الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / شبح داعش يظهر على طريق عودة عراقيي مخيم “الهول” السوري
تقارير حقوقية حذرت من خطورة الأوضاع في مخيم الهول على الأطفال المقيمين به

شبح داعش يظهر على طريق عودة عراقيي مخيم “الهول” السوري

فيينا / الأحد 05 . 01 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

“450 عائلة عراقية في مخيم الهول السوري تستعد للانتقال إلى مخيم الجدعة جنوب مدينة الموصل في العراق خلال الأيام القليلة المقبلة”، خبر يبدو مفرحا لكثيرين لكنه يثير مخاوف لدى آخرين، والسبب: شبح داعش.

ورغم أن السلطات العراقية أكدت “نظافة سجلات” من تستعد لنقلهم من مخيم الهول وعدم ارتباطهم بتنظيم داعِش، إلا أن مواطنين وناشطين مدنيين يبدون اعتراضهم على مجيئهم.

 ويقول عبد الحميد الجبوري، أحد سكان نينوى “تنتابني مخاوف من عودة الموجودين في مخيم الهول”، مضيفا أن “أغلبهم كانوا مع تنظيم داعش”، معربا لموقع “الحرة” عن “خشيته من أن يؤدي قدومهم إلى حدوث أعمال انتقام، لأن غالبيتهم تسببوا بأضرار للمواطنين”، بحسب قوله.

وكان مدير إعلام وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس قد ذكر لموقع “الحرة”، في وقت سابق، أنه تم تجهيز وتدقيق بيانات 450 عائلة داخل المخيم، من العراقيين الذين “ثبتت نظافة سجلاتهم من أي جرائم”، بغرض نقلهم في الأيام المقبلة إلى مخيم الجدعة جنوب مدينة الموصل.

المخيم “الخطر”

مخيم الهول الواقع شمال شرقي سوريا من أكبر المخيمات في البلد. وارتبط بإيواء أفراد من تنظيم داعش وأسرهم. النسبة الأكبر من سكان المخيم هم عراقيون فروا من نينوى والأنبار خلال الحرب ضد التنظيم الإرهابي في 2017.

بيد أن تاريخ المخيم أقدم منذ ذلك، إذ يعود تأسيسه إلى عام 1991 لإيواء اللاجئين العراقيين الفارين من حرب الخليج الثانية. وكانت تديره السلطات السورية بطلب من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وفي العام 2003 أعيد فتح المخيم الممتد على مساحة 2.9 كيلومتر مربع لاستقبال العراقيين المغادرين للبلاد عقب العملية العسكرية الأميركية في العراق.

وفي 2013 سقط المخيم بيد تنظيم داعش الذي طرد ساكنيه، قبل تستعيد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” السيطرة عليه في 2015 بدعم من طيران التحالف الدولي. وما زال المخيم تحت إدارتها إلى الآن.

ويسكن المخيم حاليا حوالي 30 ألف عراقي، فضلا عن عائلات منتمين لتنظيم داعش وأطفالهم، حيث تم نقلهم إليه بعد معارك باغوز التي كانت آخر معاقل تنظيم داعش في سوريا، بحسب المتحدث باسم “وحدات حماية الشعب”، سيامند علي.

وأفاد علي لموقع “الحرة” بأن المخيم يتألف من 7 قطاعات “أكثرها خطورة القطاع الذي يؤوي عناصر وأُمراء تنظيم داعش الأجانب”، وهم “يشكلون أكبر بؤرة إرهابية متطرفة” على حد تعبيره.

وتسبب وجود هؤلاء المتشددين داخل المخيم بحدوث عشرات حالات القتل خلال السنوات الماضية، ينفذها ما يسمى “جهاز الحسبة” الذي تديره نساء تنظيم داعش داخل المخيم ضد الذين يخرجون عن تعاليمهم هناك، بحسب المتحدث باسم “وحدات حماية الشعب” الذي ذكر أن المخيم شهد مظاهرات وهجمات عديدة على نقاط الحراسة واستهدافا للمنظمات المدنية التي كانت تعمل هناك.

وتحدث سيامند علي عن “تلقين نساء داعش لأطفالهن لمبادئ وأفكار متطرفة يتبناها التنظيم داخل المخيم، بحيث صار المخيم أشبه بـ”أكاديمية لتخريج وإعداد شبان متطرفين”، على حد وصفه، قائلا “جرت العديد من محاولات لتهريب هؤلاء الأطفال ونقلهم إلى بادية الشام للالتحاق بمراكز تدريب تنظيم داعش الموجودة هناك”.

مخاوف وتطمينات

يعيش عدد كبير من العراقيين في المخيمات السورية، وهم يتوزعون على مخيمات مبروكة والهول ونوروز. وكان هؤلاء قد فروا إلى سوريا هربا من الحرب التي شنتها قوات التحالف ضد مجموعات داعش في العراق عام 2017. وفي العام 2018 بلغ عدد هؤلاء اللاجئين العراقيين أكثر من 35 ألفا، أغلبهم من العرب السنة والإيزيديين، بحسب فرحان صالح تركي، مدير المنظمة العالمية لحقوق الإنسان في نينوى الذي كان يعمل آنذاك مراقبا داخل المخيم.

وحذرت منظمات حقوقية من خطورة وجود الأطفال في مخيم الهول، إذ طالت لجنة التحقيق التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في سوريا، بمناسبة اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف في 12 فبراير الماضي، الدول إلى استعادة الأطفال الموجودين في مخيم الهول بسبب تعرضهم هناك لـ”خطر التطرف والمعاملة اللاإنسانية”.

وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت هي الأخرى عام 2022 من الظروف التي يعيشها أطفال داعش في مخيم الهول، مطالبة بـ”ضرورة إعادة 27 ألف طفل على الأقل ينتمون لعائلات تابعة للتنظيم من دول سوريا والعراق ودولة أخرى”.

بينما دعا تقرير نشرته القيادة المركزية للولايات المتحدة “سينتكوم” في 2022 إلى إخراج الأطفال من مخيم الهول، حيث طالب مدير المديرية المشتركة بين الوكالات والبيئة المدنية التابعة لقوة المهام المشتركة، العميد فنسنت كوست، بضرورة نقل الأطفال الموجودين في مخيم الهول إلى مخيم الجدعة، قائلا “أكبر ما يقلقني هو الأطفال في مخيم الهول يتعرضون يوميًا للعنف وانعدام الأمن وفكر داعش الخطير”

وكان العراق قد استقبل أول دفعة من العراقيين القاطنين في مخيم الهول، في 25 مايو 2021 ووصل عدد العائدين إلى 2640 أسرة، بحسب مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، في نوفمبر 2024 خلال مشاركته بمنتدى “ميبس” الذي نظمته الجامعة الأميركية في دهوك.

وبيّن تركي أن العراقيين الموجودين في المخيم “ليسوا جميعا من تنظيم داعش”، قائلا “أكثرهم من بقايا القوات الأمنية والعاملين وموظفي صناديق الاقتراع والشرطة المحلية وبعض الموظفين، هربوا من بطش الحرب فحُصر أغلبهم في مخيم الهول”.

الهول”.

وأضاف “هم مسجلون في قاعدة بيانات موجودة لدى القوات الأمنية العراقية والتحالف، ولا يتم نقلهم إلا بعدما يتم تدقيق أسمائهم من الناحية الأمنية”.

الأمر نفسه أكده مدير إعلام وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس، في تصريحه السابق لموقع “الحرة”، موضحا أن رحلات نقل العائدين تخضع لـ”عمليات تدقيق عديدة تبدأ بدخولهم للسيارات التي تقلهم، وكذلك عند دخولهم العراق في المنافذ الحدودية، وأيضا عند وصولهم إلى مخيم الجدعة في الموصل”.

وذكر عباس أن مخيم الجدعة “هو الوحيد الذي يضم مركزا لإعادة التأهيل، وخصص لتقديم خدمات الصحة البدنية والنفسية للعائدين من الهول”.

“الأيزيديون أولا”

في المقابل، انتقد النائب الأيزيدي، محما خليل، عملية نقل وإجلاء قاطني مخيم الهول عبر قضاء سنجار ذات الأغلبية الأيزيدية، قائلا “الأيزيديون يشعرون بالإهانة وهم يرون الذين قاموا بسبي نسائهم وقتل إخوانهم وسرقة ممتلكاتهم وهم ينقلون أمام أعينهم إلى مناطقهم”.

واعترض المتحدث على عمل وزارة الهجرة والمهجرين على “نقل الموجودين بمخيم الهول” بينما “لا تحرك ساكنا بشأن الأيزيديين المتضررين الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات بإقليم كردستان”، وفق قوله.

ويرى خليل أن عودة هؤلاء “قد تؤدي إلى نشوء صراعات جديدة بين السكان المحليين”، ذاكرا أن “أغلب العائدين أياديهم ملطخة بدماء العراقيين وأهالي المنطقة وقد تؤدي عودتهم الى حدوث حالات انتقام”.

“القليل من الدول الأوربية والعربية استقبلت مواطنيها الموجودين في مخيم الهول عدا العراق الذي يستلم منذ 2021 دفعات مستمرة من ساكني هذا المخيم وينقلهم إلى البلاد”، يقول النائب محما خليل.

المخاوف ذاتها يبديها رئيس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية شريف سليمان الذي قال “كان الأولى بوزارة الهجرة والمهجرين العمل على إنهاء ملف النازحين العراقيين الداخلين الموجودين في مدن إقليم كردستان”.

خطة العودة

ورغم أن سليمان أوضح لموقع “الحرة” أن هؤلاء العائدين “قد لا يكونون منتمين لصفوف تنظيم داعش”، إلا أنه اعتبر أن “وجودهم في المخيم لسنوات عديدة بالقرب من تنظيم داعش، يحتم على الدولة رعايتهم والاهتمام بهم وتأهيلهم وفق برامج متطورة” تستعين فيها بخبرات عالمية”

وفي هذا السياق كشف محما خليل لموقع “الحرة” عن تحفظاته حول تدبير ملف تأهيل العائدين بمخيم جدعة، قائلا “البرنامج لا يرتقي إلى المستوى المطلوب وهو مجرد إجراءات روتينية لفترة قصيرة، تصدر بعدها مستمسكات رسمية لهم، ويطلق سراحهم مرة أخرى”.

من جهته، أبدى رئيس ممثلية الفرق الطوعية في نينوى والناشط المدني مهند الأومري اعتراضه على تخصيص نحو 40 يوما لتأهيل القادمين من مخيم الهول، قائلا إنها “مدة غير كافية لإزالة الأفكار الخطرة والمتطرفة التي علقت بأذهانهم، لا سيما الأطفال”، داعيا زيادة مدة التأهيل إلى ما بين السنة والسنتين. 

الأومري أكد لموقع “الحرة” أن “معظم الذين تم جلبهم في المراحل السابقة لم يستطيعوا التكيف مع المجتمع”، قائلا “الذين أتوا إلى الموصل يسكن أغلبهم بالقرب من بعضهم، إما في بيوت مؤجرة في منطقة (حي 17 تموز) بالجانب الأيمن من الموصل، أو نصبوا لأنفسهم خيام في تلك المنطقة”.

العديد من القرى والعشائر لم تقبل بعودة هؤلاء “ولم تستقبلهم بينها وطردوهم”، بحسب قول الأومري الذي أضاف أن العائدين اضطروا إلى التوجه الموصل أو مدن أخرى، و”يجدون صعوبة في التأقلم مع المجتمع”.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً