السيمر / فيينا / الثلاثاء 20 . 09 . 2022
سليم الحسني
استخدم الكاظمي سياسة الإرضاء مع كل الأطراف، وبذلك ضمن القبول عندهم جميعاً. لقد فهم مبكراً أن البقاء في هذا المنصب الرفيع سيكون في غاية الصعوبة بالنسبة له، فهو لا يستطيع الجلوس على هذا الكرسي جلسة مريحة ما لم يفتح خزائن الدولة لكل القادة السياسيين وحواشيهم وممثليهم من كرد وسنة وشيعة.
وجد الكاظمي أن العملية السياسية قائمة على الفساد، وأن العراق بلد منهوب بشعارات الإصلاح والقانون والبناء والسيادة وغيرها. وما مِنْ رئيس وزراء يتولى هذا المنصب إلا ويكون قد وقع على الطاعة لقادة الكتل، فهذه أكبر ضمانة للبقاء في السلطة، إنها الحرز الأعظم الذي يعصم حامله من سحب الثقة. وقد حمل الكاظمي هذا الحرز على صدره وأظهره للجميع، ولسان حاله يقول: دونكم مناصب الدولة فتخيّروا ما تشتهون.
نجح الكاظمي في هذا الأسلوب، واستطاع أن يثبّت نفسه خلال هذه الفترة، رغم تردي الأوضاع وكثرة الأخطاء واستياء الشعب وتعاظم الفساد. لكن هذه الصورة المعتمة لم تكن معلقة على جدار مكتب الكاظمي، لقد وضعها في المكان المألوف عند السياسيين أي في سلة المهملات. ولم تكن أمام الكاظمي سوى صور قادة الكتل وصور حكام الدول، وقد أقسم مع نفسه أن يرضيهم أجمعين، فلا تزول الابتسامة من وجوههم طالما أبقوه في السلطة.
استخدم الكاظمي إضافة الى ذلك، اسلوباً اضافياً من باب الاحتياط، فقد أخذ على نفسه أن يُظهر الضعف بأجلى صوره أمام القادة السياسيين، بحيث يرى كل واحد منهم أنه المهيمن عليه، وأنه لو أراد أمراً فأنه يتحقق قبل أن يقوم من مقامه، أو قبل أن يغلق هاتفه. وبذلك سيجلس على كرسيه آمناً، ويقضي ليله في نوم عميق، فالغد مضمون مثل الأمس.
بعض قادة الإطار التنسيقي يشعرون بالحرج أمام الجمهور الشيعي، لذلك فانهم يبحثون عن آلية لإبقاء الكاظمي، ظاهرها الرفض وباطنها التجديد. وفي هذا الخصوص يبذلون جهدهم في طرح مبادرات ومقترحات تدور وتلتف، ثم تلتف وتدور حتى تنتهي الى ولاية الكاظمي الثانية.
إنه قانون السياسة في العراق.. شعارات كبيرة لأسمى القيم وأكبرها، مثل الإصلاح والوطنية والبناء ومحاربة الفساد والقانون والسيادة وهيبة الدولة، وتحتها يستظل القادة ومقربوهم واقرباؤهم بالثراء العريض. خطة استخدموها ونجحت دورة بعد دورة، فرئيس الوزراء المطيع الذي يقدّم التنازل لهم، هو أفضل الخيارات.
لا يريد قادة الكتل السياسية، شخصية قوية. يكرهون الكفء النزيه. يمقتون القوي صاحب الرأي. لقد تركوا الأفضل واستبدلوهم بالذي هو أدنى.
٢٠ أيلول ٢٠٢٢