السيمر / فيينا / الاثنين 08 . 08 . 2022
سليم الحسني
لا أتحدث عن القوة والضعف، فهذا المنصب لا يصله إلا من رضي بالضعف ثوباً. وهذه الكتل السياسية لا تمنح صوتها لقوي يحاصر أذرعها، أو شجاع يكسر طغيانها، أو نزيه يخنق فسادها. لا تعطي هذه الكتل المنتشرة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب موافقتها لرئيس وزراء يقف بوجه قادتها منتصب القامة، حاد النظرات واضح الكلمات، إنما تريده ضعيف الرأي والشخصية والحضور.
لا أتحدث عن ذلك، فهذا أمر محسوم في قناعاتي، إنما أحدّثك عن نفسك أنت يا رئيس الوزراء، عن بدايتك المتفائلة وعن حالك الآن. لقد انحدرت انحدار الساقط في منحدر مظلم، فلا يرى ما يتشبث به. وكان الأمر يهون لو أن الأمر يختص بك وحدك، فأنت ومصيرك الى حيث شئتَ أن يكون. لكنه العراق المسكين الذي أركسته معك، فما أبقيت له هيبة ولا احتراماً ولا رائحة سيادة.
كنتُ أظنك في أيامك الأولى صادق الوعد، حسن الإدارة، فما أبعد ظني عن حالك.
لم تكن كذلك أيام زمان، كنتَ طيباً بسيطاً، لكن السلطة لعبت بعقلك وروحك فصنعت منك نسخة شوهاء كريهة. فرحت تبحث عن أسباب البقاء تستجديها بأي ثمن. وهل يبلغ الانسان رخصاً أكثر من ذلة السؤال على منصب؟
إجلسْ على كرسيك، عاماً واثنين وعشرة، يمكنك ذلك بسهولة، فأنت النموذج المطلوب من كل الكتل. لا أقول لك سينتفض الشعب ويقتلعك من الجذور. هذا الاحتمال مستبعد في العراق، فالانتفاضات الشعبية محكومة بحسابات عميقة، ولك فيها معرفة كافية ودراية واسعة.
لا أقول لك ارجع الى طيبتك وسابق عهدك، فقد ماتت الطيبة وتلاشت بداخلك، وأنقلبتَ جوفاً لا يشبع، وقلباً حجرياً لا تحركه معاناة الفقراء. لكني أقول لك ولأمثالك: إن لقمة الحرام مرّة لا تُشبع آكلها، وان لجوع الفقراء لعنة حامية تصيب الملعون فلا تفارقه. ليس في الدنيا ما يستحق ذلك، فيا بؤس ما اخترت من نهاية.
٨ آب ٢٠٢٢