السيمر / فيينا / الأثنين 08. 05 . 2023
بعد أيام من تصريح وزير الخارجية الأردني أن بلاده لن تتسامح مع تهريب المخدرات من الجنوب السوري، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا غارة جوية نسبها المرصد السوري لحقوق الإنسان للأردن.
ولم يقر الأردن بتنفيذ هذه العملية، والتي راح ضحيتها تاجر مخدرات بارز و7 من أفراد أسرته، وفق ما ذكر المرصد.
ومع ذلك، قال الصفدي على هامش مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره الهولندي، فوبكه هويكسترا، ردا على سؤال حول ما إذا كان الأردن يقف وراء هذه الغارة، “عندما نتخذ أي خطوة لحماية أمننا الوطني سنعلنها في الوقت المناسب”.
ونقلت صحيفة “الغد” المحلية عن الصفدي قوله إن الأردن اتفق مع الحكومة السورية على تشكيل فريق أمني سياسي لمواجهة موضوع خطر تهريب المخدرات.
وسبق أن صرح الصفدي لـ”سي إن إن” الأميركية أن بلاده لا تستبعد الخيار العسكري لمواجهة أزمة المخدرات.
غزو المخدرات
جاءت هذه الغارة المنسوبة للأردن، الاثنين، على وقع انفتاح عربي متسارع نحو دمشق بعد 12 عاما من نزاع مدمر، وغداة إعلان جامعة الدول العربية إثر اجتماع غير عادي على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة استئناف مشاركة سوريا في اجتماعاتها، بعد تجميد عضويتها منذ عام 2011.
وفي هذا السياق، ألمح أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات، حسن المومني، إلى إمكانية أن يكون الأردن خلف هذه الغارة الجوية قياسا بالضرر الناجم على البلاد من تجارة المخدرات.
وقال الأكاديمي الأردني لموقع “الحرة” إن “الأردن غير قواعد الاشتباكات بالنسبة لمكافحة تجارة المخدرات” بعد مقتل جنود أردنيين على الحدود العام الماضي في تبادل إطلاق نار مع مسلحين.
وتخوض عمان حربا في مواجهة الجماعات المسلحة التي تهرب مخدرات من سوريا، بما في ذلك الكبتاغون الذي يسبب الإدمان. ويعتبر الأردن نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدرات إلى دول الخليج، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
ويقول مسؤولون أردنيون إن جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران والفصائل المسلحة التي تسيطر على جزء كبير من جنوب سوريا تقف وراء زيادة التهريب في المخدرات، بحسب رويترز.
في العام الماضي، قتل ضابط أردني وأصيب ثلاث جنود أخرين في اشتباكات مسلحة مع مهربي مخدرات عند الحدود الأردنية السورية التي تمتد لمسافة 375 كيلومتر.
وأعلن الجيش في 17 فبراير 2022 إحباط السلطات الأردنية خلال نحو 45 يوما، مطلع العام ذاته، دخول أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون، ما يعادل الكمية التي ضُبطَت طوال عام 2021.
وتُعد سوريا المصدر الأبرز للكبتاغون منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا واستخداما وتصديرا، وفقا لفرانس برس.
وتُشكل دول الخليج وخصوصا السعودية الوجهة الأساسية لحبوب الكبتاغون التي تعد من المخدرات السهلة التصنيع ويصنفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة على أنّها “أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة”، وهي عادة مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى، بحسب الوكالة ذاتها.
قراءتان محتملتان
ولطالما يستخدم الأردن الحلول الدبلوماسية لحل الأزمات، لكن الدولة يمكنها الاستعانة بوسائل أخرى، حيث إنها “لن تتسامح مع تجارة المخدرات بعد تغيير قواعد الاشتباك فيما يتعلق بالتهريب عبر الحدود”، حسبما ذكر المومني.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية الأردني أن الغارة التي استهدفت تاجر المخدرات البارز تحتمل قراءتين مختلفتين.
وقال المومني إن الأردن إذا ما كان يقف وراء هذه الغارة فإنه يوجه “رسالة قوية” لسوريا لإيقاف تجارة المخدرات.
وأضاف: “مشكلة تهريب المخدرات من الجنوب السوري تتضخم منذ أكثر من عام والأردن طلب من الجانب السوري التعاطي بجدية مع هذه المشاكل ويبدو أنه لم يحصل على استجابة من سوريا”.
ومع ذلك، لم يستبعد المومني أن الأردن تحرك لتنفيذ هذه الغارة بعد الحصول على “موافقة ضمنية سورية” في إطار التفاهمات العربية الأخيرة، بحسب ما قاله المومني.
وكان الأردن قد استضاف محادثات لوزراء خارجية 5 دول عربية في الأسبوع الماضي، بما فيهم وزير خارجية النظام السوري.
وفي البيان الصادر عن اجتماع عمّان، وافقت سوريا على المساعدة في إنهاء تهريب المخدرات عبر حدودها مع الأردن والعراق.
وأضاف البيان أن دمشق وافقت على “اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب” على الحدود مع الأردن والعراق والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد مصادر إنتاج وتهريب المخدرات إلى هذين البلدين.
“انعكاس طبيعي للعلاقات”
وعندما بدأ الصراع في سوريا انسحبت القوات السورية من الجنوب الذي أصبح ملاذا للجماعات المتطرفة في وقت يصعب فيه السيطرة على ما يصل إلى 400 كيلومتر من الحدود بين البلدين، كما يرى المومني.
ويعتقد المحلل السياسي السوري، حسام شعيب، أن هذه العملية جاءت “بالتوافق والتنسيق” بين الأجهزة الأمنية للبلدين.
في حديثه لموقع قناة “الحرة”، دلل شعيب على التقارب السوري الأردني مؤخرا في وقت كان فيه “الأردن عرابا” ضمن مبادرة عودة سوريا للجامعة العربية.
وليست المرة الأولى التي ينفذ فيها الجيش الأردني غارات داخل الأراضي السورية لإحباط عمليات تهريب، ويعود بعضها الى العام 2014، وفقا لفرانس برس.
يشير شعيب إلى أن الأردن عانى في الآونة الأخيرة من مسألة وصول المخدرات إلى أراضيه سواء بقائها أو العبور إلى دول الخليج وبالتالي من الممكن أن تكون الأردن وراء العملية بالتنسيق مع سوريا، حسب قوله.
وقال إن “الأيام المقبلة قد تشهد مزيد من هذه العمليات سواء بإلقاء القبض على العصابات المهربة أو غارات جوية أخرى … هذا انعكاس طبيعي للعلاقات الجديدة بين البلدين”.