السيمر / فيينا / الأثنين 13 . 03 . 2023
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
عانى شعب العراق من ظلم واجرام نظام صدام الجرذ الهالك، قتل وهجر واعدم ملايين من ابناء الشعب العراقي، ولم تسلم من إجرام صدام الجرذ حتى النخيل والغابات، فقد قام بتدميرها وتجريفها وحرقها بطرق همجية قل نظيرها بتاريخ العراق القديم والحديث، أنا كنت شاهد عيان لما جرى من حرق لغابات كردستان المثمرة من خلال قصفها بالمدفعية من قبل الجيش العراقي الذي كان يأتمر بأوامر صدام الجرذ والعناصر الشريرة الطائفية والشوفينية التي كانت متنفذة في قيادة الجيش، ورأيت ماجرى على بساتين البصرة من تجريف للنخيل من قضاء ابو الخصيب جنوبا إلى الفاو بطول ١٠٢كيلومتر حيث تم تجريف وحرق النخيل بفترة الحرب العبثية التي افتعلها صدام الجرذ في حرب غير مبررة ضد الجارة ايران، ورأيت كيف تم تجريف نخيل الهارثة في شرق شط العرب نزولا باتجاه الجنوب الشرقي مرورا بناحية عتبة إلى مخفر الشلامجة بطول ثلاثين كيلو متر حيث دارت بها معارك طاحنة، بحيث قادة الجيش قاموا بتجريف النخيل ووضع جذوع النخيل تحت حواضن المدافع لتثبيت المدافع في الرمي لكون الأرض رخوة، رأيت آلاف النخيل تم قلعها ووضعها تحت حواضن المدفعية في معارك المملحة السيئة الصيت، رأيت قيام قادة بالجيش من مناطق غرب العراق ووسطه في قلع أنواع جيدة من نخيل البصرة ونقلها إلى تكريت والانبار.
في فترة الانتفاضة اكمل صدام الجرذ مشروعه التدميري في تجريف نخيل محافظات بابل وكربلاء والنجف، اتبع نظام صدام الجرذ أسلوب تدميري استهدف القضاء على نخيل محافظات جنوب العراق ووسطه لأسباب مذهبية، أتذكر في حقبة الحرب الظالمة، كنا في الهارثة سمعت ضابط تكريتي يتحدث مع ضابط طائفي آخر نقل فيما بعد إلى حرس صدام الجرذ الجمهوري يقول له هؤلاء الكلاب( يعني أهل البصرة لا يستحقون هذا النخيل) اضطريت أن أرد عليه في أسلوب قوي بزمن كان الشيعي لايستطيع أن يقول كلمة لا.
خلال حقبة حكم صدام تعمد على حرق شعب العراق ، استلم صدام النتن حكم العراق ويوجد بالعراق والتي تسمى في أرض السواد ٣٣ مليون نخلة، ترك العراق بظل تناقص شديد في نخيل البصرة والعمارة وواسط والناصرية وبابل وكربلاء والنجف، في عام ٢٠٠٦ نشرت صحيفة ميدل إيست آي البريطانية تقرير حول خسارة العراق معظم نخيله، أجرى معد التقرير مع عناصر حاولت تبيض وجه صدام الكالح ودوره القذر في تجريف نخيل الجنوب والوسط لأسباب طائفية وإلقاء ذلك على عراق ما بعد ٢٠٠٣، كانت بالبصرة وحدها فيها أكثر من ١٥ مليون نخلة، دمرت وجرفت بحقبة حكم صدام الجرذ، حسب تقرير المجلة البريطانية كان العراق ينتج ثلاثة أرباع التمور في العالم لكن إنتاجه الآن لا يمثل سوى خمسة بالمائة فقط.
سميت البصرة والجنوب في أرض السواد بسبب كثافة أشجار النخيل في البصرة وجنوب العراق، وكانت نسبة عالية من أهالي البصرة والجنوب يعيشون من خلال اعتمادهم على صناعة التمور.
بعد سقوط نظام صدام الجرذ ابتليٌ العراق في الارهاب، وللاسف من قاد الإرهاب والقتل هم نفسهم القتلة من حثالات دولة البعث القتلة، لذلك تم أرباك المشهد السياسي بالعراق وذهبت أموال العراق للسلاح ومكافحة الارهاب وتوظيف اعداد كبيرة بالجيش والشرطة والصحوات، ولولا الارهاب لصرفت هذه الأموال في مجالات الصناعة والزراعة، رغم ذلك تم إطلاق مبادرات في حكومة السيد ابراهيم الجعفري في إعطاء مبلغ عشرة آلاف دينار لكل مواطن يزرع فسيلة نخيل، بعدها في حكومة السيد المالكي أطلقت أيضا مبادرة زراعية، الكثير من الحكومات المحلية في محافظات الوسط والجنوب قاموا في زراعة نخيل بالشوارع العامة لكن للأسف هؤلاء لم يزرعوا فسائل نخيل جديدة وإنما اعطوا المشاريع إلى مقاولين قاموا بنقل نخيل كامل من البساتين وزرعها في الشوارع العامة، ومات الكثير من النخيل، وبذلك خسر العراق آلاف من النخيل بسبب نقل نخيل كبار ولم يتم زراعة فسائل صغيرة.
السيد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قام في اصدار قرارات في دعم الصناعات الوطنية ومحاربة الفساد، ومساعدة العوائل الفقيرة، لذلك نطالب من السيد رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني أن يطلق مبادرة في دعم قطاع زراعة النخيل، الدولة العراقية تمتلك أموال وببساطة يتم استيراد مختبرات في تكثير النخيل من خلال
الزراعة النسيجية، هذه الطريقة لها دور مهم في تطور زراعة النخيل، وقد جربت هذه الطريقة في سلطنة عمان والامارات، في الإمارات بحقبة زايد آل نهيان عام ١٩٩٦ امر بزراعة ثلاثين مليون نخلة، الآن رأينا أسواق دول أوروبا تعج في التمور الاماراتية، الحكومة العراقية تستطيع دعم زراعة النخيل بطرق بسيطة وغير مكلفة، يوجد بالعراق بكل محافظة عراقية فروع لوزارة الزراعة، يمكن استيراد مختبرات الزراعة النسيجية وكل مختبر يستطيع إنتاج ٢٠٠٠ فسيلة بالسنة الواحدة، يمكن إنتاج فسائل نخيل البرحي ونخيل المجهول أو المدجول الذي غزى أسواق أوروبا والعالم ذات نوعية ممتازة، ويمكن للفروع الزراعية تمويل أموال مصاريف وزارة الزراعة من خلال بيع فساىل الانسجة بأسعار مقبولة ولتكن خمس دولارات عن كل فسيلة، الوزارة رابحة والدولة العراقية رابحة والمواطن العراقي رابح، بالعراق يقوم بعض التجار استيراد شتلات فسائل نسيجية من الإمارات بسعر عشر دولارات ويتم بيعها للمواطن العراقي بالبصرة بمبلغ ١٥٠ دولار، بالعراق وبالذات في محافظات الجنوب واسط والعمارة والناصرية وبسبب الترسبات الطينية لدجلة والغراف والفرات نشأت أراضي على طول الانهر تصل بكل ضفة إلى عمق خمسين متر وفي البعض تصل إلى أكثر من مائة متر، بحيث أصبحت على جوانب قنوات المياه أرضي زراعية كبيرة وخصبة جدا، يمكن للحكومات المحلية بمحافظات الجنوب تقديم مبادرة في زراعة هذه الأراضي على ضفاف نهر دجلة والغراف والفرات والتي تملكها من ناحية القانون وزارة الري في ملايين شتلات النخيل، لاتحتاج إلى مياه، فقط بالفترة الأولى من الزراعة تحتاج مياه، ويمكن تسهيل ذلك في إعطاء أو تأجير تلك الأراضي التابعة لوزارة الري للمواطنين الذين يملكون الأراضي التي تقابل ضفاف نهر دجلة والفرات والغراف، انا على يقين ضفاف نهر الغراف ودجلة ونهر الدجيلي في محافظة واسط كافية لزراعة ملايين من شتلات النخيل.
مامعقولة دول الخليج قاموا في خطوات في إكثار الأصناف الجيدة من النخيل، من خلال إنشاء مختبرات للزراعة النسيجية، تصوروا السعودية الآن مصدر اول للتمور على مستوى الخليج والشرق الاوسط، وهي لا تملك مياه.
هناك حقيقة أن استخدام زراعة الأنسجة النباتية لتجهيز الفسائل يعد ضروريا، للنهوض في إعادة العراق إلى صدارة دول العالم في زراعة النخيل، في العام الماضي عندنا صديق من محافظة بابل اسمه سعدون السلطاني الزبيدي قال قمنا في بيع تمر الزهدي إلى تجار إماراتيين بسعر ٣٠٠ دولار وبعد البحث في الأسواق الأوروبية وجدنا الطن من تمر الزهدي تجار إماراتيون يبيعونه إلى الأسواق الأوروبية بمبلغ عشرة آلاف دولار، تمر الزهدي لايحتاج تبريد وإنما يحتاج فقط يوضع في أكياس نايلون حجم نصف كيلو فقط، معظم سوق دول أوروبا للمواد الغذائية يهيمن عليها تجار عراقيين شيعة ومن أهالي البصرة بشكل خاص، سألتهم عن سبب عدم استيراد التمور العراقية، أحدهم قال ذهبت إلى مدينتي البصرة وعرضت فكرة استيراد التمور العراقية، راسا الجماعة قالوا له نريد حصة لنا، قال لهم التجار الإماراتيين يقبلون أيدينا لكي نشتري منهم التمور وانتم تريدون منا حصة يعني فرض أتاوة، الرجل ترك المشروع.
نظام صدام الجرذ حطم زراعة النخيل بالجنوب وقام في زراعة النخيل في محافظة صلاح الدين، الآن سقط نظام صدام الجرذ الهالك، المطلوب من الحكومة العراقية انصاف محافظات الجنوب والوسط من خلال إطلاق مبادرة لإعادة زراعة النخيل في محافظات الجنوب ومن خلال تكثير النخيل في طريقة الانسجة ويجب اكثار اصناف تمور البرحي والمدجول أو المجهول لجودة الصنف واقبال دول العالم على شراء تمر المدجول، الكيلوا الواحد يباع في السوبر ماركتات الدنماركية بمبلغ يصل إلى عشرين دولار.
قرانا بيانات في تبني الحكومات العراقية السابقة وبشكل خاص في حقبة السيد نوري المالكي في دعم العديد من البرامج الهادفة الى زيادة اعداد النخيل لتصل إلى أربعين مليون نخلة خلال عشر سنوات، مضت العشر سنوات ولم نرى إنجاز المشروع من قبل الحكومات المتعاقبة التي تلت حكومة السيد نوري المالكي.
العتبة الحسينية بادرت إلى عمل مشروع زراعة نخيل مدجول في عدد يصل إلى ثلاثين ألف نخلة، بادرة جيدة، يمكن للحكومة العراقية دعم العتبة الحسينية في تسهيل زراعة النخيل في واسط والناصرية والعمارة، تعثر إنجاز مشاريع الاعمار بالعراق بسبب لصوصية المقاولين، لدينا تجربة العتبات الحسينية والعباسية باتت ناجحة، يمكن دعم العتبات الحسينية والعباسية في إعطائهم مشاريع الاعمار والزراعة لانجازها، العتبات تعمل داخل العراق، أما الكثير من المقاولين أموالهم ينقلوها خارج العراق، لذلك مطالبة الحكومة من قبل الكتاب والمثقفين والصحفيين بتسليم مشاريع الاعمار والصناعة والزراعة إلى العتبات الحسينية والعباسية بات مطلب وطني لإنجاز المشاريع العمرانية والإنتاجية المتلكئة.
قبل قليل بالصدفة تابعت القناة العراقية قرأت خبر مكتوب أن السيد رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني أطلق من البصرة مبادرة لزراعة خمسة ملايين نخلة وشتلة في محافظات العراق، مبادرة جيدة، لكن لتكن المبادرة في زراعة أربعين مليون نخلة بشكل خاص في محافظات الوسط والجنوب لدعم الاقتصاد الوطني العراقي وترك الاعتماد على الأموال من عائدات البترول، لو كان احتياطي العراق الحالي الذي تجاوز ١٥٠ مليار دولار من عائدات الزراعة والصناعة وليس من عائدات البترول لأصبح سعر الدينار يعادل أكثر من خمسة دولار، الدينار الأردني يعادل دولار، رغم الأردن دولة فقيرة، السبب ان إقتصاد الأردن لا تعتمد على البترول.
13/3/2023