الفلسفة مكملة للدين وفق فلسفة الإمام علي ع

السيمر / فيينا / الأربعاء 10. 05 . 2023

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

الفلسفة لا تتناقض مع الأديان، وتعني القدرة العقلية على التفكير النقدي، التفكير النقدي ضد الأوهام، وهنا تلتقي مع الدين، والدين يمنحك القدرةَ على ممارسة الحياة نفسها، ومعرفة معناها،

الدين -في تعريفه البسيط- هو عقيدة وشريعة وأخلاق. يلتزم بها المؤمن، ليعبّر عن صدق انتمائه للدين. ويتفق أتباع الملل والنحل كلهم على أن شرط التكليف الديني هو العقل أولًا، حتى في أمور الصلاة والصوم يسقط عن الشخص المسلم الذي فقد الذاكرة لحقبة من الزمن وعاد إليه عقله.

الفيلسوف كانط، قال في كتابه (الدين في حدود العقل)، الدين هو الشعور بواجباتنا، من حيث كونها قائمة على أوامر إلهية.

الإسلام كدين وكشريعة يأمر الإنسان في التعلم والتدبر في آيات القرآن وفي ملكوت السموات والأرض، وهذا التفكر يتطابق بشكل كامل وتام مع الفلاسفة الذين يتفكرون في ماهية هذا الخلق والكون العظيم، الإمام علي بن أبي طالب ع بحق هو شيخ الموحدين والفلاسفة تحدث عن خلق السموات والأرض بطريقة مابعد الميتافيزيقا،

الذي يقرأ كتاب نهج البلاغة والذي يضم خطب الإمام علي ع وحكمه ورسائله ووصاياه يجد ان ألأمام علي أبن أبي طالب عليه السلام، قد أعطى للبشرية افكار رائعة واضحة بشكل سلس وجميل، أقوال متجانسة متكاملة، الإمام علي ع ذكر الزمان والمكان وتاثيرهم على بلورة تطور الإنسان، في كلام للإمام علي ع أبناؤكم خلقوا لزمان غير زمانكم،الإمام علي ع ربط الفكر الديني للفوز بالجنة ومابين الحياة الدينية، لدى الإمام علي ع، قول، اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا، واعمل إلى لآخرتك كأنك تموت غدا، وبهذا ربط الإمام علي بن أبي طالب ع ما بين الحياة ومابين الآخرة والفوز بالجنة، لذلك حسب فكر الإمام علي ع يمكن الجمع ما بين الحياة الدنيوية وما بين الآخرة، حسب القول التالي(ما من يوم يمر على أبن أدم الا قال له أنا يوم جديد و أنا عليك شهيد فقل في خيرا، وأعمل خيرا فأِنك لن تراني بعد أبدا ) وهذا يعبر بوضوح أن الإنسان ما أن يموت فلا رجعة له إلى هذه ألأرض، كلام الإمام علي ع ينطلق من يقين أن البشر بعد الممات يحاسب في يوم القيامة وتكون وجهته الجنة أو في مكان بائس جهنم.

ما من يوم يمر على أبن أدم الا قال له أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فقل في خيرا، واعمل خيرا فأِنك لن تراني بعد أبدا ) وهذا يعبر بوضوح أن الإنسان ما أن يموت فلا رجعة له الى هذه الأرض، كلام الإمام علي ع يقيني وليس مثل كلام فلاسفة الديانات الأخرى التي تؤمن بعودة الإنسان مرة أخرى الى الأرض على شكل أنسان.

الامام علي ع أنار عقول الناس وأعطى الدين عامل قوة يقيني لمعرفة حقيقة الإيمان الذي أراده الله عز وجل للبشرية، الامام علي ع عندما يقول أبناؤكم خلقوا لزمان غير زمانكم، هذا الكلام العميق المعاني، صدر من رجل لم يدرس عند فلاسفة مثل ما درس فلاسفة الإغريق والرومان عند بعضهم البعض الاخر، علي بن أبي طالب ع لم يكن لديه وقت الى النزهة، حياته منذ صغره كانت جهاد وحروب، عندما كان اجلاف قريش يرسلون اطفالهم إلى الإساءة إلى رسول الله ص كان علي بن أبي الطالب الطفل الصغير لهم بالمرصاد يتصدى لهم بكل قوة، و يفرون أمامه مثل فرار الأرانب أمام الأسد، العرب والمسلمين فرطوا في فكر الإمام علي بن أبي طالب ع لأجل موقف انقلابيو سقيفة بني ساعدة، التي وضعت حجر أساس الاختلاف والافتراق وقتل المسلم أخاه المسلم، معظم الخطباء والمثقفين السنة العرب بشكل خاص لا يتكلمون عن اي كلام او حديث إلى الإمام علي بن أبي طالب ع.

وتجد الكتاب والمثقفين العرب السنة يتكلم عن فلاسفة غربيين أمثال

الراهب الدومينيكانيّ توما الإكوينيّ، ويترك قول وفكر وفلسفة الإمام علي بن أبي طالب ع لأسباب مذهبية بغيضة، الإكويني راهب وفيلسوف محترم دمج ما بين فلسفة أرسطو والمسيحيّة، وهذا لاخلاف حوله ابدا، لكن أليس الأولى بهؤلاء الكتاب والمثقفين العرب أن يسلطون الضوء على فلسفة وافكار الإمام علي بن أبي طالب ع المتطابقة مع القرآن الكريم.

دراسة الفلسفة والمنطق تزيد من إيمان الإنسان المؤمن، لكن دراسة القليل من الفلسفة، وحفظ اسماء عدد من الفلاسفة ومجتزئات من اقوالهم، هذا يجعل من هؤلاء الناس الغير متعمقين في دراسة الفلاسفة عرضة للكفر والإلحاد، وراينا تبدل آراء الكثير من هؤلاء البشر، كانوا متدينيين بطريقة قشرية، ودرسوا الفلسفة بشكل قشري، النتيجة اراؤهم عندما كانوا متدينين كانت متطرفة، وعندما تحولوا على المعسكر الآخر أيضا اصبحوا متطرفين تراهم يفترون ويكذبون ويشتمون المؤمنين وينسبون إليهم اشياء ليست فيهم، تعلم الفلسفة والمنطق، يشبه تماما، عندما تقف على ساحل بحر، تشاهد حيوانات ميتة متعفنة تطفوا على سطح مياه البحر، وتشاهد قاذورات على جرف البحر، لكن عندما يغوص الغواصين في أعماق البحر، يجدون اللؤلؤ والشعب المرجانية، وأنواع مختلفة من المخلوقات والطحالب والغابات تحت مياه البحر، كذلك الحال مع قراءة القليل من الفلسفة، ترى الأشياء النتنة مثل ماترى على جرف البحر وفي المياه الضحلة، ترى حيوانات واسماك نافقة متعفنة، وأوساخ وقاذورات، على عكس الغوص في أعماق مياه البحر.

لقد ذكرت الكتب التاريخية حادثة وقعت مع الإمام علي ع مع راهب ووصف الإمام معنى الفلسفة بشكل دقيق.

معنى الفلسفة عند الإمام علي(عليه السلام) عن الأصبغ بن نباته أنه قال : لما خرج الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى النهروان أستقبله دهقان وقال لتعودن عما قصدت إليه لتناحس النجوم والطوالع فسعد أهل النحوس ونجى أهل السعود واقترن في السماء كوكبان يقتتلان وشرف بهران من برج الميزان وقدحت من برجه النيران وتناشت الحرب حقاً بأماكنها .

فتبسم الإمام(عليه السلام) وقال، أنت المحذر من الإقدار أم عندك دقائق الأسرار فتعرف الاكدار والأدوار ، أخبرني عن الأسد في تباعده في الطالع والراجع ، هل عندكم علم أنه قد سعد في بارحتنا سبعون ألف عالم منهم في البر ومنهم في البحر أفأنت عالم بمن أسعدهم من الكواكب قال، لا, ثم أخبره (عليه السلام) بأن تحت حافر فرسه اليمن كنز وتحت اليسرى عين ماء فنبشوا فوجدوا كما ذكر فقال الدهقان ، ما رأيت أعلم منك إلا أنك ما أدركت علم الفلسفة .

فقال (عليه السلام)، ما تعني بالفلسفة، أليس من صفى مزاجة واعتدلت طبائعة ومن اعتدلت طبائعة قوي اثر النفس فيه ومن قوي أثر النفس فيه سمى إلى ما يرتقيه تخلق بالأخلاق النفسانيه وأدرك العلوم اللآهوتية ومن أدرك العلوم اللآهوتية صار موجوداً بما هو إنسان دون أن يكون موجوداً بما هو حيوان ودخل من باب الملك الصوري ماله عن هذه الغاية مغبر فصاح الدهقان لقد نطقت بالفلسفة كلها وسجد واسلم .

فلسفة العدل في سياسة الإمام علي (عليه السلام)، قامت على ثوابت مهمة لم يسبقه احد ممن تقلد منصب الخلافة او الحكم الديني او السياسي بشكل مباشر، فلسفة الإمام علي ع مبنية على عدم محاسبة الخصم أو العدو إلا إذا قام بفعلٍ مُعادٍ ملموس، أي مثبت بالأدلة القاطعة وبالدليل وبالجرم المشهود الفعلي، وليس على الشكوك والظنون المسبقة بعدم ارتكاب الجرم الجنائي أو التورط في محاولة للانقلاب والخروج في أعمال مسلحة، الامام علي ع كان يعلم في مسيرة طلحة والزبير للبصرة لافتعال جريمة واقعة الجمل، لكن الإمام علي ع لم يقوم في إلقاء القبض عليهم، لأن فلسفة الإمام علي ع السياسية تختلف عن حكام الجور التي تجوز محاسبة الناس لمجرد أنهم ينوون الخروج على سلطتهم.

بعد تولي الإمام علي ع الخلافة وفي كلام له، قال عليه السلام، لاتكلموني بما تكلمون الجبابرة، يعني بابه مفتوح لكل سائل او مواطن يقع عليه ظلم،

بالله عليكم هل يوجد افضل من هذ الأسلوب الرائع في الحكم، أين ذلك من ملوك ورؤساء العرب الذين قتلوا ملايين البشر لأسباب غير صحيحة مبنية على شكوك وضنون، صدام الجرذ كان يعدم قادة وضباط بدون أي سبب، رغم أن هؤلاء بغالبيتهم عبيد يعملون لديه، قتلهم بسبب ظنون وشكوك ودوافع نفسية نتنة أو لأسباب قومية ومذهبية.

10/5/2023