السيمر / فيينا / السبت 08 . 08 . 2020
سليم الحسني
هجْرنا منهج الإمام علي عليه السلام منذ زمن بعيد. أحببنا سيف عليّ وأهملنا شجاعته. أعجبتنا بلاغة عليّ وتركنا كلماته. بهرتنا قوة عليّ وانصرفنا عن زهده وبساطته وتواضعه.
لقد أخذنا منه ما نهواه، وتركنا منه ما يريد. ومن يحبّ علياّ بحق، لا يخالف منهجه.
أخبِرني يا حامل عنوان عليّ: هل ساعدتَ في يومك هذا بعض الفقراء؟ هل أزلتَ عثرة من الطريق؟ هل نصحتَ جارك أن يأخذ حذره من هذا الوباء؟ هل فكّرتَ بعقلك أم أنك تفعل ما يفعلون وتخوض في ما يخوضون؟
لستَ من شيعة عليّ. لا يريد عليّ مثلك ومثلي، لقد قال وفعل. جاءته الدنيا فصرفها عنه، طردها من بابه. توسلتْ به أن يأخذ بعض زينتها، سحقها بقدمه وراح يخصف نعله.
أترى ذاك الشاب الغارق في النعيم؟ أترى بهرجة الأضواء والألوان من حوله؟ وتلك القاعة الفسيحة البرّاقة؟ هذا الشاب سرقَ علياً ثم قتله. لقد رأيتَه أنت ورأيتُه أنا ورآه الآخرون. لم نعترض، رآيناه كلنا يفعل ذلك، ولم نعترض. فهل نحن شيعة عليّ؟
هل تشاهدْ ذاك الرجل المُفرط في قول الإصلاح. هذا قاتل عليّ. يقتله كل يوم، يهتف بالإصلاح ويُرسل أعوانه يفتحون الخزائن ينهبونها ويقتلون الشهود. نراه ونعلم أمره، لكنا نخشى انتقامه، فهل نحن شيعة عليّ؟
تسألُني عن ذاك الشاب الجالس في دار الشورى. هذا قاتل عليّ. قتله وهو سكران. سرق أموال الأيتام وهو سكران. أقسمَ بالخمرة والبغايا وبكل ما يَعبده، أنه سيعيد الماضي، ويُرجع الكرسي لمن كان. أقسمَ أن الشورى لن تكون إلا بإبعادها عن عليّ كما أبعدَها رجل من قبل.
سأخبِرك قبلَ أن تسألني عن هؤلاء الذين يملكون الأمور هل هم شيعة عليّ كما يزعمون؟
هؤلاء قتلوا علياً. لم يحفظوا عهده، لم يلتزموا ميثاقه. انصرفوا للدنيا يأكلون أكل الجائع الذي لا يشبع، فإن إمتلأت بطونهم حراماً إزداد نهمهم.
سأخبرك عن الصامتين، هؤلاء أيضاً قتلوا علياً. لقد خذلوه فمضى مهموماً حزيناً.
أتدري من هم شيعة عليّ؟
أنظر الى ذاك الواقف قرب المحتاج، إنه يساعده. والى تلك المرأة التي تحمل شوكاً على رأسها، إنها تشقى لأطفالها. والى ذلك الرجل المحني الظهر، يحمل وزناً فوق وزنه، إنه يعيل بتعبه عياله وعيال جاره.
ثم قفْ على مرتفع من الأرض، وأنظر بعيداً، سترى رجالاً لونهم كالتراب، يحملون بنادقهم على السواتر. إنهم شيعة عليّ بن أبي طالب.
هل تريد أن تكون شيعياً؟ كنْ كما أراد عليّ.
٦ أغسطس ٢٠٢٠