الرئيسية / مقالات / الانتخابات العراقية.. بين الواقع والخيال

الانتخابات العراقية.. بين الواقع والخيال

السيمر / فيينا / الاحد 09 . 08 . 2020

عمر البصراوي

في ظل موجة النقد التي يتعرض لها السيد الكاظمي منذ تسنمه رئاسة الحكومة في ايار من العام الحالي، وهي ظاهرة باتت معتادة في الوسط السياسي، في ظل المطالب الحقيقية لساحات التظاهر، يبدوا أن الرجل اعلن عن تسجيله هدفاً في مرمى الكتل السياسية باإعلانه عن موعد للانتخابات المبكرة في حزيران من العام القادم، كرسالة واضحة للوفاء بوعوده للشعب وهي من ضمن مطالب الجماهير، ووردت في المنهاج الحكومي كأولوية، ورمى الكرة في هدف الكتل السياسية..
هنا نتسائل هل هنالك انتخابات مبكرة ام نحن في خيال ووهم ؟
في اطار السياقات السياسية المعقدة يتضح لنا ولربما بعد حين، ان اجراء الانتخابات اصعب ما يكون، لأسباب ابرزها (سلوك بعض الكتل السياسية وتجارب الماضي)..
في للشق الاول ”السلوك” فبعض الكتل السياسية قطعت شوطاً كبيراً في حصد المقاعد النيابية لتصل لما هي عليه الان، فكيف نتصور ان يتم اقناعهم بإجراء انتخابات مبكرة؟.. خاصة ونحن مقيدون الان بنص واحد لأجراءها هو المادة ٦٤/اولاً من الدستور والتي تشترط حل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه وبمسارين هما : اما عن طريق طلب من ثلث اعضائه، او طلب رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، وهذا بالطبع يسبقه توافق وسلوك سياسي حازم متقدم فوق كل شيء.
الواقع لايوجد من يريد التخلي عن مقعده النيابي، خاصة وان هنالك اموال وامتيازات يتقاضوها وصلت حد المبالغة وجمهورا ادلى له بصوته وخوله بتمثيلهم وفق مدة محددة، اضافة لنصوص صريحة في الدستور يمكن التمسك بها كنص المادة ٥٦/اولاً التي تشترط اكمال اربع سنوات تقويمية لمجلس النواب، تبدأ بأول جلسة وتنتهي بنهاية السنة الرابعة والاستثناء هو الحل من قبله، اي بمعنى لايملك اي شخص او جهة سلب حقوقهم وانهاء عضويتهم الا ارادة الكتل البرلمانية نفسها وهذا ما يجعلهم امام مهمة تأريخية للقيام بسلوكاً يخدم العملية السياسية.
هنالك أيضا مستلزمات اضافية قبيل اجراء الانتخابات وهو ما يبين بشكل اوضح سلوك الكتل السياسية ومنها ” اكمال بعض الفقرات الحساسة من قانون الانتخاب، وتشريع قانون جديد للمحكمة الاتحادية العليا ” فبالنسبة لقانون الانتخاب نجد ان بعض مواده مخالفة صريحة للدستور لعل ابرزها المادة١٣/اولاً التي حددت عدد اعضاء البرلمان ٢٥١ التي تتعارض مع المادة ٤٩/اولاً من الدستور التي اشترطت مائة الف نسمة للمقعد الواحد، وغيرها من المواد غير الدستورية وقضية المناطق المتنازع عليها، اضافة للجدل الحاصل عن موضوع الدوائر الانتخابية.
الامر الاخر هو قانون المحكمة الاتحادية العليا المعنية بالمصادقة على نتائج الانتخابات وفقاً لاحكام م٩٣/سابعاً من الدستور، فنحن بحاجة لتشريع جديد، وقد يتسأل البعض عن شرعية الانتخابات السابقة في ظل عدم وجود قانون ينظم عملها، ان القواعد القانونية التي شرعها الحاكم المدني(بريمر)بعمل المحكمة الاتحادية اوجبت وجود جميع اعضائها للبت في القرارات المقدمة اليها، لكن احالة عضو واحد الى التقاعد جعلها تتجمد مما يعني اننا بحاجة لقانون جديد .فهذه المستلزمات تجعلنا في دوامة الجدال السياسي، الذي اتضحت معالمه بطرح مفهوم “انتخابات ابكر” بدل المبكرة وهي عبارة يراد بها امور من بينها القفز على احد القانونين وعدم اكماله، والاخير هو الاقرب(قانون المحكمة الاتحادية).
الشق الثاني من إشكالاتنا (تجارب الماضي) ومثالها قد تم تحديد موعد لانتخابات مجالس المحافظات في نيسان الماضي ولم تحصل، فهل يا ترى استذكرناها وهل سأل احدكم عن مصيرها، ولماذا لم تكن هنالك انتخابات على الرغم من تحديدها ،الجواب انه مقيد بسلوك القوى الحاكمة ولربما سيشمل انتخابات حزيران ان حصلت.
مما سبق فربما إن حدث الاعجاز السياسي في العراق سنكون امام انتخابات فعلية، ولن نتحدث هنا عن نزاهتها او وعي المواطن وحسن اختياراته، لكن من حيص مبدأ إجراء الإنتخابات، وبعكسه ستكون حدثا وحديثا خياليا لاوجود له، وسننساه بعد فترة.. أليس كذلك؟

اترك تعليقاً