السيمر / فيينا / الثلاثاء 16. 05 . 2023
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
شاهدنا عملية إجراء الانتخابات العامة في تركيا والتي أجريت يوم أمس المصادف ١٤ من شهر أيار لعام ٢٠٢٣، رأينا مشاركة أكثر من خمسين مليون تركي في التصويت، مشاركة هذه الملايين يكشف حقيقة وجود تنافس بين القوى السياسية التركية التي كسبت الشارع الشعبي التركي، وجعلت حتى كبار السن والمرضى يدلون في أصواتهم، لأنهم يعرفون أهمية صوتهم الانتخابي.
رأينا اصطفات ملايين العرب من أعضاء منظمة حركة الإخوان المسلمين المتوهبة العالمية بمعسكر الرئيس التركي طيب اردوغان، والعجيب أن نفاق ودجل حركة الإخوان العرب كان واضح، في الانتخابات العراقية يطالبون بعدم تدخل رجال الدين والمرجعيات الشيعية في دعم المرشحين، بينما إذا كانت القضية تخص مرسي او أردوغان يصدر مراجعهم فتاوى بدعم مرسي وأردوغان، ويصبح تدخل رجل الدين بالانتخابات تعبير عن رأيه وعن مصلحة المؤمنين، مواقف الإخوان المسلمين بقمة النفاق والدجل، على سبيل المثال، الجنرال السيسي حافظ للقرآن وزوجته ترتدي الحجاب الإسلامي، بينما أمير قطر ربما يحفظ سورة الفاتحة وسورة التوحيد، وزوجة الأمير غير محجبة، لكن الإخوان المسلمين ينظرون إلى الجنرال السيسي رغم أنه حافظ للقرآن أنه كافر وان زوجته المحجبة ضالة، وينظرون إلى أمير قطر الذي لايحفظ من القرآن سوى الفاتحة والتوحيد، بأنه ولي أمر مطاع، وينظرون لزوجة أمير قطر الغير محجبة بالحجاب الاسلامي انها ام الجمع المؤمن، رغم انا لا انظر إلى الأمور بالحفظ او في ارتداء الحجاب الاسلامي، لأن هذه الأمور تعتبر من الأمور الخاصة، ولا يحق لي أن أتكلم عن الأمور الشخصية، وإنما ذكرت ذلك لبيان حقيقة نفاق وكذب حركة الإخوان المسلمين.
الانتخابات التركية الحالية هي أهم انتخابات أجريت في العقدين الأخيرين، هذه الانتخابات شهدت تدخل من جماعات الإخوان الوهابية استنفار لكل الفئات الأصولية العالمية لنصرة الزعيم الروحي رجب طيب إردوغان.
حركة الإخوان المسلمين رسمت صورة جميلة للسيد طيب إردوغان وبشكل متقن بالمقدس، ومن حسن حظ الشعب التركي لم يصلهم الفكر الإخواني التكفيري، وإلا ما رأيناه من كتابة مقالات وتغريدات وحشد مليوني لكل القوى الاخوانية والوهابية والاصولية التي كتبت ونشرت من قبل مكائن الإسلاميين الدعائية وأنصار الخلافة العثمانية، الذين هم من اسقوطها من خلال زعيمهم مفتي مكة اللاشريف حسين، الذي تعاون مع القوات البريطانية والفرنسية الغازية، لو كان الشعب التركي مثل عقليات الإخوان المتوهبين لتم إشعال حرب أهلية مدمرة في تركيا لقتل المسيح والعلويين والشيعة والصوفية والعلمانيين.
المتابع لماتكتبه فيالق الإخوان الوهابية حول الزعيم التركي طيب اردوغان، يجد ان هذه الفيالق الإعلامية الاخوانية جعلت من السيد اردوغان مقدس، أردوغان كان بحق سياسي محنك في امتياز، استعمل التقية بأبشع صورها، ومكن نفسه أن يحكم تركيا عشرين عاما، بعد ان كان البرلمان التركي محرم على دخول نائبة تركية ترتدي حجاب اسلامي، ورأينا بعام ١٩٩٩ كيف نواب البرلمان التركي طلبوا من النائية مروة بخلع حجابها بطريقة متطرفة همجية تكشف حجم التطرف لدى العلمانيين العرب والمسلمين والذي يشبه تطرف الإسلاميين الوهابية من العرب والمسلمين.
عمدة بلدية «باهتشاجيلار» في إسطنبول التابع لحزب اردوغان القردش «هاكان بهادير»نقلا عن صحيفة «زمان» التركية، حث أنصار اردوغان في التجمع الانتخابي الاخير قائلا، فلنكن متحدين، فلنكن واحداً، ونلتقي بأمر من رئيسنا رجب طيب إردوغان، دعونا نتحد، أيّها الأصدقاء. أريدك أن ترى هذا، ربما تكون غاضباً لأنّنا حكمنا منذ (٢٠) عاماً، قد يكون هذا خطأنا، لكن إذا غادر إردوغان، فلن تخسر تركيا وحدها، ستخسر الأمّة، ويخسر العالم، ويخسر المسجد الأقصى، وستخسر فلسطين.
خطابات دينية رفعت همم الناخبين للتصويت بكثافة، أردوغان صنيعة لقوى الاستعمار، استغلهم وتمرد عليهم، ولايمكن إلى أردوغان أن يحرر الأقصى وإنما يمكن أن يعتدي على العراق وسوريا وليبيا واليمن وتونس ومصر ويحتل أراضيهم وينهب ثرواتهم، هذا ممكن، لكن تحرير الأقصى كذبة.
مواقع التواصل الاجتماعي جعلتنا نقرأ عشرات آلاف تعليقات الإخوان ومشتقاتهم من وهابية الخليج وبلاد الشام وبلاد شمال أفريقيا وهنود وباكستانيين ستجد هذا الاصطفاف الديني السياسي خلف انتخابات تركيا واضح.
علاقات اردوغان بقادة بني صهيون بالعلن وليست مخفية، في الغوغل تجد استقبال رجب طيب أردوغان للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مطلع شهر آذار (مارس) الماضي، وتصريحاته التي أشارت إلى أفق التعاون مع إسرائيل، وإلى رغبته في إقامة علاقات معها على أرضية دائمة.
أردوغان لديه تبادل تجاري كبير مع اسرائيل، لنعيد الذاكرة عندما فاز نجم الدين أربكان بمنصب رئاسة الوزراء التركية، أول إسلامي وصل لهذا المنصب، المتطرفين العسكر فرضوا عليه زيارة إسرائيل اعتقادا منهم لاسقاطه جماهيريا، وبالاخير عزلوه، أردوغان استعمل التقية بطرق تخالف القانون القرآني، فهو لم يمنع صالات القمار والدعارة في تركيا، وبنى علاقات جيدة مع الصهاينة والغرب، ووصل للسلطة وثبت اقدامه، وتمرد عليهم، طبيعة دول الغرب يطمحون لاسقاط الحكام الأصدقاء لهم في اشخاص اكثر وفاء لهم، دول الغرب وبني صهيون تآمروا على أردوغان عندما شعروا انه تمرد عليهم، وكادوا يسقطوه، لولا شاءت الصدفة او ضربة حظ، اذا قلت إرادة إلهية ربما البعض يحقد علينا، ضربة حظ استطاع أردوغان أن يخاطب شعبه في ساعة وقوع الانقلاب من خلال الفيس بوك، ونزلت الملايين والقت القبض على الانقلابيين وأصبح قتلهم قتلة عمل شعبي.
أردوغان تخلص من رفاق دربه من الإسلاميين مثل علي باباجان وأحمد داود أوغلو، الذين يرفضون طرق أردوغان في استعمال التقية المفرطة، أردوغان بارع في انتهاز الفرص، صادق الرئيس السوري بشار الأسد، وانقلب عليه في فتنة الربيع العربي، في يوم وقوع الانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس أردوغان، اتصلت بي بعض وسائل الإعلام العراقية، واثاروا القول إن الانقلاب من تدبير أردوغان، قلت لهم انا جدا سعيد في فشل الانقلاب، سوف يحكم أردوغان قبضته على المؤسسة العسكرية ويعيد حساباته ويتجه نحو الشرق، ويأتي اليوم الذي يتصالح أردوغان مع إيران وسوريا، ويعزز علاقاته مع روسيا والصين، الانقلاب العسكري كان برضا غربي وتمويل ودعم خليجي وهابي.
الانتخابات الحالية، أردوغان لازال مسيطر على البرلمان، وحظوظ اردوغان بالفوز بالرىاسة كبيرة لكن بفارق جدا قليل، الإعلام الغربي وساسة الغرب مع خصم أردوغان كمال كليتشدار، فهو رجل الناتو والغرب المفضل، وقوف منظمات الغرب الحقوقية مع خصم أردوغان، وكذلك وقوف الصحافة الغربية وساسة الغرب مع المعسكر المعادي إلى أردوغان يخلق حالة نفسية شديدة لدى أردوغان في الإبتعاد مسافة ابعد عن الغرب في اتجاه الشرق، انا على يقين بسبب الدعم الغربي لخصم أردوغان بالانتخابات التركية، هذا الدعم زاد من كراهية أردوغان وسوف يعزز علاقاته تجاه الشرق، انا لست منجم ولاقارىء كف، لكن ما اكتبه يمثل حقيقة شخصية أردوغان والتي يقابل اعدائه وخصومه في الند، أردوغان قائد سياسي عتيد ومحنك، لايلزم نفسه في قيم اخلاقية ودينية، ينتهز اي فرصة بالحق بالباطل لابد أن يستفيد منها، أتذكر بزيارة مصطفى الكاظمي إلى تركيا استقبله وتم عزف النشيد الوطني التركي والعراقي، وفي المراسيم عمل أردوغان حركة قام بتعديل رباط مصطفى الكاظمي في إهانة بطريقة ذكية لاتخطر على مخيلة إبليس، جعل مصطفى الكاظمي رئيس وزراء بلدنا العراق أضحوكة ومسخرة لكل من هب ودب، هذا هو طيب اردوغان، سياسي متألق ذكي يتعامل بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة، بالحلال والحرام وبالحق والباطل وبالصدق والكذب والنفاق والبهتان لتحقيق اهدافة ومشروع أمته الأمة التركية العريقة، أن السياسة لا اخلاق لها ولاقيم للأسف، أردوغان يلعب على كل الحبال.
16/5/2023