السيمر / فيينا / الأحد 19 . 02 . 2023
تنقسم آراء القوى السياسية والمراقبين حول عودة انتخابات مجالس المحافظات بين مؤيد لها عاداً إيّاها فكرة “عميقة وعظيمة”، لكن في تطبيقها وإدارتها حصل فيه إخفاق في السابق، ومعارض لها معتبرها “حلقة زائدة ومن حلقات الفساد والتخريب”، ملوّحاً بخطوات تصعيدية ضدها، قد تصل إلى حدّ التظاهرات خلال الأيام المقبلة.
ويفترض أن تجرى في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل انتخابات مجالس المحافظات، بناءً على ما تعهد به رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، ضمن برنامجه الانتخابي، واتفقت عليه القوى السياسية التي شاركت بتشكيل الحكومة.
وجاء هذا الاتفاق بعد تصويت البرلمان نهاية عام 2019 على حل تلك المجالس خلال الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بذلك، متهمة تلك المجالس بالفساد.
“لا بُدَّ منها”
يقول النائب المستقل، حسين السعبري، إن “مجالس المحافظات موضوع دستوري لا بد منه، لأن المحافظة إذا تُركت من دون مجلس فسوف تكون هناك دكتاتورية للمحافظ، وقيادة كاملة على المحافظة دون مجلس يراقب ويخطط ويلزمه بالعمل، لذلك أنا مع إعادتها لكن بنصف العدد، مع تقنينها لتصبح أشبه بفريق استشاري للمحافظ”.
ويضيف السعبري لوكالة شفق نيوز، “أما مسودة قانونها الذي عُرض في مجلس النواب وقرأ قراءة أولى، فهو يقصي جميع المستقلين والحركات الناشئة، ويضرب ثورة تشرين وضحاياها عرض الحائط، وكذلك توجيهات المرجعية ومطالبتها بقانون انتخابي منصف يُعيد الثقة للناخبين، لذلك طالبنا الجماهير بالعمل للتصدي لهذا القانون من خلال جلسات وخطوات تصعيدية قد تصل إلى حد التظاهرات”.
ويذهب مع هذا الرأي المحلل السياسي، علي البيدر، حيث أكد أن “مجالس المحافظات مؤسسات دستورية، لا يمكن إلغاؤها أو توقيف عملها بناءً على طلب المتظاهرين، أو اجتهاد البرلمان، أو رغبات سياسية أو فردية، وإنما يتطلب تعديلاً دستورياً”.
ويشير البيدر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “مجالس المحافظات فكرة عميقة وعظيمة، لكن تطبيقها وإدارتها حصل فيه إخفاق، فلم تكن بالمستوى المطلوب ووفق ما خُطط له، لكن في الوقت ذاته غيابها ولّد فجوة من التواصل بين المواطن والسلطة، وصنع دكتاتوريات في بعض المحافظات، حتى أصبح إقالة محافظ في ظل غياب مجلس المحافظة، أصعب من إقالة رئيس الوزراء نفسه”.
“حلقة زائدة”
في المقابل يرى النائب عن حركة امتداد، حيدر السلامي، أن “مجالس المحافظات حلقة زائدة وهدر للمال العام وفساد ومساومات وغيرها، لذلك حركة امتداد وعدد من النواب المستقلين مع إلغائها، وكذلك مع إلغاء مشروع تعديل قانونها المقترح، إلا أننا لا نستطيع منع عودتها في حال حصل التوافق على تمريرها داخل قبة مجلس النواب”.
ويتابع السلامي لوكالة شفق نيوز، “لذلك علينا الاستعداد فيما لو أُعيدت مجالس المحافظات، من خلال ترشيح مستقلين ومن حركات ناشئة لها، حتى يكون عملهم صحيحاً، وتكون فعلاً جهة رقابية على المحافظ وليست جهة داعمة له”.
ويتفق مع هذا الطرح، المتظاهر الدكتور، ضرغام ماجد، الذي عدّ مجالس المحافظات أيضاً بـ”الحلقة الزائدة، ومن حلقات الفساد والتخريب”، مبيناً أن “إلغاءها كان أحد ثمار التظاهرات التي طالبت بذلك، وذلك لأنها لم تُعمّر أو تبني أو تقدّم خدمة للمواطنين، بل على العكس، لذلك موقفنا ثابت ضد أي قانون أو قرار فيه ضرر للوطن ويزيد من معاناة الشعب”.
وأكد ماجد لوكالة شفق نيوز، أن “هناك خطوات ستُتخذ خلال الأيام المقبلة للتصدي لقانون الانتخابات أو عودة مجالس المحافظات، وهذه الخطوات لا تزال قيد الاعداد والتحضير، لكن من المؤكد ستشمل التظاهرات”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد)، أعلنت في عام 2021، بأن تعليق عمل مجالس المحافظات موافق للدستور ولا يعني إلغاء وجود تلك المجالس كهيئة محلية دستورية.
المحكمة أصدرت حول قضية “تعليق وإلغاء” مجالس المحافظات والأقضية والنواحي في العراق قراراً اعتبرت فيه وقف استمرار عمل مجالس المحافظات دستوريا، كما أن “استمرار عمل المجالس المنتخبة سواء كانت مجالس وطنية أو هيئات محلية بعد انتهاء دورتها الانتخابية يمثل خرقا لحق الشعب في التصويت والانتخاب والترشيح وتجاوز لإرادة الناخب”.
المحكمة الاتحادية أكدت، بأن “مجالس المحافظات تعد هيئات إدارية ومحلية يُعهد اليها تنفيذ الصلاحيات المالية والإدارية فقط ضمن مبدأ اللامركزية الإدارية ولم يخولها الدستور ممارسة الصلاحيات التشريعية”.
وتعمل مجالس المحافظات، التي يُحدد أعضاؤها بحسب النسبة السكانية لكل محافظة، على اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة المالية على ضوء ما تخصصه بغداد لها، ولها الحق في إقالة المحافظين ومدراء الدوائر.