أعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى التحتية اللازمة لنموها. ولقد لاقت هذه المشكلة موضع اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقوا على طريقة وضع وتأسيس إطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال خطوات جدية محددة، الغرض منها مكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره والعمل على تعجيل عملية التنمية الاقتصادية من خلال إعداد الدراسات والبحوث اللازمة لغرض متابعة ومعالجة الفساد المالي والإداري الذي بدا وما يزال ينخر في جسد الدول، وبشكل واضح ومايتبعه من إعاقة في عملية إعادة الأعمار والتنمية الاقتصادية. إن البدايات الأولى للفساد الإداري ترى فيه ممارسات سلوكية لا تخضع إلى ضوابط أو معايير معينة، خاصة المعايير التنظيمية والبيروقراطية في إطار عمل المؤسسات، وهي بهذا المعنى تعتبر الفساد مرادفا للانحراف، فلا يقتصر انتشار الفساد على مجتمعات في فترات زمنية معينة، فالفساد ظاهرة إنسانية وزمنية مع اختلاف سعة انتشاره واستفحاله من مجتمع إلى آخر، ومن زمن إلى آخر سببه الرئيسي الظروف والمعطيات التي يمر بها المجتمع، ففي المجتمع اليوناني القديم الذي كان يعاقب على الرشوة بالإعدام طبقا لبعض التشريعات والتي انتقدها سقراط بقوله إن المرتشي كان يجزى على ارتشائه بالترقي في المناصب العسكرية والسياسية.والفساد الإداري أهم عوائق التنمية في الدولة الحديثة، وللأسف فإن أكثر الدول حاجة إلى التنمية هي الدول النامية من أكثرها فسادا، مع حاجة تلك الدول إلى مسارعة الخطى لتقليل الفجوة الحضارية بينها وبين الدول المتقدمة. ان الفساد الإداري لا يفترض بالضرورة أن يكون انحرافا عن النظام القيمي السائد بل هو انحراف عن قواعد العمل وإجراءاته واشتراطاته وقوانينه وتشريعاته. ويأتي هذا الانحراف نتيجة أسباب عديدة ليشكل خرقا لهذه القوانين المعتمدة في النظام الإداري. ذلك ان الفساد الإداري بكافة أشكاله وأنماطه يعتبر آفة تلحق الإضرار بجودة الأداء وفعاليته، وتقف عائقاً أمام اتخاذ القرارات الرشيدة، وتحقيق أهداف المنظمات العامة فيتدنى مستوى الأداء والعطاء، الأمر الذي قد يخلق شيوع الفساد الإداري الذي إذا لم يتم معالجته والقضاء عليه فانه ينخر مؤسسات الدولة. إن الفساد الإداري الذي تعاني منه بعض الأجهزة الحكومية لا يأتي من فراغ وإنما هناك مسببات عدة تقف وراء ظهوره والتي قد يكون منها غياب عنصر الرقابة الذاتية، وكثرة الإجراءات وتعقيدها، وعدم مناسبة الأجر أو الراتب إلى غير ذلك، ومن أجل ذلك من الضروري تلمس هذه المسببات لاجتثاث هذه الآفة وتحقيق الوصول الى حلول يمكن بها التصدي للفساد ألإداري. والإدارة سلاح ذو حدين قد تسعد الإنسان وقد تشقيه فلو انها طبِّقت وفق الأصول والأسس العلمية لها والتي يراد من خلالها العدالة والنماء وتقديم أفضل الخدمات حتماً سيكون الإنسان سعيدا ولو أسيء فهمها وطبقت وفق الأهواء ملبية للرغبات على حساب المصالح العامة فإن الأمر سيتفاقم وتتحول إلى كابوس يؤرق الناس تستغل من خلالها حقوقهم وتُسلب حريتهم ويتم حرمانهم من الخدمات. ان إيجاد آلية معينة لبحث مظاهر الفساد، ومسبباته، وسبل علاجه ومكافحته والوقاية منه، إنه من الصعوبة بمكان تحديد مكامن الانحراف والفساد وسبل إصلاحه ما لم يكن الأمر مبنياً على أسس علمية وقاعدة معرفية من أطراف متخصصة في شتى المجالات المتعلقة بالعلوم الإنسانية، ولتكن هذه الأطراف هيأة استشارية، أو وزارة، أو غيرها من التسميات، يُحال إليها كل مظاهر ومؤشرات الانحرافات، وأشكال الفساد المستشري بالمنظمات لإيضاح أسباب هذه المظاهر، وسبل الحد منها، وكيفية مجابهتها والقضاء عليها خلال فترة زمنية معينة، لأن الهروب من العمل، والغياب المتكرر والمتعمد، والتسيب في أداء الوظائف، تُعد مظهرا من مظاهر الفساد، ولكن قد تختلف مسبباتها من جهة أخرى، وبالتالي ما لم تدرس الأسباب بعناية، وتعالج الأمور من جذورها من جهة أخرى تمتلك القدرة ,المعرفة العملية، التخصص، الخبرة العملية والرغبة في الاضطلاع بهذه الأمور، فإن احتمال بقاء الخلل او الفساد يبقى قائماً.
العلاقة بين الاستبداد والفساد علاقة تكاملية، فالاستبداد يؤدي إلى الفساد، والفساد يدفع إلى الاستبداد، فإذا بدأ الفساد دُعِيَ الاستبداد ليحميه، وإذا بدأ الاستبداد جاء الفساد ليبنيه، ويُعد الفساد من الأدوات المهمة في تدعيم الخلل والاستبداد في علاقة الحاكم بالمحكوم، إذ يعمل على ترسيخ الاستبداد واتساع رقعته، ويقوم الحاكم بإحاطة نفسه بشبكة من الأفراد الفاسدين الذين تجمعهم مصلحة واحدة، وهي الإبقاء على الحاكم في منصبه أطول فترة ممكنة، لأنهم يستفيدون من وجوده في تضخيم ثرواتهم المختلفة بالعديد من السبل غير المشروعة التي يغمض الحاكم عينيه عنها، ويمنحهم الحصانة التي تجعلهم فوق القانون ما داموا يدافعون عنه ويمنحونه ولائهم وتأييدهم.وتتعدد الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة الفساد وتفشيها في المجتمعات، يمكن إجمال مجموعة منّ العوامل المرافقة والمساعدة لممارسة الفساد التي تُشكِّل في مجملها ما يسمى ببيئة الفساد. وتجدر الملاحظة هنا إلى أن هذه الأسباب، وإن كانت متواجدة بشكل أو بآخر في المجتمعات كلها، تتدرج وتختلف في الأهمية بين مجتمع وآخر، فقد يكون لأحد الأسباب الأهمية الأولى في انتشار الفساد في بلد أو مجتمع ما، بينما يكون في مجتمع آخر سبباً ثانوياً. وبشكل عام يمكن إجمال الأسباب في:
.-ضعف سيادة القانون حيث إنَّ معظم المجتمعات التي لم تستكمل حزمة التشريعات الخاصة بتنظيم العمل العام وعدم كفاية التشريعات الخاصة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، أو وجود ضعف في احترام سيادة القانون تُنتهك الحقوق والحريات دون رادع، وتصادر حرية ّ الرأي والتعبير والتنظيم، كما يحاصر دور الصحافة ووسائل الإعلام، وتُهمش الأحزاب والنقابات، ّ وتضعف معها مؤسسات المجتمع المدني، ويختل التوازن بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ويستشري الفساد الاقتصادي والاجتامعي، وبذلك يتم نسف مرتكزات التنمية السياسية جميعها.
, -ضعف الجهاز القضائي, إن استقلالية وفعالية أجهزة النيابة العامة التي تتولى التحقيق والملاحقة للكشف عن الجرائم وتقديمها إلى محاكم لا يتمتع قضاتها بقدرتهم على تنفيذ الأحكام التي يصدرونها، يفتح المجال للإفلات من العقاب والمحاسبة والردع بما يُشجع بعض المسؤولين على استسهال التطاول على المال العام، أو استغلال موقعه الوظيفي للحصول على مكاسب خاصة له أو لجماعته.
.- ضعف الإرادة والنية الصادقة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد, وذلك في عدم اتخاذها إجراءات صارمة وقائية، أو علاجية عقابية بحق عناصر الفساد، بسبب انغامس هذه القيادة نفسها أو بعض أطرافها في الفساد، وبالتالي لا يتم تطبيق النظام بدقة وفاعلية على الجميع َ بسبب الحصانات، ويفلت من العقاب من لديه وساطة، أو محسوبية، أو نفوذ. وقد أدى تطور الدولة وإتساع نطاق نشاطاتها إلى التفكير ملياً بإيجاد وسائل من شأنها المساهمة في إبراز ذلك النشاط والذي تهدف من ورائه لتقديم خدماتها للافراد, وإستكمالاً لما بدأت به الدولة من اللجوء لمثل تلك الوسائل وجد من الضرورة تنظيم التشريعات المُتَّبَعة في ظِلها للحفاظ على المصالح والاموال العامة والخاصة. إن موضوع الوظيفة العمومية مرتبط بإختيارات سياسية وإيديولوجية للدولة. فتغيير هذه الاختيارات السياسية يؤثر على قطاع الوظيفة العمومية بما في ذلك النظام التأديبي بالإضافة إلى كل ما سبق ساهم في هذا التغير مصادقة أغلب إن لم نقل جميع الدول على معظم المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان ؛كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى إتفاقيات أخرى جهوية ، كل هذه المواثيق والاتفاقيات كانت مهمة نظراً للمسؤولية الدولية المترتبة عن الإخلال بها. تُعد جريمة الإضرار بسوء نية بالأموال والمصالح من الجرائم ذات الضرر أي تلك التي يشترط لوقوعها حصول ضرر فعلي أو أن يتسبب الموظف أو المُكلف بخدمة عامة في ذلك الضرر من جراء فعله في أن يُصيب الجهة التي يعمل بها ضرراً, والذي يهدف من وراءه الحصول على منفعة لنفسه أو لغيره(1), فالموظف أو المكلف بخدمة عامة يكون متسبباً بالاضرار إذا لم يكن قد دقق في الكشف على المواد التي إشتراها, أو عند إستلامها مما ترتب عليه حصول ضرر للجهة التي يعمل بها فهي من جرائم الخطر وليس من مستلزماتها أن يترتب ضرراً على المصلحة العامة. فجريمة الاستفادة مبنية علي جريمة الإختلاس فلا بد من وجود قبول بالإخلال بالوظيفة من جانب الموظف أي توافر أركان جريمة الإضرار لكي يتم محاسبة المستفيد عن تلك الاستفادة ويلاحظ أيضاً أن المشرِّع لم يُفرِّق بين الموظف العام والموظف الخاص فقد ساوى المُشَرِّع في تلك الجريمة بينهما لمعاقبة المستفيد ويُشترط توافر الجريمة بركنيها المادي والمعنوي.
ولما كانت الدولة في العصر الحديث عبارة عن كم هائل من المؤسسات والسلطات والأجهزة التي تعمل باسم المجتمع ولمصلحته , فان عمل هذه المؤسسات والسلطات والأجهزة يكون وفقاً للقانون بمعناه العام الذي يمنحها الاختصاص والصلاحيات التي تقوم بها والاساس القانوني يعطي السلطة الواقعية لجهة معينة بممارسة اختصاصاتها ، وبموجب تدرج القواعد القانونية فيكون البناء القانوني للدولة من مجموع القواعد القانونية المتدرجة بحيث يقف الدستور في قمتها وبعدها تأتي القواعد القانونية الاقل. مرتبة” منها(2) والقانون عندما يمنح لجهة ممارسة الاختصاص الرقابي فان ذلك يعد ضمانه ضد تعسف بعض الجهات في اقحام نفسها في عملية الرقابة كذلك فان تحديد الاختصاص لجهة معينة بممارسة اختصاصها يُعد وسيلة في رقابة الرأي العام على عمل هذه الجهة وفق اختصاصها(3) ، يعد الاساس القانوني الذي يمنح الاختصاص الرقابي لجهاز معين من الوسائل التي تكبح جماح الادارة وردها اِلى الطريق السليم إذا انحرفت في تصرفاتها وأعمالها حيث القانون اعطى الاختصاص لأجهزة مستقلة خارجة عن الادارة في ممارسة اختصاص الرقابة عليها وهذا يحقق هدف الرقابة في حماية حقوق الافراد وحرياتهم والمحافظة على المال العام كما وقد يعطي الأساس القانوني للجهة المعنية بالرقابة في بعض الدول صلاحية توجيه أسئلة واستفسارات اِلى المواطنين وعلى المواطنين ان يجيبوا عليها( 4 ) لكي تقوم هذه الأجهزة بدورها الرقابي بصورة سليمة وتفعيل عملها بالاعتماد على هذه الاسئلة الموجهة للمواطنين واشاعة ثقافة الرقابة في المجتمع . ونظام رقابة اجهزة خارجية ومستقلة الذي ينص القانون عليه كفيلا” بتحقيق الغاية التي تهدف اليها الدولة الحديثة في رقابة أموالها و مراقبة أعمال وتصرفات الجهات والسلطات الاخرى في الدولة بحيادية تامة من اجهزة مستقلة عن السلطات لا تتبع أو تخضع لتلك السلطات والادارات دون اي تأثير على العمل الرقابي الذي تقوم به.
ومبدأ المسائلة يعطينا الحق في الاستفسار عن تصرفات الآخرين الإدارية كما يمنحهم أيضا في شرح وجهة نظرهم حول سلوكياتهم وتصرفاتهم المتعلقة بأداء أعمالهم ، ومن ناحية أخرى فإن مبدأ المسائلة في الإدارة يقتضي أن تكون لدى الشخص الصلاحيات التي تمكِّنه من أداء عمله ، والتي من الممكن على أساسها مسائلته عن عمله . وفكرة المسائلة فكرة قديمة في التراث البشري وأساس من أسس ترسيخ الأمانة في سلوك أفراد المجتمع ، فلقد بدأت مع الأفراد في مجتمعاتهم التقليدية البسيطة لتمتد فتشمل بعد ذلك مسائلة الجماعات فالمؤسسات التي تمثل اليوم سمة العصر الحديث فيما يتصل بنظام العمل وتقديم الخدمة أو المنتج للجمهور ، بل يمكن القول بأن مبدأ المسائلة لم يعد قاصراً على الأفراد والمؤسسات ، بل أمتد ليشمل الحكومات التي أصبحت تخضع للمسائلة كما يخضع لها الأفراد. مفهوم المسائلة يدور حول حق ذوي العلاقة في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال المسؤولين فيما يتعلق بإدارة مصالحها ، ومطالبتهم بتقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وواجباتهم في إدارة مواردهم ، وكيفية تعامل المسؤولين مع الانتقادات التي توجه لهم وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم وقبول المسؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو الخداع أو الغش ، وذلك من أجل التأكد من مطابقة أعمال هؤلاء المسؤولين مع أسس الديمقراطية القائمة على الوضوح وحق ذوي العلاقة في المعرفة بأعمال المسؤولين والعدل والمساواة ومدى اتفاق أعمالهم مع قوانين وظائفهم ومهامهم حتى تصل لتطبيق مضمون النزاهة ليكتسب هؤلاء المسؤولين الشرعية والدعم المقدم من ذوي العلاقة التي نضمن استمرارهم في أعمالهم وتمتعهم بحقوقهم.
——————————————-
1-د.فتوح عبد االله الشاذلي , المسؤولية الجنائية , دار المطبوعات الجامعية , الاسكندرية , ٢٠٠١ -لطيف شيخ محمود البرزنجي , الجرائم المخلة بالثقة والمصلحة العامة , المكتبة القانونية , بغداد 2015 –
-د.ماهر صالح علاوي الجبوري , الوسيط في القانون الاداري , دار ابن الاثير للطباعة والنشر , جامعة الموصل , الموصل, ٢٠٠٩
د. محمود الجبوري , القضاء الإداري دراسة مقارنه , مكتبة دار الثقافة للنشر والطبع , عمان , 1998 ,ص 20 2-
3-دانا رحمن فرج , ضمانات خضوع الدولة لمبدأ الشرعية , رسالة ماجستير , جامعة محمد بن سعود الاسلامية, المعهد العالي للقضاء , قسم السياسة الشرعية, السعودية , 1428-1429 هـ , ص 92
4-د. محمود الجبوري , القضاء الإداري دراسة مقارنه , مكتبة دار الثقافة للنشر والطبع , عمان , 1998 ,ص 20

اترك تعليقاً