الرئيسية / مقالات / الأعراب وحدهم يؤدلجون الدين الإسلامي/20

الأعراب وحدهم يؤدلجون الدين الإسلامي/20

السيمر / فيينا / الخميس 15 . 10 . 2020

محمد الحنفي */ المغرب

(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلما ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).

قرءان كريم

(الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله).

قرءان كريم

الدول الأعرابية مجرد دول استهلاكية:….1

إن دول الأعراب، مهما يكن شأنهم، ومهما تظاهروا بالتقدم، والتطور، ومهما بلغت قيمة ريع الأرض، التي أصبحت في تناقص مستمر، والتي توزع على الأمراء، الذين يستهلكون ما يتوصلون به، في صالات القمار، عبر العالم، وعلى بائعات الهوى، في بيوت الدعارة الراقية.

ومعلوم، أن الطبقة الاجتماعية المبتلاة بالقمار، وبالدعارة الراقية، هي طبقة فاشلة، ومنحلة، وتقود البلاد إلى الهلاك المحدق، نظرا لطبيعة استغلالها، ولأنها لا تستثمر ثرواتها فيما يعمل على تنمية تلك الثروات، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وإذا كانت دول الأعراب، لا تفكر في إيجاد إنتاج صناعي متميز، فإنها تعتمد مردود ريع الأرض، لاستيراد كل شيء، بما في ذلك المأكولات الجاهزة، وأدوات الزينة، ووسائل التزيين، وأدوات البناء، وغيرها، مع أنهم مؤهلون ماديا، أن يصيروا دولا صناعية كبرى، بل دولا نووية، إذا لزم الأمر، لإحداث توازن في المنطقة، بدل أن تستمر في تمويل الإرهاب عبر العالم، وفي تمويل الحروب الني يخوضها صهاينة التيه، أو تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها النظام الرأسمالي بالوكالة، كما حصل مع العراق في ببداية التسعينيات من القرن العشرين، وفي بداية الألفية الثالثة، من القرن الواحد والعشرين، والتي صرفت فيها دول الأعراب، مئات الملايير من الدولارات، التي أمدت بها الولايات المتحدة الأمريكية، وكل دولة ساهمت بشكل، أو بآخر، في تلك الحرب، إلى أن تمت إبادة الجيش العراقي، وإلى أن تم القضاء على النظام العراقي، وإلى أن تم إعدام الرئيس العراقي.

فلماذا لم تعتمد دول الأعراب على التصنيع؟

ولماذا تهدر الثروات يمينا، وشمالا، دون تفكير، ولو قيد أنملة، في عملية التصنيع؟

أليس التصنيع هو المدخل لأي تطور اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، في أي مجتمع، كيفما كان هذا المجتمع؟

أم أن الطبع يغلب التطبع، كما يقولون؟

إن الذي نعرفه، أن الأعراب من أصل بدوي، حتى وإن كانوا يسكنون الحواضر القائمة في دولة الأعراب؛ لأن شدة تعصبهم لذواتهم، التي يعتبرونها مقدسة، وأن هؤلاء الأعراب، عملوا على أدلجة الدين الإسلامي، بما يتناسب مع بداوة الأعرابن لتصير الأدلجة هي الفهم الشائع للدين الإسلامي، وهي الوسيلة للوصول إلى حكم العرب، والمؤمنين بالدين الإسلامي، باسم الدين الإسلامي، ليصير الأعراب هم الحكام المشرعون، والمنفذون باسم الدين الإسلامي، ليصير الأعراب متربعين على الحكم، باسم الدين الإسلامي، وباسم (الشرعية الدينية)، التي تم اكتسابها، عن طريق أدلجة الدين الإسلامي، وعلى مالكي الثروات الهائلة. وهو أمر يجعل الأعراب يتحكمون في العالم، خاصة، وأنهم في حاجة إلى كل شيء، يتم تصنيعه في الشمال، والجنوب، وفي الشرق، وفي الغرب، مما يجعلهم يستوردون كل شيء يحتاجه الشعب، وفي جميع المجالات.

فلماذا لم تعتمد دول الأعراب على إقامة صناعات أساسية، تغنيها عن استيراد الحاجيات الجماهيرية الجاهزة، للاستهلاك الوطني، والتي لا تستفيد منها إلا الجهات المصنعة، من أجل إيجاد بديل لريع الأرض، يجعل دول الأعراب مقصدا لخيراته الريعية، من كل حدب، وصوب، ثارة باسم الحرب على العراق، التي لم تعد دول الأعراب حاظية بأي شيء منها، بقدر ما كلفتها الملايير من الدولارات، وثارة باسم دعم الإرهاب، أو القضاء على إرهاب داعش في سورية، والعراق؟

إلا أن ما نعرفه، ويعرفه معنا الأعراب في هذه الحياة، أن اعتماد التصنيع كخطة اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، لابد ,أن يؤدي إلى نتيجة مشرفة. وهذه الخطة، لا تعني إلا نهج التغيير، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحويل الدولة، من دولة تعتمد على ريع الأرض، الناجم عن استغلال آبار النفط، من قبل الشركات العابرة للقارات، إلى دول صناعية كبرى، تستطيع أن تحول دول الخليج الأعرابية، إلى دول صناعية كبرى، تنتج مختلف الصناعات الأساسية، والتحويلية، والتركيبية، وغيرها، مما يجعل دول الأعراب، في غنى عن استيراد المواد المصنعة من الغرب الرأسمالي، أو من الشرق المصنع في الصين، واليابان، وغيرهما.

وهذا النوع من التغيير، لا يتوقف عند حدود الانتقال من نظام اقتصادي ريعي، إلى نظام اقتصادي صناعي، وتجاري؛ بل يتجاوزه إلى تغيير الواقع الاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والقيمي، وإلى تغيير العقلية القائمة، وإلى إيجاد مجتمع مختلف، جملة، وتفصيلا، بفكر جديد، وبممارسة جديدة، وبعلاقات جديدة، بل بإنسان من نوع جديد، يتمتع بكافة الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وفي حالة تصنيع دول الأعراب، يتحول الأعراب إلى عرب، حتى لا يشملهم قول الله (الأعراب أشد كفرا، ونفاقا، وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله)، ويصيرون أكثر إيمانا، واحتراما للدين الإسلامي، ولكافة المعتقدات، لا يكفرون أحدا، بقدر ما يقرون باختلاف المعتقدات، التي يتحول فيها الدين الإسلامي، إلى مجرد معتقد، كباقي المعتقدات الأخرى.

ولا داعي لأدلجة الدين الإسلامي، واستغلاله، في تضليل المومنين بالدين الإسلامي المؤدلج، ليصير بذلك أكثر بعدا عن مفهوم الأعراب، الذين نزل فيهم قول الله: (لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).

وتغيير للاقتصاد الريعي، بالاقتصاد الصناعي، والمجتمع التقليدي، بالمجتمع الحديث، والثقافة الماضوية، بالثقافة المعاصرة المتفاعلة مع الثقافات العالمية المتنوعة، في إطار الصراع الثقافي المشروع، لا بد أن يؤدي إلى تغيير السياسة، لتصير الدول الأعرابية الريعية، المؤدلجة للدين الإسلامي، دولا عربية، غير مؤدلجة للدين الإسلامي، وتحترم جميع المعتقدات القائمة في الواقع، وخاصة السماوية منها، ودون تدخل في شأنها، أو تكفيرها، ودون ادعاء الحرص على (تطبيق الشريعة الإسلامية)؛ لأن هذا الشعار، ليس إلا وسيلة لتأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل، ليصير المجتمع، في أي دولة عربية، بما فيها دول الأعراب، التي تتحول إلى دول عربية متقدمة، ومتطورة، وتسعى إلى خدمة مصالح العر،ب في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، ليصير بذلك الإنسان العربي، رافعا رأسه في عنان السماء، ومعتزا بواقعه، وبطبيعة فكره، وبممارسته، التي جعلته كباقي البشر، في هذا العالم، لا يحضر عنده إلا احترام القانون، واحترام الحقوق الإنسانية، والالتزام بالحق، والقانون، هو عنوان التقدم، والتحضر، الذي يسعى إليه الإنسان، في هذه الحياة.

غير أن الأعراب، لا يمكن أن يتخلوا عن أعرابيتهم، فلا يمكن أن يتخلوا عن اقتصاد ريع الأرض إلا مرغمين، ولا يمكن أن تتحول دول الأعراب إلى دول صناعية، إلا بعقلية الأعراب، الذين يعتبرون التمسك بأدلجة الدين الإسلامي، مسألة مبدئية، مادامت تقوم بتضليل أكثر من مليار ونصف مسلم / عربي، وغير عربي، ومن جميع أنحاء العالم، وبجميع اللغات. وهو ما يترتب عنه، كنتيجة للتضليل، مضاعفة الوافدين على أداء فريضة الحج، والعمرة، في موسم الحج، وعلى أداء العمرة، على مدار السنة. وهو ما يعني أيضا: مضاعفة الريع الديني، الذي تتلقاه الدولة الأعرابية، المشرفة على تنظيم الحج، والعمرة، والذي يقدر بعشرات الملايير، التي لا يستفيد منها إلا أولو الأمر، وهو ما يجعل الأمر بالنسبة للأعراب، يبقى على ما هو عليه، بالنسبة للأحزاب، والتوجهات، التي تعتبر نفسها نائبة عن الله في الأرض، يحكمون باسمه، ويدبرون أمور المسلمين، في مشارق الأرض، ومغاربها باسمه، ولا وجود لشيء اسمه الديمقراطية، وإعطاء الكلمة للشعب، الذي يقرر مصيره بنفسه.

والأعراب في حكمهم، وفي فكرهم، وفي ممارساتهم لا يعرفون إلا إهدار الثروات، على كل شيء، بما في ذلك الحروب، ودعم الإرهاب، والقمار، واستهلاك الخمور، والتنقل عبر القارات، طلبا لحصول المتع، التي لا تشبه بعضها البعض، في دول الجوار، وفي أوروبا، وفي أمريكا، وفي آسيا، وفي أستراليا؛ لأن إهدار الأموال، يشعر الأعراب، أنهم يملكون كل شيء، ويحصلون على كل شيء يريدونه، إما بالقوة، والغلبة، وإما بالخضوع المطلق إلى الحكام الأعرا،ب ودون مناقشة، أو طرح سؤال حول الممارسة السياسية؛ وإلا، كان المآل الاعتقال، والمحاكمة، أو قضاء العقوبة، التي يقررها الحكام، بدون محاكمة تذكر.

وحكام من هذا النوع، في كل دول الأعراب، لا يفكرون، عندما يقدمون على صرف ثروات الشعب، التي يبذرونها، يمينا، وشمالا، وشرقا، وغربا، وفي صالات القمار، والحانات الليلية، وعلى بنات الليل؛ لأنهم يعتبرون أن ثروات الشعوب، الآتية من ريع الأرض، ملك لهم ،كما كانوا يتصرفون فيها، كيفما شاءوا، ومتى شاءوا، مادام ذلك التصرف، في حد ذاته، يحقق شيئا من المتعة، وما دام الأمر كذلك.

فالحكام الأعراب في تاريخهم، لم يفكروا في تصنيع دولهم، عن طريق إيجاد صناعات أساسية ثقيلة، وصناعات متوسطة، وصناعات خفيفة، وأخرى تحويلية، وثالثة تركيبية، لإنتاج مختلف البضائع، التي يحتاج إليها الشعب، بمختلف مكوناته، بما في ذلك المأكولات، والمشروبات، التي لا زالت تستورد من الخارج، حتى تستغني هذه الدول الأعرابية، عن استيراد كل حاجياتها، من أوروبا، ومن أمريكا، ومن أستراليا، ومن اليابان، ومن الصين، ومن الهند، وغيرها من الدول المنتجة، لمختلف البضائع الاستهلاكية؛ ولكنهم الأعراب، الذين لا يفكرون في ذلك.

وإذا كان التصنيع هو المدخل لأي تقدم، ولأي تطور اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، في أي مجتمع، كيفما كان هذا المجتمع، فإن الحكام الأعراب، يتمسكون بأعرابيتهم، ويرفضون أي تقدم، وأي تطور، مهما كان هذا التقدم، وهذا التطور، مادام كل شيء يستورده الأعراب، متقدما، ومتطورا، وما دامت مظاهر السيارات،، التي استوردوها من جميع أنحاء العالم، من بنى ذلك التطور، فإن الحكام الأعراب، الذين أصبحوا يشكلون طبقة ريعية، بالإضافة إلى كونهم حكاما، لا يريدون شعوبا متغيرة، بقدر ما يحرصون على أن تبقى الشعوب، التي يحكمونها، مضبعة. والتضبيع، من العلامات التي يشترطها الأعراب في الشعوب، التي يحكمونها؛ ولكن بأدلجة الدين الإسلامي؛ لأن الدين الإسلامي، في حقيقته، لا يضبع، وإنما ينقل المؤمنين به، من حالة اللا وعي، إلى الوعي، في حدود معينة، تتمثل في التحرر من التبعية لغير الله.

*مفكر ماركسي مغربي

اترك تعليقاً