الرئيسية / مقالات / الظاهرة الاردوغانية من نجاح إلى نجاح

الظاهرة الاردوغانية من نجاح إلى نجاح

السيمر / فيينا / الأربعاء 31. 05 . 2023

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

انا شخصيا معجب في شخصية الرئيس التركي طيب اردوغان في تعامله في الصعوبات السياسية وتحقيقه النجاح الكبير والساحق على أعدائه بالداخل والخارج، أستعمل التقية بأبشع صورها المخالفة لتعاليم الشريعة الاسلامية، واستطاع اسلمة تركيا العلمانية التي بنتها دول الناتو طيلة قرن من الزمان.

أردوغان سليل عائلة كانت لها مشاركات سياسية في حقبة الإمبراطورية العثمانية، وقد أثبت عالم اجتماع بريطاني مؤلف كتاب موهوبين وساسة بالوراثة، أعد دراسة إلى أكثر من مائة دكتور ومهندس وضابط وسياسي بريطاني، أن هؤلاء كانوا أبناء إلى آباء وأجداد سبق أن عملوا في نفس ما عمل آبائهم واجدادهم.

لو درسنا ظاهرة العبودية والذل والهوان، نجدها نتاج جينات وراثية لدى العديد من البشر، الأبطال يولدون الابطال، والعبيد يلدون العبيد والجبناء والمخانيث.

سجلت كتب التاريخ موقف مخزي إلى الملعون يزيد بن معاوية عندما تم حمل راس الإمام الحسين ع ورؤوس ال بيته واصحابه مع الأسرى من احفاد وحفيدات رسول الله محمد ص إلى الشام، حيث ذكرت كتب التاريخ، أن الملعون يزيد امر خطيب مرتزق أن يصعد المنبر ليشتم الإمام علي بن أبي طالب ع والإمام الحسين ع وينال منهم في مجلس يزيد أمام علي بن الحسين، صعد الخطيب المرتزق وتعرض إلى الإمام علي ع بمحضر الإمام علي بن الحسين ع والذي كان مقيد في الاغلال والدماء تسيل منه، حتى ظن أهل الشام، أن علي بن الحسين ع لايتقن شيئا، فَصَاحَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَيْلَكَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَيْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَتَبَّوأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ.

ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام )، يَا يَزِيدُ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَصْعَدَ هَذِهِ الْأَعْوَادَ، فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ لِلَّهِ فِيهِنَّ رِضاً وَ لِهَؤُلَاءِ الْجُلَسَاءِ فِيهِنَّ أَجْرٌ وَ ثَوَابٌ، قَالَ، فَأَبَى يَزِيدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

فَقَالَ النَّاسُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لَهُ فَلْيَصْعَدِ الْمِنْبَرَ، فَلَعَلَّنَا نَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً.

فَقَالَ، إِنَّهُ إِنْ صَعِدَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَّا بِفَضِيحَتِي وَ بِفَضِيحَةِ آلِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقِيلَ لَهُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا قَدْرُ مَا يُحْسِنُ هَذَا،

فَقَالَ، إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ قَدْ زُقُّوا الْعِلْمَ زَقّاً.

فصعد المنبر علي بن الحسين ع والقى خطبته التي فضح يزيد ومعاوية أمام أهل الشام، والخطبة موجودة في مواقع الانترنت وفي الكتب التي تحدثت عن ثورة الإمام الحسين ع، لمن يريد أن يقرأها فهي موجودة، كلامي من باب التوضيح ولا توجد مقارنة بين الإمام التقي الورع علي بن الحسين ع ومابين القفاص طيب اردوغان.

راهن الكثير من الكتاب والصحفيين على هزيمة أردوغان، بالنتيجة فاز اردوغان واطاح بخصمه المدعوم من جزء كبير من الشعب التركي، المدعوم غربيا، أردوغان شاهد كيف الغرب دعم خصمه بقوة، فوز أردوغان زاد من كراهيته للقوى الغربية التي دعمت خصمه العلماني بالانتخابات التركية.

أردوغان استعمل أسلوب التقية بطريقة مختلفة لشريعة الله عز وجل، وعمل كل الموبقات ليصل إلى أهدافه حتى ولو بطرق خسيسة، القوى العلمانية كانت تملك الرئاسة ورئاسة البرلمان والسلطات القضائية والجيش، النتيجة أردوغان رفع شعارات الليبرالية وخدع الغرب ووصل للسلطة، وقضى على كل خصومه، وأطاح بالمؤسسة العسكرية التركية واستطاع اسلمتها، وبذلك استطاع أردوغان إقامة حكم للإسلاميين بظل دولة وبيئة علمانية، أحد رؤوس الارهاب والتطرف الإخواني عبدالله النفيسي، يقول ذهبت إلى تركيا ورأيت نساء عاريات، مظاهر لا تدل على وجود دولة اسلامية، التقيت مع أردوغان، يقول قلت له لماذا عندكم مظاهر التعري، يقول التفت لي اردوغان وقال لي عندي مشروع أسلمة الدولة والجيش والمؤسسات وإذا دخلت في مواجهة مع هؤلاء اضيع بينهم.

كلام بدقة الحكمة والذكاء، الرجل يحمل مشروع سياسي وديني يريد تحقيقة، لذلك سار في خطى مدروسة وحكيمة، لذلك أنا شخصيا احترم اردوغان لانه استعمل التقية ونفذ كل الموبقات للوصول إلى أهدافه، على عكس تجارب الآخرين وخاصة تجارب العراقيين الفاشلة، والتي للأسف مؤلمة.

الأمة التركية حسمت أمرها، الناخبون الأتراك اتخذوا قرارهم،يوم أمس الأحد، جددت الأمة التركية، إلى السيد طيب أردوغان لولاية ثالثة حتى عام ٢٠٢٨، تكون الأخيرة له بموجب دستور البلاد الذي يمنعه من الترشح لولاية رابعة، لكن لدى أردوغان العدد الكافي والأنصار في تجديد ولاية رابعة من خلال إيجاد تعديلات دستورية.

أردوغان هزم كمال كليتشدار أوغلو، ودخل اردوغان التاريخ من أوسع أبوابه، هناك حقيقة كاد اردوغان يفوز بالجولة الأولى وكان بحاجة إلى نصف نقطة لتحقيق الفوز، بلغت نسبة المشاركة في جولة الإعادة الحاسمة، بحسب الأرقام الأولية، نحو ٨٤في المائة، مقابل نحو ٨٩في المائة في الجولة الأولى التي جرت قبل أسبوعين.

خاطب أردوغان أنصاره في إسطنبول من على ظهر حافلة مكشوفة، وتظهر على وجهه علامات النصر، حيث قال «نتقدم بجزيل الشكر للشعب التركي النبيل الذي منحنا احتفالاً ديمقراطياً بين عيدين مباركين (عيد الفطر وعيد الأضحى)… قلنا مراراً إن المسيرة المقدسة لن تتعثر ولن نخيب آمال كل من يعول علينا. الفائز الوحيد هو تركيا».

الظاهرة الأردوغانية داخل وخارج تركيا تستحق الدراسة بشكل معمق، دعم الارهاب لحقبة من الزمن واستفاد من العصابات القاعدية الاخوانية في سوريا، ارسلهم إلى ليبيا وانقذ حكومة الغرب الليبي من السقوط بيد قوات الجنرال حفتر، ارسل مجاميع إرهابية إلى أذربيجان لهزيمة ارمينيا، وتزعم منظمة حركة الإخوان المسلمون الوهابية، وأصبح الزعيم الروحي للحركات الاخوانية بالعالم، الزعامة الروحية للسيد اردوغان منحته من تزعم حركات اخطبوطية تصل إلى كافة دول العالم العربي والإسلامي بل والظاهرة الأردوغانية مسيطرة على الجاليات الإسلامية في دول أوروبا وكندا وأستراليا وفي أمريكا الشمالية والجنوبية.

نحن أمام ظواهر أردوغانية، ليست حبيسة تركيا، بل ظاهرة متنقلة في المنطقة، والعالم، ظاهرة اردوغانية التصالح مع مصر والسعودية والإمارات، ركب ظاهرة الربيع العربي وتدخل في سوريا بعد أن كسب الغرب، وبعد صدام مع الروس، بعدها الظاهرة الاردوغانية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة تصالح مع الروس وإيران والان هو بصدد تدشين المصالحة مع الرئيس بشار الأسد، والتي سوف تحدث في القريب العاجل.

نحن أمام مرحلة اردوغانية تركية عظيمة، تآمرت قوى علمانية مدعومة من الغرب بعد أن ايقنوا ان الظاهرة الاردوغانية قد أسلمت تركيا، بالواقع الظاهرة الأردوغانية هي مرحلة عثمانية جديدة، فإن أذرع الظاهرة الأردوغانية العثمانية الجديدة هي منظمة حركة الإخوان المسلمين.

التدخل التركي يبقى موجودا في العراق وسوريا، وليبيا، وأذربيجان، أفغانستان والسودان والعلاقات التركية مع منظمة الإخوان المسلمين علاقات روحية، الظاهرة الأردوغانية الاقتصادية جعلت من تركيا، لها دور اقتصادي وحلقة وصل في المنطقة والعالم وربط التجارة مابين الشرق والغرب، يوم أمس الأول وقبل الصمت الانتخابي قال طيب أردوغان نحن نلعب على حبلين.

الظاهرة الأردوغانية تحاول الاستفادة من كل شيء وحتى من القمامة، التركيز على ما يفيد تركيا اقتصاديا، وليس التركيز على القشور، من خلال البحث عن فرص التنمية، وليس نقاط التجاذب السياسية، والشعارات الفارغة.

30/5/2023

اترك تعليقاً