الرئيسية / طب وابحاث / سرطان الثدي في العراق.. موظفات يُفاجئن بالمرض ومصابات شُفينَ بـ”الاستقرار النفسي”

سرطان الثدي في العراق.. موظفات يُفاجئن بالمرض ومصابات شُفينَ بـ”الاستقرار النفسي”

السيمر / فيينا / الثلاثاء 25 . 10 . 2022 ——-  إنعام (أم علي) من محافظة كربلاء، أصيبت بسرطان الثدي من الدرجة الثالثة، فكان قرار الأطباء استئصال الثدي والخضوع للعلاج الكيميائي التي استمرت عليه لفترة سنة ونصف السنة، تلقت فيها 33 جرعة حتى تماثلت للشفاء التام.

تروي (أم علي) لوكالة شفق نيوز كيف بدأت عندها أعراض المرض بالقول “بداية لاحظت وجود ورم بسيط في الثدي ثم بدأ يكبر تدريجيا مع احمرار المكان ودخول الحلمة للداخل، عندها ذهبت للطبيب وانصدمت عندما أخبرني بأنني مصابة بسرطان الثدي”.

وتضيف، “حينها شعرت بالخوف والقلق من المصير الذي ينتظرني، لكني قويّت نفسي من أجل أطفالي وعائلتي والذين بدورهم كانوا دعما لي في تخطي هذه المحنة، والآن وبعد مرور ثلاث سنوات على شفائي من المرض أمارس حاليا حياتي بشكل طبيعي دون أي مشاكل صحية”.

أما في ما يتعلق بالشريط الوردي فتذكر (أم علي)، “واجهت صعوبة في عدم القدرة على تحريك يدي خاصة في موضع استئصال الثدي، فضلا عن إصابة الذراع بالتورم بمجرد لمسه نتيجة استئصال الغدد الليمفاوية أيضا، لذلك استخدمت الشريط الوردي لاعلام الآخرين بأنني مصابة ويجب الابتعاد عني، خصوصا عندما أكون في عملي بإحدى المؤسسات الصحية”.

وسرطان الثدي هو شكل من أشكال الأمراض السرطانية التي تصيب الثدي ويظهر في قنوات وغدد الحليب، وقد لا تظهر عادة أي أعراض في مراحله المبكرة ولهذا وجب التعرف عليه في تلك المرحلة، ولكن قد تظهر علامات على شكل نتوءات صلبة تحت الجلد في منطقة الثدي أو الإبط، تغير ملمس الجلد وطبيعته في منطقة الثدي، خروج إفرازات غير طبيعية من حلمة الثدي، ألم وتيبس الثدي.

ويزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي مع تقدم العمر، وتلعب الوراثة عاملا أساسيا في الإصابة به، حيث تقدر النسبة ما بين 5 إلى 10% لدى الأقارب من الدرجة الأولى، أي الأم والأخت والبنت.

ويعتبر شهر تشرين الأول/أكتوبر شهر التوعية بسرطان الثدي من كل عام، والذي يهدف إلى زيادة الوعي للكشف المبكر عن المرض في مراحله الأولى، حيث تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى خفض معدل الوفيات مع تطبيق برامج الكشف المبكر بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30%.

أما بالوشاح أو الشريطة ذات اللون الوردي حيث بدأت العام 1991 في مدينة نيويورك من قبل مؤسسة (كومن) نسبة إلى السيدة (سوزان كومن) التي توفيت بسبب سرطان الثدي في سن 33 حيث قررت أختها (نانسي كومن) إنشاء مؤسسة خيرية باسمها مخصصة لدعم مرضى سرطان الثدي، حيث تم توزيعها للمتسابقين في الماراثون الذي أقيم دعما للناجين من سرطان الثدي وثم تم اعتماد الشريطة كشعار عام للتذكير بالمرض.

99 بالمئة من المصابين نساء

يقول استشاري جراحة الأورام، الدكتور أحمد صالح، إن “ورم الثدي من الأمراض الشائعة عند النساء، وهو أكثر أنواع الأورام شيوعا عندهن، وتزداد نسبة إصابتهن عند تجاوزهن سن الأربعين، وتبلغ نسبة إصابتهن بالمرض 99% في مقابل 1% عند الرجال”.

عوامل الإصابة

العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بورم الثدي عديدة، تبدأ بالعوامل الوراثية وهي الجينات الوراثية والتطور بحقل الجينات والعلوم والهندسة الوراثية منها نوع brca1 and brca2، وهو ما حصل مع الممثلة العالمية أنجلينا جولي التي كان لديها هذا الجين وقررت رفع الثدي وقائيا، وفق صالح.

ويضيف صالح في حديث لوكالة شفق نيوز، “كذلك هناك عوامل هرمونية مثل أخذ العلاجات الهرمونية وكثرة التعرض لها أو وجود خلل فيها، أو حدوث أمراض أو عُقد في الثدي قد تتحول مستقبلا عند إهمالها وعدم متابعتها بصورة جيدة وعلاجها في الوقت المناسب إلى أورام في الثدي”.

خطر الإشعاعات 

إن علاقة الإشعاعات بالأورام السرطانية علاقة مباشرة، بحسب طبيب جراحة الأورام، ويوضح، أن “أي مكان تزداد فيه نسبة الإشعاعات عن الحد المسموح بها يعد هذا المكان مسرطنا، على سبيل المثال العاملون في قسم الأشعة – لديهم في القانون – إجازات إجبارية عند وصولهم للحد الأقصى من التعرض للإشعاع، وأيضا أبراج الضغط العالي أو البث الإذاعي أو شبكات الهاتف، فهذه جميعها تسبب بمرور الوقت السرطانات”.

العلاجات

إن ورم الثدي يُقسّم على خمس درجات، وكل درجة لها علاج معين، “وتنوعت العلاجات في الآونة الأخيرة ولم تقتصر على الجراحة فقط كما في السابق، بل ظهر العلاج الكيميائي والإشعاعي والبيولوجي والجيني، لكن الأخير لا يزال قيد البحث والدراسة”، وفق صالح.

وفي ما يخص العلاج الجراحي، يقول صالح، أنه “شهد تطورا ملحوظا خاصة في السنوات العشر الأخيرة، فلم يعد يُستئصل الثدي كاملا كما في السابق مسببا ضررا نفسيا كبيرا على المرأة، وإنما جزء منه فقط، وإبقاء أكثر من 75% منه، ودون خطر رجوع المرض للمكان، إضافة إلى إمكانية إجراء عمليات تجميلية للثدي في الوقت نفسه إذ يتم ترميم الجزء المُزال عن طريق السيليكون أو حقن الدهون وغيرها من الخيارات التجميلية للمحافظة على شكل الثدي الأصلي بنسبة تصل إلى 80%”.

أما العلاج الكيميائي، فأن المرضى – في السابق – كانوا يتخوفون منه بسبب مضاعفاته التي منها تساقط الشعر، لكن مع تطور العقاقير الكيميائية أصبحت هذه المضاعفات قليلة الحدوث، بحسب الطبيب الاستشاري، مؤكدا أن على كل امرأة تجاوزت سن الأربعين إجراء فحص سنوي للثدي لاكتشاف المرض مبكرا وعلاجه وهو في بدايته.

موظفات يُفاجئن بالإصابة

تُسيّر بعض الدول عيادات متنقلة مجهزة بأجهزة السونار وأشعة الثدي تجوب المناطق لفحص لنساء بهدف كشف المرض مبكرا، وفي العراق – يذكر صالح – كانت “هناك جولات على وزارات لفحص كوادرهن النسوية، وتم اكتشاف إصابة عدد من الموظفات بالمرض وهو في مراحل متقدمة دون علمهن، وقُدّم لهن العلاج وفق ما يناسب كل حالة”.

الشفاء بالاستقرار النفسي

يرى مختصون أن الضغوطات النفسية (التوتر والإجهاد النفسي) لهما الأثر الكبير في انتشار الخلايا السرطانية في جسم المريض، لكن في المقابل فإن الراحة النفسية وإزاحة القلق من تفكير المريض يؤدي إلى انخفاض مستوى تلك الأمراض في جسم المصاب وحتى شفائها في بعض الحالات. 

وهذا ما حصل عند افتتاح ما تسمى بـ”أقسام التلطيف النفسي لمرضى السرطان”، وفق ما يقول الأخصائي في علم النفس، الدكتور أمير الحسن، ويوضح أن “هذه التجارب أثبتت أن الحالة النفسية للمريض إذا كانت مستقرة ستؤدي إلى تعجيل شفائه، وهناك الكثير من الحالات أثبتت نجاحها وتوقف انتشار السرطان في أجسامهم”.

ويتابع الحسن في حديثه لوكالة شفق نيوز، كما أن “هؤلاء المرضى بحاجة إلى ما يسمى بـ(التفريغ الانفعالي) وإلى ما يسمى بحضور (الجلسات النفسية العلاجية)، وهذه تنقسم إلى جلسات فردية وجماعية، فالفردية تختص بالفرد وهو أن يعبر المريض عن ما في داخله مع الكادر المختص بمجال العلاج النفسي لوحدهما، أما جلسات الجماعية فتكون عبر جلوس مجموعة من المرضى مجتمعين وكل شخص منهم يفرّغ ما في كينونة أفكاره ومشاعره وهمومه وأسباب توتره، وكل شخص يستمع للآخر ويساعده لتخطي هذه المرحلة”.

ويؤكد الخبير النفسي أيضا على أهمية “تثقيف المرضى بالمرض نفسه، والأسباب التي تؤدي إلى انتشاره والحد منها، وهذا يعتبر نوعا من أنواع التثقيف والتفريغ والقضاء على التوتر والمسببات للاضطرابات النفسية”.

وتنفّذ وزارة الصحة حملة مكثّفة للتوعية والتثقيف بأهمية الكشف المبكر عن مرض سرطان الثدي في شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، في ما أكدت أخصائية طب الأسرة ورعاية النساء الحوامل، الدكتورة ربى فلاح، لوكالة شفق نيوز الأسبوع الماضي، أن “الكشف المبكر يساعد على التعافي بنسبة 95%”، لافتة إلى “وجود أكثر من 49 مركزا صحيا للكشف المبكر عن المرض في عموم العراق”، مشيرة إلى أن “المراكز الصحية الحكومية سجلت نحو ستة آلاف حالة إصابة بسرطان الثدي، في عموم البلاد لحد الآن”.

تقليل مخاطر الإصابة

تشير الأبحاث إلى أن تغيير نمط الحياة قد يقلل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، حتى لدى السيدات الأكثر عرضة للإصابة به، وفي هذا الجانب تدعو الاستشارية في الأمراض النسائية الدكتورة رواء الجنابي في حديثها لوكالة شفق نيوز إلى تطبيق أربع نقاط:-

1- المحافظة على وزن صحي، إذا كنتِ تتمتعين حاليا بوزن صحي، فحاولي الحفاظ عليه. وإذا كنتِ في حاجة لإنقاص وزنكِ، فاسألي طبيبكِ عن الإستراتيجيات الصحية لتحقيق ذلكَ. قللي من عدد السعرات الحرارية التي تتناولينها كل يوم مع زيادة قدر التمارين الرياضية التي تمارسينها بالتدريج.

2- ممارسة النشاط البدني، النشاط البدني قد يساعد في المحافظة على وزن صحي وهو ما يساعد في منع الإصابة بسرطان الثدي، فيجب أن يقوم معظم البالغين الأصحاء بممارسة 150 دقيقة أسبوعيّا على الأقل من التمرينات الهوائية المعتدلة أو 75 دقيقة أسبوعيًا من التمرينات الهوائية الشديدة، بالإضافة إلى ممارسة تمارين القوة مرتين في الأسبوع على الأقل.

3- الرضاعة الطبيعية، قد يكون للرضاعة الطبيعية دور في الوقاية من سرطان الثدي، وكلما زادت مدة الرضاعة الطبيعية، زاد التأثير الوقائي من المرض.

4- الحد من العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث، قد يزيد العلاج الهرموني من خطر الإصابة بسرطان الثدي.

ويعد سرطان الثدي، أكثر أنواع السرطان شيوعاً حول العالم، وسُجّل في عام 2020 أكثر من 2.2 مليون حالة. وتُصاب قُرابة امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة بسرطان الثدي في حياتهن، كما أن هذا المرض هو السبب الأول للوفيات الناجمة عن السرطان في أوساط النساء، بحسب منظمة الصحة العالمية.

اترك تعليقاً