فيينا / السبت 07. 09 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
أعلنت كل من واشنطن وبغداد أنها اتفقتا على خطة لانسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة من الأراضي العراقية تنتهي بحلول نهاية 2026. من جهته، شرح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أنه على الرغم من تقديره لمساعدتها، إلا أن القوات الأمريكية أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار، إذ يجري استهدافها على نحو متكرر وعادة ما ترد بهجمات دون تنسيق مع الحكومة العراقية.
هل باتت أيام قوات التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة منذ سقوط الرئيس صدام حسين في العراق معدودة؟ هل ستخرج هذه القوات بشكل نهائي من بلاد الرافدين بعد تواجد لها دام عدة سنوات قامت خلالها بإسقاط الرئيس صدام حسين ومواجهة مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”. فوفق عدة مصادر مطلعة توصلت واشنطن وبغداد إلى تفاهم حول خطة لانسحاب هذه القوات.
فيما أوضحت المصادر أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر/أيلول من عام 2025 والبقية بحلول نهاية العام التالي. وتم الاتفاق بشكل كبير على الخطة وتنتظر موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد للإعلان عنها. وقال مسؤول أمريكي كبير “توصلنا إلى اتفاق، وحاليا يتعلق الأمر فقط بموعد الإعلان عنه”. ويسعى البلدان أيضا إلى إقامة علاقة استشارية جديدة قد تسمح ببقاء بعض القوات الأمريكية في العراق بعد الانسحاب.
انتهاء المحادثات الفنية حول الانسحاب
وأضافت نفس المصادر إن الإعلان الرسمي كان مقررا في البداية أن يصدر قبل أسابيع لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية. وتشمل المصادر خمسة مسؤولين أمريكيين ومسؤولين من دولتين أخريين في التحالف وثلاثة مسؤولين عراقيين، وطلبوا جميعا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخول لهم الحديث عن الأمر علنا.
وذكرت أن الإعلان عن الاتفاق قد يحدث خلال الشهر الجاري. وقال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية إن المحادثات الفنية مع واشنطن حول الانسحاب انتهت.
وأضاف “نحن على وشك نقل العلاقة بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد يركز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية”. ولم يعلق على تفاصيل الخطة كما لم يرد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على استفسارات أرسلتها رويترز عبر البريد الإلكتروني. يأتي الاتفاق بعد محادثات استمرت أكثر من ستة أشهر بين بغداد وواشنطن بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير/كانون الثاني وسط هجمات شنتها جماعات مسلحة عراقية مدعومة من إيران على قوات أمريكية متمركزة في قواعد بالعراق.
2500 جندي أمريكي في العراق
وأسفرت الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة العشرات، مما أدى إلى جولات عدة من الرد الأمريكي القاتل هددت جهود الحكومة الرامية لتحقيق الاستقرار في العراق بعد سنوات من الاضطراب.
ولدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق إضافة إلى 900 في سوريا المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين.
وسيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” في مرحلة من الصراع على ما يقرب من ثلث مساحة العراق وسوريا، قبل هزيمته في الأراضي العراقية في نهاية 2017 وفي سوريا في 2019.
وقال علاء الدين إن العراق أثبت قدرته على التعامل مع أي تهديد لا يزال قائما. غزت الولايات المتحدة العراق في 2003 وأطاحت بصدام حسين قبل الانسحاب في 2011، لكنها عادت على رأس التحالف في 2014 لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
مواجهة النفوذ الإيراني من بغداد
وتشارك دول أخرى في التحالف بمئات الجنود، منها ألمانيا، وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. وبموجب الخطة، ستغادر جميع قوات التحالف قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بغرب العراق وتقلل من وجودها في بغداد على نحو كبير بحلول سبتمبر/أيلول 2025.
ومن المتوقع أن تبقى قوات أمريكية وأخرى من قوات التحالف في أربيل بإقليم كردستان الشمالي شبه المستقل لما يقرب من عام إضافي، حتى نهاية 2026 تقريبا، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا.
ويتم الإبقاء على سرية التفاصيل المتعلقة بحركة القوات لحساسيتها العسكرية. وسيشكل انسحاب قوات التحالف تحولا ملحوظا في الموقف العسكري لواشنطن بالمنطقة.
فبينما ركز التحالف على مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”، يقر مسؤولون أمريكيون بأن وجودهم يوفر موقعا استراتيجيا في مواجهة النفوذ الإيراني.
السوداني: “القوات الأمريكية أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار”
وازدادت أهمية ذلك الموقع الاستراتيجي مع تصاعد المواجهة الإقليمية بين إسرائيل وإيران، إذ شاركت القوات الأمريكية في العراق في إسقاط صواريخ وطائرات مسيرة استهدفت إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقا لمسؤولين أمريكيين.
وقال السوداني في وقت سابق إن القوات الأمريكية، وعلى الرغم من تقديره لمساعدتها، أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار، إذ يجري استهدافها على نحو متكرر وعادة ما ترد بهجمات دون تنسيق مع الحكومة العراقية.
ومن المرجح أن يمثل الاتفاق عند إعلانه انتصارا سياسيا لرئيس الوزراء العراقي الذي يسعى إلى تحقيق التوزان في موقف بغداد باعتبارها حليفة لكل من واشنطن وطهران.
ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من سحب القوات قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وقال مسؤول أمريكي إن الإطار الزمني الممتد لعامين يمنح الولايات المتحدة “متنفسا” يسمح بإجراء تعديلات محتملة إذا تغير الوضع الإقليمي. ولم ترد وزارة الخارجية والسفارة الأمريكية في بغداد على طلبات التعليق حتى الآن.