السيمر / فيينا / الاثنين 29 . 08 . 2022
منار العامري
روى الفضل بن شاذان، عن محمد بن علي الكوفي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
(ينادى باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، لكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام، جبرئيل عليه السلام على (يده اليمنى) ينادي: البيعة لله، فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا)
المصدر: الارشاد للشيخ المفيد ج2 ص379
الحديث اعلاه يوضح ان يوم خروج الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) سيكون في يوم عاشوراء، وكأن سُنّة الله تعالى تريد ان توحي الينا بأن جيش الامام المهدي (عجل الله فرجه) نهر بشري، نهر لا يرويه الاّ عطش كربلاء فيغترفوا منه لينتصروا.
علمتنا عاشوراء الاولى ان اصحاب الحسين عليه السلام اجتازوا كل مراحل الغربلة، وان من يريد الوصول الى امام زمانه عليه ان لا يسقط في مهاوي الفتن، لذا علينا أن نتسلح بالحذر من الفتن لنصل إلى مهدينا المنتظر (عج)
علمتنا عاشوراء الاولى ان اصحاب الحسين عليه السلام تجردوا من كل ولائجهم وبطائنهم وموانعهم التي تحول بينهم وبين امام زمانهم فصاروا يفدونه بارواحهم كعابس، وسنرى عوابس كُثر في نصرة المهدي (عج)
علمتنا عاشوراء الاولى ان رؤية الامام لا تعني حسن العاقبة، فالشمر قد رأى امام زمانه ولكنه ذبحه بيديه، فلنراجع هدفنا هل هو رؤية المهدي (عج) ام نصرته؟
علمتنا عاشوراء الاولى ان النصر يحتاج الى بصيرة، فالعباس كان يرى امام زمانه بعين البصيرة فاحتضنت تلك العين سهماً باغياً لتذود عن الحسين وعياله، وانه حينما لم يستطع ايصال الماء الى العطاشى سقاهم بدل الماء كفين عذبتين، فلو أردنا ان نكون جيشاً للمهدي (عج) علينا أن نكون له كما كان العباس للحسين عليهما السلام.
علمتنا عاشوراء الاولى ان صمت الدماء يكون مدوياً لو وجد اعلامية كزينب عليها السلام، تنهض بتلك الاشلاء المقدسة امام عدوها قائلة: (ما رأيت الا جميلاً..!) فترتعد فرائصُهُ ظناً ان الكرّار قد بُعث من جديد، لذا ينبغي على نسائنا ان تفعل كما فعلت زينب (ع) ان اردنَ الالتحاق لنصرة المهدي (عج)
علمتنا عاشوراء الاولى كيف انتظرت رقيةُ امام زمانها حتى شهقت انفاسها الاخيرة بلوعة الاشتياق، فهل وصلت حرارة شوقنا إلى مهدينا (عج) لهذه الدرجة؟
علمتنا عاشوراء الاولى ان واعية إمام الزمان يستجيب لها حتى العليل، فيقوم من على فراش الألم متكئاً على عصاه ليحامي عن إمامه، لأن من يرى امام زمانه بلا ناصر يحرم عليه القعود، وهذا درس لكل من يريد نصرة المهدي (عج)
علمتنا عاشوراء الاولى ان لوازِم الشرع لا تُهمل حتى وإن احاطتنا اقسى الظروف، فينبغي ان تبقى العباءة على الرأس شامخةً، ويبقى همس صلاة الليل مدوياً، ويبقى الصوم عن المحرمات مفروضاً، مهما بلغت درجات الأضطرار، ولو تماهلنا في الالتزام الشرعي، من يضمن لنا أن المهدي (عج) سيقبلنا؟
علمتنا عاشوراء الاولى ان عاشوراء الثانية ستُعاد فيها مشاهد الذبح والتنكيل بالسلالة المحمدية، ومشاهد سبي النساء وقتل الصغار، مالَم يكن هنالك وعي كافٍ للذود عن المشروع المهدوي.
هاهي عاشوراء الثانية بانتظارنا فلنحمل قِربة عطش اللقاء، لنصبها في ذلك النهر البشري الذي يجري مسرعاً لنصرة المهدي (عجل الله فرجه الشريف) نهرٌ من المنتظرين العطاشى، الذين لا يسقيهم الا زمزمُ الفناءِ بين يدي محبوبهم الغائب عجل الله فرجه الشريف.