السيمر / فيينا / الأثنين 15. 05 . 2023
أشارت وكالة “اسوشييتدبرس” الأمريكية، إلى أن جماعة “هيئة تحرير الشام” التي كانت اسمها “جبهة النصرة”، وهي متهمة بالارهاب من جانب الأمريكيين والأتراك والسوريين وغيرهم، تسعى إلى إعادة تبييض صفحتها والناي بنفسها عن تنظيم القاعدة، وتبني خطاب تعددي ومتسامح دينيا.
وبعد السمعة السيئة، طوال العقد الماضي، أوضح تقرير الصحيفة الأمريكية، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن زعيم الجماعة المعروف باسم أبو محمد الجولاني “كان ينفذ الهجمات ويطلق تهديدات بالقتل ضد ما يسميه (القوات الصليبية) الغربية، ويقمع النساء من خلال الشرطة الدينية لشبهة عدم احتشامهن”.
وفي إطار إعادة تلميع صوريته، ذكر التقرير الأمريكي، أن الجولاني قام بقمع الفصائل المتطرفة وحل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان، جرى مؤخرا إقامة قداس في كنيسة مغلقة منذ فترة طويلة في محافظة إدلب التي يسيطر على أجزاء كبيرة منها”.
وتحدث الجولاني مؤخراً، أمام تجمع لمسؤولين دينيين ومحليين، معتبرا أنه ينبغي عدم فرض الشريعة الإسلامية بالقوة، قائلا: “لا نريد ان يصبح المجتمع منافقا حيث يصلي (الناس) عندما يروننا ولا يصلون ما ان نغادر”.
وأشار في هذا السياق، الى المملكة السعودية التي خففت ضوابطها الاجتماعية في السنوات الماضية بعد عقود من الحكم الإسلامي المتشدد.
وأوضح التقرير الأمريكي، أن هذا التحول من جانب الجولاني يأتي في وقت تزداد فيه عزلة “هيئة تحرير الشام” التي يتزعمها، حيث أن الدول التي دعمت المتمردين في الانتفاضة السورية التي تحولت إلى حرب أهلية، تقوم بإعادة علاقاتها مع الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفت التقرير، إلى أن السعودية التي وصفها بانها العدو السابق للاسد، قامت بتحويل مسارها وهي تقود اندفاعة أدت الى عودة سوريا الى الجامعة العربية في الاسبوع الماضي، بعد 12 عاما من العزلة الاقليمية، مضيفا انه حتى تركيا التي تعتبر الداعم الرئيسي الاخير لجماعات المعارضة المسلحة في سوريا، اشارت الى تحول في مواقفها، حيث انه في الاسبوع الماضي، التقى وزير الخارجية التركي بنظيره السوري في موسكو، في اول اجتماع من نوعه منذ العام 2011، وذلك بحضور الوزيرين الروسي والايراني، وهما يمثلان دولتين حليفتين رئيسيتين للأسد”.
ورأى التقرير الأمريكي، أن هذا الاجتماع يمثل خطوة مهمة نحو استعادة دمشق وانقرة علاقاتهما، حتى في ظل استمرار النقطة الشائكة بينهما والمتمثلة بوجود القوات التركية في شمال غرب سوريا.
وبين التقرير، أن واشنطن تعتبر “هيئة تحرير الشام” منظمة ارهابية وهي عرضت 10 ملايين دولار مكافاة مقابل معلومات عن مكان وجود الجولاني، في حين ان الامم المتحدة تصنفها على انها منظمة ارهابية، مشيرا الى ان واشنطن وانقرة فرضتا مؤخرا عقوبات مشتركة على شخصين يشتبه انهما جمعا اموالا للتنظيم الارهابي.
ونوه التقرير، إلى عصود الجولاني في الشهور الأولى من الانتفاضة السورية العام 2011، عندما أصبح زعيم تنظيم القاعدة في سوريا، وذلك تحت اسم “جبهة النصرة”، وانضم مسلحون وقياديون من القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن، الى جبهة النصرة، وقتل العديد منهم لاحقا بضربات وغارات أمريكا”.
وتابع التقرير ان جبهة النصرة غيرت اسمها في تموز/يوليو العام 2016، ليصبح “جبهة فتح الشام” معلنة قطع علالاتها بتنظيم القاعدة، وهو ما اعتبره كثيرون بمثابة محاولة لتحسين صورتها.
وفي وقت لاحقت اندمجت الجبهة الجديدة مع مجموعات مسلحة اخرى، وتشكل ما يعرف باسم “هيئة تحرير الشام”.
وأضاف أن الجولاني كشف عن وجهه علنا للمرة الأولى في تلك الفترة، لكنه بدأ يغير أسلوبه في اللباس من العمائم والاثواب ووالسراويل الفضفاضة، كما ان المسلحين التابعين له بدأوا يلاحقون مسلحي تنظيم داعش في محافظة ادلب، كما شن الجولاني هجمات على جماعة “حراس الدين” المتطرفة الذي انفصلوا عن “هيئة تحرير الشام”.
إلا ان التقرير اوضح ان محاولات الجولاني تغيير صورته العامة لم تؤثر في الحكومة الامريكية، حيث تظهر في تدوينات على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لبرنامج المكافآت التابع للحكومة الامريكية، صورة للجولاني وهي يرتدي قميصا ازرق فاتح اللون، وسترة زرقاء داكنة مع عبارة توضيحية باللغة العربية تقول:”مرحبا، ايها الوسيم الجولاني. قميص رائع. يمكنك تغيير زيك لكنك ستظل ارهابيا دائما. لا تنس هناك مكافاة 10 ملايين دولار”.
وأشار التقرير الأمريكي، إلى أن “في آذار/ مارس العام 2020، توصلت روسيا وتركيا، اللتان تدعمان الجماعات المتنافسة في الصراع السوري، الى هدنة، وان منذ ذلك الوقت، شهد شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة هدوءا نسبيا، فيما ركزت جماعة الجولاني جهودها على قمع فلول داعش والتنظيمات الجهادية الأخرى.
وبحسب “مجموعة الأزمات الدولية” التي تتخذ من لندن مقرا لها، فإن “هيئة تحرير الشام تطورت “نأت بنفسها عن الجهاد العالمي”، وان الهيئة تصور نفسها أحيانا على أنها حامية للأقليات في الشمال الغربي لسوريا الذي يغلب على سكانه العرب السنة.
وفي مقابلة للجولاني، في العام 2021، وصف تصنيف جماعته بأنها ارهابية بانه “غير عادل” و “سياسي”، قائلا انه بينما كان ينتقد السياسات الغربية في المنطقة، إلا أنه “لم نقول اننا نريد محاربتها”، مشيرا إلى أن ارتباطه بتنظيم القاعدة قد انتهى، وأن جماعته “تعارض تنفيذ عمليات خارج سوريا”.
ونوه التقرير بالإشارة إلى الباحث في “مركز سينشري انترناشونال للأبحاث” أرون لوند، الذي قال: “من غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة برفع هيئة تحرير الشام والجولاني من قائمتها للإرهاب”، مضيفا أن “الحكومة الامريكية لا تزال قلقة بصدق بشأن روابط الجماعة بالجهادية العالمية”.
ونقل تقرير اسوشييتد برس، عن الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، اعتقاده أن “الجولاني يحاول اظهار انه يسيطر على ادلب ويضمن لنفسه مكانا في سوريا بمجرد انتهاء الصراع”.
ووفق الناشط السوري عاصم زيدان، الذي يتابع الانتهاكات المنسوبة الى “هيئة تحرير الشام”، فإن استمرار التصنيف الإرهابي، يشكل ضربة لصورة الجولاني، مختتماً حديثه بالقول: “بعد تشكيل حكومة الانقاذ (في ادلب) وتشكيل الوزارات، فان الجولاني يعتبر نفسه الان رئيسا للدولة”.
ترجمة: وكالة شفق نيوز