السيمر / فيينا / الاربعاء 22 . 07 . 2020
أياد السماوي
سماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيّار الحكمة الوطني .. اطلعت على مقالكم ( فرصة تاريخية لبناء الدولة القوية ) المنشور في صحيفة الشرق الأوسط السعودية يوم الأثنين الموافق 20 / 07 / 2020 , وقبل البدء بالرّد على ما جاء في مقالكم المذكور أعلاه من مغالطات تاريخية , والتفاف على الحقائق التي عشنا أحداثها وتفاصيلها , أودّ أن أقول لك أنّ كاتب هذه السطور من جيل أبيك المرحوم عبد العزيز الحكيم , عشت محنة الشعب العراقي مع نظام البعث المجرم بكل تفاصيلها , منذ أن اعتلى حزب البعث الفاشي مقاليد الحكم في العراق عام 1968 , وكنت شاهدا على جرائم هذا النظام الدموي وما قام به من فضائع وحروب عبثية لا زال العراقيون يعيشون نتائجها وآثارها حتى اللحظة , وشاء الله تعالى أن أكون شاهدا على جرائم دولة المكوّنات ودولة الاحزاب كما أسميتها أنت .. حديثك عن الصراع بين الدولة واللا دولة يعطي انطباعا أنّك لست جزءا من النظام السياسي لدولة المكوّنات ودولة الأحزاب التي أرسى قواعدها والدك المرحوم عبد العزيز الحكيم .. كما ويعطي انطباعا أنّ التيّار السياسي الذي قاده المرحوم أبيك وأنت من بعده بعيدا عن هذه الطبقة السياسية التي شكلّت نظام اللا دولة ..
سماحة السيد .. أنا واثق جدا أنّ جنابك يعرف تماما ماذا يعني مصطلح الدولة ومصطلح اللا دولة وكما أفهمهم أنا , الفرق بيني وبينك أني استخدمت مصطلح اللا دولة بمفهوم أوسع من دولة المكوّنات أو دولة الأحزاب .. فأنا قصدت بالمصطلح دولة الفساد برّمتها وهي تشمل دولة المكوّنات ودولة الأحزاب ودولة الإقطاعيات العائلية التي تنتمي لها أنت وأبيك المرحوم عبد العزيز الحكيم .. والمقطع الزمني الذي سيكون نقطة التحوّل القادم في صراع الدولة واللا دولة , يتمّثل بزوال أحزابكم وإقطاعياتكم العائلية التي أرست نظام اللا دولة .. والقول أنّ دولة المؤسسات هي القاعدة التي انطلق منها المشروع السياسي لشهيد المحراب , هو قول يحتاج لشواهد وليس لمقولات نطق بها عامة الناس .. جنابك تقول ( أنّه في الوقت الذي كانت فيه الأزمات تشتّد والخطابات التقسيمية تتسيّد المشهد , طرحنا مبكرّا مفهوم الدولة العصرية العادلة , هذا المفهوم الذي يقوم في فكرته الأساسية على تحقيق مشروع دولة المؤسسات ) .. ولعمري أنّ ما تتحدّث عنه لهو البهتان العظيم .. وبدوري أسأل سماحتك أين ومتى طرحتم مفهوم الدولة العصرية العادلة ؟ إلا إذا كان منّظر الدولة الحضارية محمد عبد الجبار الشبوط ينتمي لتيار سماحتكم ..
سماحة السيد عمار .. أنّ الدولة التي ننشدها ليست دولة الإقطاعيات العائلية السياسية , بل هي دولة العراقيين من غير تمييز في الحسب أو النسب , دولة الرجل المناسب في المكان المناسب , وهذا المبدأ بكل تأكيد لا يروق لورثة الإقطاعيات العائلية السياسية , ولو كان أبوك غير المرحوم عبد العزيز الحكيم لكنت الآن أحد طلبة الدرس في الحوزة , تنتظر راتب المرجع الديني في نهاية الشهر .. والوراثة هي من جائت بك زعيما للمجلس الأعلى الذي تأسس في إيران عام 1982 والذي توّلى رئاسته محمود الهاشمي , وكان عمك الشهيد محمد باقر الحكيم الناطق الرسمي له .. سماحة السيد حتى اختصر الطريق عليك بدون تكلّف أو تمنطق أو لغو .. إنّ صراع الدولة واللا دولة يبدأ من حيث زوال إقطاعياتكم العائلية التي وضعت أساس صرح اللا دولة , فبدون زوال الإقطاعيات العائلية السياسية , لا يمكن الحديث عن بناء الدولة .. والخطوة الأولى في طريق بناء الدولة تبدأ بإعادة كتابة الدستور الذي تتفاخر بإنجازه لنا والذي أرسى قواعد دولة المكوّنات .. ونظام الدولة الذي تتمناه لفظا لا فعلا , لن يسمح لك ولا لأقرانك ورثة الإقطاعيات العائلية من العيش في هذه الإمبراطوريات المالية وهذه الأبّهة التي لا تنتمي لسلوك أجدادك آل بيت النبوّة الذين عاشوا حياة الزهد وشظف العيش .. سماحة السيد أنت وأنا والجميع يعلم علم اليقين أنّك أحد أهم بناة صرح اللا دولة الذي بنته أحزابكم الفاسدة , بل أنت أحد أمهر البنائين في صرح اللا دولة .. ختاما أقول لك تواضع قليلا وخاطب الناس بدون تكلّف وتمنطق .. فالمنطق السليم حين تعترف كما اعترف غيرك من بناة دولة اللا دولة , بأنّهم فشلوا في بناء الدولة ويجب أن لا يكون لهم دور في الحياة السياسية القادمة ..
في 22 / 07 / 2020