السيمر / فيينا / الاثنين 06 . 07 . 2020
كاظم اللايذ
مشتاقٌ الى المقهى …
إلى الارائكِ الخشبيةِ
التي لا تملّ من سماع الحكاياتِ ,
ولا تتوقف عن تقشير حبّات الزمن .
الى أقداح الشاي المعمول على الفحم
والممزوج برائحة قمصان الأصدقاء …
مشتاق الى اصحابي السبعينيين
المحكومين بالخنق على يد السفّاح كوبيد 19
مشتاقٌ الى النكات الجديدة
تطير في فضاء المقهى
ثم تنفجرُ مثلَ البالونات
قبل أنْ تشفطها مفرغاتُ الهواء الى الخارج .
مشتاقٌ الى اصدقائي الشيوعيين
الذين ما لبثوا على موعدهم
– مع الديالكتيك –
” بوطن حرّ وشعب سعيد” .
مشتاق الى الصامتين في الزوايا كأنهم مرضى التوحّد
لا تسمع أصواتَهم أبداً الا اذا سلّمتَ عليهم قسراً
او تأخرَ راتبُهم التقاعدي .
مشتاقٌ الى الإشاعات
تلك التي أدمنتُ عليها في سنوات الطغيان
تمنحني جناحينِ زائفين
أطيرُ بهما مثل ملائكة الجنان .
……..
مشتاقٌ الى مقهاي ..
وكأنني غادرته منذ سنين
المقهى الذي صار بيتي
بعد أن قال لي مايسترو الفرقة ذاتَ يومٍ :
يدُكَ ترتجف ! أنت تفسد العزف ! .
فنهضتُ
لأسندَ قيثارتي الى الحائط
وافرغ جيوبي من كلّ شيءٍ
وأرمي المفاتيح على الطاولة .. وأغادر
…..
يومها لم ترحمْني ألا أرائكُ المقهى
فرشتُ عليها خرائطي
وقلت لنفسي : دعني أعبر سحابة هذا الشتاء !
لعل عربة ( دمّوزي) ذات العجلات الخشبية
تلك التي تنقل المسافرين الى العالم السفليّ ,
تمر من هنا , فيتذكرني سائقُها ذو الوجه المغولي ,
يقرع لي جرسَه من رأس الشارع
فاخرجُ اليه
يقرض لي بطاقتي من طرفها العلوي
ثم يُجلسني الى جانبه
وينطلقُ بي الى حيث يريد.