السيمر / فيينا / الخميس 04 . 01 . 2024
احمد العبد
من أقصى شمال الضفة الغربية إلى أقصى جنوبها، خرج الفلسطينيون إلى الشوارع والميادين بشكل عفوي حزناً وغضباً، بعد تأكيد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الشيخ صالح العاروري، في بيروت. «شيخ» الضفة الغربية، وقائد «حماس» فيها، ومحرّك «كتائب القسام» وكتائب المقاومة، بَكته الضفة، واتّشحت عليه بالسواد والحداد، فيما نعته مآذن مساجدها طوال الليل. ومع تأكيد الخبر، اتّجهت الأنظار إلى مسقط رأسه ومنزل عائلته في بلدة عارورة قرب رام الله، والذي تحوّل إلى قبلة لأهل البلدة والقرى المجاورة، الذين احتشدوا أمامه، وهتفوا للمقاومة وللعاروري، في مبايعة جديدة لنهجه.وشهدت مدينة رام الله مسيرة كبيرة، شارك فيها المئات من الذين خرجوا يهتفون للمقاومة ولـ«القسام»، حاملين أعلام فلسطين و«حماس»، مؤكدين أن الضفة ستبقى على نهج العاروري والمقاومة، ومطالبين بالردّ الفوري على اغتياله. وفي نابلس، نعت مساجد المدينة العاروري، في حين خرجت في جنين مسيرة كبيرة يتقدّمها مقاومون من «كتيبة جنين» و«القسام»، توعّدوا بردّ قريب. وتكرّر المشهد نفسه في مدينة طوباس، حيث نظّم المقاومون عرضاً عسكريّاً، ليؤكدوا المضيّ قدماً على طريق المقاومة. كذلك، شهدت مدينة الخليل وبلدات عدّة في المحافظة، ومدينة طولكرم، مسيرات حاشدة شارك فيها المئات، فيما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى/ شباب الثأر والتحرير» في المدينة تنفيذ عملية إطلاق نار تجاه حاجز «عناب»، كردّ أوّلي على اغتيال العاروري ورفاقه. كما سُجّلت عملية إطلاق نار عند حاجز حوارة جنوب نابلس، وعدّة عمليات رشق حجارة على مركبات المستوطنين. أيضاً، عمّ الإضراب الشامل أرجاء الضفة، يوم أمس، حيث خرجت مسيرات جماهيرية غاضبة في مراكز المدن، استجابةً لدعوة القوى الوطنية والإسلامية، للتنديد بجريمة اغتيال العاروري.
ويَطرح اغتيال العاروري أسئلة عن تداعياته على ساحات العمل المقاوم، ومن بينها الضفة التي تبقى جبهة غير قابلة لتوقّع قدراتها وأسرارها. وبالتالي، قد تكون هي مفتاح ردّ «حماس» على جريمة الاغتيال من جانب، ومن جانب آخر قد تشعل هذه العملية المواجهات والاشتباكات فيها، بما يسهم في اتّساع رقعة المقاومة هناك. وللعاروري شعبية واسعة في قواعد الحركة في الضفة، وفي أوساط تشكيلات المقاومة المسلّحة، وربّما يكون قد نجح في تشكيل عدد من الخلايا السرية أو النائمة في الضفة. أمّا التأثير والحظوة اللذين راكمهما عبر الدعم الدائم للمقاومة بالمال والعتاد، فقد يعزّزان من احتمالية أن تلعب الضفة دوراً في الردّ العسكري على الاغتيال.أدرك العاروري، منذ سنوات، أن اسمه يحتلّ لائحة الاغتيالات لدى إسرائيل، وأنه في أيّ لحظة قد يستشهد، وهو الذي ظنّ أنه عاش أكثر ممّا توقّع. وضمن هذا الفهم لطبيعة الدور الذي يقوم به في قيادة الضفة، وكونه مطلوباً للاغتيال، فإن الخشية من تأثّر ساحة الضفة سلباً باغتياله يبدو غير منطقي البتّة، بل لعلّ القائد الذي سيخلفه في قيادتها، قد جهّزه الراحل بنفسه وأعدّه لإكمال المسيرة، على غرار تجارب الحركة وفصائل المقاومة الأخرى، التي لم تحدّ عمليات الاغتيال من قوتها ولم تؤخّر مسيرتها.مسيرة حافلة
في آخر سنوات انتفاضة الحجارة، وبين «مؤتمر مدريد» و«اتفاقية أوسلو»، التحق شاب أسمر من بلدة عارورة بجامعة الخليل جنوب الضفة الغربية لنَيْل شهادة جامعية في الشريعة. وهناك، زرع النواة الأولى للجناح العسكري لحركة «حماس». وانتشرت، أخيراً، صورة تعود إلى تلك الحقبة، تُظهر العاروري أمير الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، وعادل عوض الله أميرها في جامعة القدس، وإبراهيم حامد أمير بيرزيت، والذين حملوا على أكتافهم تأسيس «القسام» في الضفة. وكان مقدّراً للعاروري بعد سنوات اعتقاله وإبعاده إلى خارج الضفة، العودة من جديد إلى نقطة الصفر، وإعادة بناء «كتائب القسام» فيها وتسليحها وإمدادها من الخارج، في مهمّة أكثر صعوبة وتعقيداً لجهة الظروف والإمكانات. لكنه مع ذلك، نجح في المهمّة، واستطاع إعادة ضخّ الدماء في مقاومة الضفة، وتوجيه عدّة ضربات إلى الاحتلال.
وفي عام 2014، أي بعد أربع سنوات من الإفراج عنه وترحيله، اهتزّت الضفة على وقع خبر اختطاف ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل. يومها، استنفرت إسرائيل قواتها الأمنية والاستخباراتية والعسكرية وكأنها في معركة حياة أو موت، فأعادت احتلال الضفة، وشنّت حملة شرسة ضدّ حركة «حماس»، متّهمةً إيّاها، وتحديداً صالح العاروري، بالوقوف خلف العملية، متناقلةً مقطعاً مصوّراً نُسب إلى الرجل، يعلن فيه مسؤولية الحركة عن خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم. كما اتهمتها بقيادة سلسلة من العمليات الإرهابية من أجل إشعال انتفاضة ثالثة. ومنذ معركة «سيف القدس»، والتي شهدت ارتفاعاً في مستوى المقاومة المسلّحة في الضفة، وتشكيل خلايا ومجموعات، وتحديداً في شمالها، يُنسب الفضل الأكبر إلى العاروري، الذي اتّهمته سلطات الاحتلال بتمويل المقاومين هناك وتسليحهم، سواء من «حماس» أو غيرها من الفصائل، وبوقوفه مباشرة خلف العشرات من العمليات الفدائية، التي نفّذها عناصر الحركة.
ويَطرح اغتيال العاروري أسئلة عن تداعياته على ساحات العمل المقاوم، ومن بينها الضفة التي تبقى جبهة غير قابلة لتوقّع قدراتها وأسرارها. وبالتالي، قد تكون هي مفتاح ردّ «حماس» على جريمة الاغتيال من جانب، ومن جانب آخر قد تشعل هذه العملية المواجهات والاشتباكات فيها، بما يسهم في اتّساع رقعة المقاومة هناك. وللعاروري شعبية واسعة في قواعد الحركة في الضفة، وفي أوساط تشكيلات المقاومة المسلّحة، وربّما يكون قد نجح في تشكيل عدد من الخلايا السرية أو النائمة في الضفة. أمّا التأثير والحظوة اللذين راكمهما عبر الدعم الدائم للمقاومة بالمال والعتاد، فقد يعزّزان من احتمالية أن تلعب الضفة دوراً في الردّ العسكري على الاغتيال.أدرك العاروري، منذ سنوات، أن اسمه يحتلّ لائحة الاغتيالات لدى إسرائيل، وأنه في أيّ لحظة قد يستشهد، وهو الذي ظنّ أنه عاش أكثر ممّا توقّع. وضمن هذا الفهم لطبيعة الدور الذي يقوم به في قيادة الضفة، وكونه مطلوباً للاغتيال، فإن الخشية من تأثّر ساحة الضفة سلباً باغتياله يبدو غير منطقي البتّة، بل لعلّ القائد الذي سيخلفه في قيادتها، قد جهّزه الراحل بنفسه وأعدّه لإكمال المسيرة، على غرار تجارب الحركة وفصائل المقاومة الأخرى، التي لم تحدّ عمليات الاغتيال من قوتها ولم تؤخّر مسيرتها.مسيرة حافلة
في آخر سنوات انتفاضة الحجارة، وبين «مؤتمر مدريد» و«اتفاقية أوسلو»، التحق شاب أسمر من بلدة عارورة بجامعة الخليل جنوب الضفة الغربية لنَيْل شهادة جامعية في الشريعة. وهناك، زرع النواة الأولى للجناح العسكري لحركة «حماس». وانتشرت، أخيراً، صورة تعود إلى تلك الحقبة، تُظهر العاروري أمير الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، وعادل عوض الله أميرها في جامعة القدس، وإبراهيم حامد أمير بيرزيت، والذين حملوا على أكتافهم تأسيس «القسام» في الضفة. وكان مقدّراً للعاروري بعد سنوات اعتقاله وإبعاده إلى خارج الضفة، العودة من جديد إلى نقطة الصفر، وإعادة بناء «كتائب القسام» فيها وتسليحها وإمدادها من الخارج، في مهمّة أكثر صعوبة وتعقيداً لجهة الظروف والإمكانات. لكنه مع ذلك، نجح في المهمّة، واستطاع إعادة ضخّ الدماء في مقاومة الضفة، وتوجيه عدّة ضربات إلى الاحتلال.
وفي عام 2014، أي بعد أربع سنوات من الإفراج عنه وترحيله، اهتزّت الضفة على وقع خبر اختطاف ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل. يومها، استنفرت إسرائيل قواتها الأمنية والاستخباراتية والعسكرية وكأنها في معركة حياة أو موت، فأعادت احتلال الضفة، وشنّت حملة شرسة ضدّ حركة «حماس»، متّهمةً إيّاها، وتحديداً صالح العاروري، بالوقوف خلف العملية، متناقلةً مقطعاً مصوّراً نُسب إلى الرجل، يعلن فيه مسؤولية الحركة عن خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم. كما اتهمتها بقيادة سلسلة من العمليات الإرهابية من أجل إشعال انتفاضة ثالثة. ومنذ معركة «سيف القدس»، والتي شهدت ارتفاعاً في مستوى المقاومة المسلّحة في الضفة، وتشكيل خلايا ومجموعات، وتحديداً في شمالها، يُنسب الفضل الأكبر إلى العاروري، الذي اتّهمته سلطات الاحتلال بتمويل المقاومين هناك وتسليحهم، سواء من «حماس» أو غيرها من الفصائل، وبوقوفه مباشرة خلف العشرات من العمليات الفدائية، التي نفّذها عناصر الحركة.
المصدر / جريدة الاخبار البنانية
من ملف : إسرائيل: لعبة توسيع الحرب