السيمر / فيينا / الجمعة 12. 05 . 2023
ماتزال قضية افتتاح متحف الملا مصطفى البارزاني تثير الكثير من التساؤلات والخفايا، حول أهمية المناسبة، وماهي الجدوى من حضور زعماء وشخصيات وقادة كتل وسفراء وقناصل ؟.
والملا مصطفى البارزاني هو مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني ووالد زعيم الحزب الحالي مسعود ونجل الشيخ عبد السلام بارزاني من عائلة صوفية تسكن قرية بارزان في محافظة أربيل.
وقاد الملا بارزاني عدة ثورات ضد الأنظمة السابقة في البلاد، من العهد الملكي مرورا بعهد عبد الكريم قاسم وانتهاءً بعهد رئيس النظام السابق صدام حسين ، وفي كل العهود كان يهرب من العراق للخارج ، بعد هزائمه من قبل الانظمة الحاكمة بالعراق .
ويوم أمس أقيمت احتفالية كبيرة في أربيل حضرها رئيسا الجمهورية والوزراء، فضلا عن قادة الكتل السياسية، وأبرزهم رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، وهادي العامري رئيس كتلة الفتح ، ناهيك عن سفراء وممثلي الدول العربية والأجنبية، في احتفالية مهيبة يبدو أنه قد صُرف عليها أموالا طائلة.
ويزداد السؤال مؤخرا، حول مدى قدرة مسعود بارزاني في جمع الأطراف السياسية، حيث يضطر الرؤساء والقادة والمسؤولين لترك انشغالاتهم، والمشاركة بفعالية محلية، فمناسبة مثل متحف البارزاني، هي ليست اليوم الوطني لجمهورية العراق، أو ذكرى ثورة العشرين، ولا حتى مناسبة يجمع عليها كل الكرد بمختلف توجهاتهم.
البارتي يريد إيصال رسائل مختلفة
فالكاتب والصحفي الكردي فائق يزيدي يقول إن، احتفالية متحف البارزاني، هي رسالة شعبوية للاستهلاك المحلي، ليظهر الحزب الديمقراطي بأنه محور العملية السياسية.
مبيناً في حديثه لبغداد اليوم أن “الديمقراطي أراد إيصال رسالة بأنه المتحكم بالعملية السياسية العراقية، والواقع غير ذلك، ومن حضر من المسؤولين العراقيين، كان حضورهم مجاملة سياسية ما كان يفترض أن تكون”.
وأضاف أن “إقليم كردستان يعيش أزمة اقتصادية ومشاكل في الرواتب والخدمات وهذه الأمور يجب أن تعمل الحكومة الاتحادية على حلها، لا أن تجامل مسعود بارزاني وحزبه على قضايا ليست لها بعدا وطنيا ولا حتى قوميا”.
وأشار إلى أن “مصطفى بارزاني بحث عن مصالح شخصية وعادى كل الحكومات العراقية، وذكراه ليست حدثا وطنيا، وكان يبحث عن المصالح وانقلب على عبد الكريم قاسم وتحالف مع البعثيين، وسيرته ليست فيها منجزا للكرد”.
وبين أن “هناك قضايا في بغداد تنتظر الحل بينها الموازنة وسلم الرواتب وتقديم الخدمات، والمجيئ إلى قرية نائية في أربيل للمجاملة أمر مغلوط جدا، وكان يفترض أن تثار أوضاع الشعب الكردي القاسية على طاولة النقاش، لآن المواطن لم يستلم راتبه منذ 45 يوما”.
وأن، الشارع الكردي يقول بأن تكلف متحف البارزاني تكلفته جاءت من جيوب المواطن الذي يعيش وضعا مأساويا، ومصطفى البارزاني لايمتلك شعبية على مستوى الكرد، فما بالك على مستوى العراق”.
أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها الكرد
ويعيش المواطن الكردي أوضاعا اقتصادية صعبة منذ سنوات، لعل أبرزها تأخر صرف رواتب الموظفين، الذي بات عادة شهرية، حيث ينتظر المواطن شهريا أكثر من 45 يوما لاستلام راتبه، فيما تشهد الضرائب ارتفاعا كبيرا، وأسعار الوقود ارتفاعا جنونيا على عكس المحافظات العراقية الأخرى.
في المقابل يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني دلشاد شعبان أن، الملا مصطفى البارزاني كان رمزا كرديا، فضلا عن كونه رمزا للنضال والتحرر من الظلم والعبودية.
وقال في حديثه لبغداد اليوم إنه “مثلما نرى بأن السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد باقر الحكيم، كانا رمزا للنضال والتحرر وهم لكل العراقين، فالملا مصطفى البارزاني هو رمزا كرديا ووطنيا، واجه الدكتاتورية والظلم والطغيان للحكومة السابقة، وصنع مرحلة من التحرر للشعب الكردي”.
وأضاف أن “حضور الرؤساء والزعماء هكذا فعالية هي من باب استذكار الرجالات الوطنية والاستفادة من تجاربهم ودروسهم”.
لارمزية لعائلة بارزاني
لكن النائب الكردي السابق غالب محمد يؤكد بأن عائلة بارزاني هي ليست رمزا للنضال والتحرر والوطنية.
مشيراً في حديثه لبغداد اليوم أن “عائلة البارزاني كانت لها مواقف معادية للكرد والعراق، وقد خانوا الكرد والعراق بشكل عام، في مرات عديدة”.
ولفت إلى أن “محاولة إظهار مصطفى البارزاني وعائلته بمنظر الأبطال المحررين المناضلين، هي محاولة لتزييف الحقائق والتجاوز على التاريخ، كون تاريخهم أسود وفيها إساءة كبيرة”.
وأسس الملا مصطفى البارزاني الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان الحزب الكردي الوحيد، قبل أن ينشق جلال طالباني مع إبراهيم أحمد والد زوجته هيرو إبراهيم، وأسسوا الاتحاد الوطني الكردستاني ليكون القوة الثانية في إقليم كردستان.
تقاسم النفوذ في كردستان
ويتمتع إقليم كردستان بحكم شبه مستقل منذ عام 1991 بعد نيله الحكم الذاتي، ويتقاسم الديقراطي والاتحاد الوطني الحكم في محافظات الإقليم.
ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني وعائلة بارزاني تحديدا على محافظتي دهوك وأربيل، فيما يتزعم الاتحاد الوطني وعائلة جلال طالباني النفوذ والحكم في محافظتي السليمانية وحلبجة، المحافظة التي استحدثت مؤخرا.
ويقول المحلل السياسي العراقي سامي فاضل إن، مجاملات القيادات العراقية لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني لاتنتهي.
ويضيف في حديثه لبغداد اليوم أنه “بالرغم من الإساءة التي وجهها بارزاني في أكثر من مناسبة للعراق والعراقيين وحتى لقادة الكتل السياسية، لكنهم يصرون على مجاملته وحضور فعاليات حزبية محلية لاقيمة لها”.
وأوضح أنه “لايوجد ما يبرر هذا الاهتمام بهذه الفعالية الحزبية سوى أن مسعود بارزاني يتصرف وكأنه الآمر الناهي في العراق، وهو من يتسيد المشهد السياسي وبيده خيوط اللعبة ويستطيع تحريكها متى ما شاء”.
مقرات الجيش التركي على بعد كيلو مترات من مقر الاحتفال
في سياق متصل فأن السياسي الكردي حكيم عبد الكريم يذكر أن، هناك ماهو أهم من افتتاح متحف في الإقليم.
ففي نفس الوقت الذي كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يحتفل بمتحف مؤسس الحزب وزعيمه الروحي مصطفى البازاني، كانت مقرات الجيش التركي على بعد كيلو مترات قليلة، وهي تستهدف الأبرياء وبشكل يومي.
لافتاً في حديثه لبغداد اليوم أن “الاحتفالية كانت شكلية وتم توظيفها سياسياً، وبشكل عام هي أعمال ثقافية مفيدة ولكن ليس هذا وقتها”.
وبين أنه “بدلا من افتتاح المتاحف والشكل الروتيني، كان يفترض الاهتمام بتقديم الخدمات والحياة الآمنة للمواطنين، لآن المواطن الكردي اليوم يسأل عن راتبه المتأخر ولايسأل عن المتاحف”.
ويستمر الاحتفال لليوم الثاني على التوالي، في وقت ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات لاذعة للحفل وتكاليفه المادية الكبيرة.
وينتقد عضو حراك الجيل الجديد آرام محمد إقامة احتفالية تضخم من مصطفى البارزاني والحزب الديمقراطي، في الوقت الذي هم من يتحمل المسؤولية الكاملة فيما وصله له الكرد من مآسي.
مستدركاً في حديثه لبغداد اليوم أن “هذه الاحتفالية كلفت أموالاً طائلة، وهي أموالا مسروقة من قوت الشعب الكردي الذي يعيش وسط ظروف اقتصادية صعبة، تسبب بها الحزب الديمقراطي وعائلة بارزاني، بسبب سرقاتهم وسوء إدارتهم لإقليم كردستان”.
ويعد يوم الحادي عشر من آذار عيدا في جميع مناطق إقليم كردستان، وهي ذكرى ولادة مصطفى البارزاني، لكن الكثير من الكرد لايجتمعون على البارزاني باعتباره زعيما قوميا لجميع الكرد، الذي يتوزعون على العراق وسوريا وإيران وتركيا.
المصدر / بغداد اليوم