السيمر / فيينا / الثلاثاء 03 . 11 . 2020
أياد السماوي
لعلّ واحدا من أكثر المصائب التي جرّت الخراب والدمار على العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري المجرم , هو نظام المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية الذي تمّ بموجبه تقسيم الرئاسات الثلاث بين المكوّنات الرئيسية الكبرى الثلاث في العراق , فبموجب هذا النظام تمّ تخصيص رئاسة الجمهورية للمكوّن الكردي ورئاسة الوزراء للمكوّن الشيعي ورئاسة مجلس النواب للمكون السنّي .. وبموجب هذا النظام أيضا جرى تقاسم وزارات الدولة والجيش والشرطة والأمن والهيئات المستقلّة بين هذه المكوّنات والأحزاب والكتل السياسية .. ومنذ تلك اللحظة اللعينة التي توافقوا فيها على هذا النظام , حلّت الكارثة ونزل البلاء على البلد والشعب , وبالرغم من كلّ الويلات التي جرّت على البلد بسبب هذا النظام , لا زال هنالك من يعتقد أنّ الرئاسات الثلاث هي ملكا صرفا للمكوّن يتصرّف بها كما يشاء وكما تمليه مصلحة هذا المكوّن بعيدا عن مصلحة البلد والشعب .. الجديد في هذا الموضوع ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية عن مصدر سياسي في تحالف الفتح أنّ ( اختيار أو سحب الثقة او إقالة أحد الرئاسات الثلاث هو بيد أحزاب المكوّن المخصّص له هذا المنصب ) .. تصريح المصدر السياسي في تحالف الفتح يأتي بعد الحراك السياسي الحثيث الذي تسعى له الجبهة العراقية السنية التي تشّكلّت قبل عدة أيام لسحب الثقة عن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي واستبداله برئيس آخر من نفس الجبهة بعد الاتفاق مع الشيعة والكورد بهذا الشأن ..
تصريح المصدر السياسي الذي لم يعلن عن أسمه , يبدو أنّه أراد من خلاله رمي طوق النجاة لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لإنقاذ منصبه الذي يتعرّض إلى هزّة عنيفة , بعد الدمار الذي ألحقه بعمل مجلس النواب العراقي ودوره الرقابي والتشريعي , والضرر الكبير الذي ألحقه بسمعة وهيبة قيادة المكوّن السنّي التي انتقلت في غفلة من الزمن إلى صبيان ومراهقي السياسة ورواد صالات القمار وفنادق العهر والدعارة , ولا استبعد أن يكون هذا المصدر هو نفسه الذي صرّح قبل يومين بأنّ الحلبوسي هو مرّشح تحالف البناء ولا يمكن عزله .. وكأنّ مساعي عزله التي يسعى لها الوطنيون العراقيون بمختلف انتماءتهم السياسية تقف ورائها أسباب حزبية أو شخصية , أو هي جزء من عملية صراع سياسي للاستحواذ على مناصب الدولة العليا المخصصة للمكوّن السنّي بموجب نظام المحاصصات .. وإذا كانت الرئاسات الثلاث قد خضعت للتقسيم الطائفي والقومي بموجب نظام المحاصصات , فهذا لا يعني أنّ هذه المناصب هي ملكا صرفا لهذا المكوّن أو ذاك , بل هي مناصب سيادية للدولة العراقية بكلّ مكوّناتها .. وعندما يكون أحد هذه المناصب بؤرة للفساد المالي والإداري والأخلاقي , فإنّ مهمة التغيير تقع على عاتق كلّ المكوّنات والكتل السياسية دون استثناء .. وتحالف البناء الذي لم يعد له وجود على أرض الواقع , ليس مظلّة يختبأ تحتها الفاسدون والمنحرفون وبقايا البعث المجرم …
في 03 / 11 / 2020
الجريدة غير معنية وغير مسؤولة عن كل ما تم طرحه من آراء داخل المقال ، ويتحمل كاتب المقال كامل المسؤولية