الرئيسية / مقالات / القوة والحضارات العريقة للشعوب الحيّة وليس للأسلحة الذرية

القوة والحضارات العريقة للشعوب الحيّة وليس للأسلحة الذرية

السيمر / الأحد 31 . 01 . 2021

د. ماجد احمد الزاملي

منذ أن عرف الإنسان دور ومعنى الدولة حيث مرَّت على الأرض المئات لا بل الآلاف من الدول ذات الحضارات والثقافات المختلفة. من بين هذه الآلاف دول قليلة تمكَّنت من بسط هيمنتها على العالم سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا. غالبية هذه الدول كانت ترى أنها الأفضل بين بقية الشعوب والأمم وتسعى لبسط حضارتها وثقافتها بشكل أو بآخر على الحضارات الأخرى سواء عسكريًّا أو سلميًّا. ففي مصر نشأت الحضارة الفرعونية التي وصل امتدادها لأجزاء من النوبة والسودان وفلسطين وسوريا. الحضارة الفرعونية كانت حضارة طبقية تميَّزت بوجود طبقة الحكام ثم النبلاء والكهنة فعامة الشعب والعبيد بالإضافة إلى الجنود. وفي حدود عام 2700 قبل الميلاد، ظهرت الحضارة الهندية القديمة أو حضارة وادي الإندوس. لا زالت الحضارات القديمة بنظمها الاجتماعية الطبقية وآلهتها المتعددة والسلطات المطلقة لحكامها هي التي تهيمن على العالم وإن اختلفت المسميات. و في بلاد ما بين النهرين بدأت حضارات أخرى تنشأ بشكل متوالي بعد سقوط الدولة السومرية. وظهرت حضارة عيلام في منطقة الأحواز، والحضارة البابلية في مناطق واسعة من العراق، والحضارة الحيثية في مناطق وسط الأناضول، وحضارة الحوريين في مناطق شمال العراق وسوريا.
ويجدر بالشعوب ان تدرس تاريخ نشوء الحضارات الأوروبية والأفريقية والآسيوية والأمريكية الأصيلة, وان تدرس تاريخ التفاعل على الدارسين الحريصين على الكشف عن الحقيقة التاريخية ان يتعمقوا في دراسة تاريخ نشوء الحضارات وتطورها والتأثر والتأثير بينها, وهذه الدراسة أمر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة إلى الشعوب النامية التي تصورها جهات غربية على صورة الشعوب التي ليس لها أي اسهام في الحضارة العالمية. لقد أسهمت الحضارة العربية في عهد ازدهارها في نشوء الحضارة الأوروبية اسهاما كبيرا, فاللغة العربية بصرفها ونحوها وأوزان أفعالها وأسمائها منجز حضاري عظيم بكل المقاييس. كانت مكتبة الإسكندرية القديمة في مصر، منذ إنشائها في عام 300 قبل الميلاد، واحدة من أكبر وأهم المكتبات في العالم القديم. ونشأت التطورات الفكرية الأولى في شرق البحر المتوسط، وركزت أساسا على الفلسفة. وأتيحت للناس حول البحر الأبيض المتوسط فرص لا حدود لها لالتقاء الثقافات المختلفة والتعرف على العالم، وأفضت هذه الحقيقة، بدءا من الفترة الهيلينية، إلى ظهور فلاسفة وعلماء قدموا مساهمات كبيرة في التطور الفكري. وكان من بينهم تاليس من مايليتس، وأناكسيمندروس، وأناكسيمنديس، وفيثاغورس، وزينوفينس، وديوجين من أبولو، وأبقراط، وسقراط، وأفلاطون، وأرسطو (القرون السادس والخامس والرابع قبل الميلاد). ورغم وجود صراع تاريخي في المنطقة بين الجماعات المختلفة، فقد كانت هناك أيضا ودائما طموحات ومواقف إبداعية وفكرية مشتركة، على مر القرون، فقد عملت هذه الجماعات معاً وتعلَّمت من بعضها البعض في التجارة وكذلك في الفنون والعلوم. ويمكن للتغيرات العالمية التي شهدتها السنوات الأخيرة، مثل زيادة إمكانية التنقل والاتصالات الدولية، أن تتيح الفرصة وتحتم بناء تفاعل وتعاون أكبر بين الثقافات فى شبكات الجامعات وفيما بينها لزيادة تبادل الخبرات والموارد في حوض البحر الأبيض المتوسط.
قد نتفق مع الكثيرين من المحللين واصحاب الرأي الذين يعتقدون ان امريكا لازالت قوة اقتصادية كبيرة تستمد قوتها من قوة الدولار الامريكي.. وأن الصين لا تستطيع مواجهة امريكا اقتصادياً نظراً لحاجتها للدولار الامريكي. لكن ماذا لو حصل امر ما، من حيث نحتسب أومن حيث لا نحتسب، علی شاكلة كورونا الذي يشغل العالم منذ اكثر من عام وأودی بحياة مئات ألآلاف من البشر حتی الآن وتسبب بوجود مشاكل اقتصادية كبری وشلَّ الحركة الاقتصادية في العالم اجمع وأدی الی سقوط رئيس اقوی دولة بالعالم وسبب انقسام كاد ان يؤدي الی حرب اهلية في هذه الدولة الكبری. لو حصل امر ما ادی الی انهيار الدولار الامريكي، فإن الصين كأمة عريقة لها حضارتها وجذورها الممتدة لآلاف السنين عبر التاريخ وكشعب حي بعقله وحضارته وكدحه, ويمتلك قدرة تنظيمية فائقة، سيكون لديه القدرة علی النهوض مجدداً والتغلب علی ازمته والخسائر الناتجة عنها. اما امريكا وولاياتها وشعبها المختلف الاعراق والمليء بالمتناقضات والتفاوت الطبقي والمدجج بشتی انواع الاسلحة والمنهك بانتشار الجريمة المنظمة والفردية والهوس بالقتل الجماعي والانتحار والذي سقط سقوطاً مدوياً عند اول اختبار وأزمة مرَّ بها وكان بطلها ترامب، فإن هذا الشعب سيتحول الی قبائل متناحرة وهذه الدولة العظمی ستتحول الی دويلات متناحرة وستشهد حرباً اهلية تفوق بعشرات المرات اهوال الحرب الاهلية الامريكية عام(صراعات داخلية حدثت داخل الولايات المتحدة في الفترة من عام 1861 إلى 1865).
في القرن الأول قبل الميلاد تقريبا، شقَّت الصين طريق الحرير المتجه إلى الغرب وازدهرت الأعمال التجارية على هذا الطريق. وتشير المعلومات التاريخية إلى أن الصين أقامت علاقات تعاون ودية مع أكثر من سبعين دولة ومنطقة في تلك الفترة. كان كثير من الوزراء والتجار والطلاب الأجانب يقيمون في تشانغآن (عاصمة الصين آنذاك)، الأمر الذي دفع تطور الثقافة الصينية ودخول الثقافات المختلفة والمنتجات الأجنبية إلى الصين. وفي بداية القرن الخامس عشر الميلادي، قام الرحالة الصيني تشنغ خه ,بسبع رحلات بحرية ووصل إلى جزيرة العرب والساحل الشرقي لأفريقيا وترك روايات جميلة حول هذه الرحلات.
وعندما بدات فكره تكوين النظام العالمي الجديد من كبار مدراء القطاعين العام والخاص والسياسيين بالغرب بهدف الثراء كانت معهم السلطه لكن لم يكن معهم المال الذي يملكه اقطاب النظام العالمي القديم لذلك فتحوا الباب للصين بتعديل الاتفاقيات الدوليه والانظمه لتكون موردا لشركات استيراد اقاموها لهذا الغرض مقابل ان تقرضهم الصين وتوفر لهم تسهيلات كبيره , وكذلك تم لاحقا تحويل جزء من هذه القروض الى سندات خزينه امريكيه بالدولار لاستعمالها
بدون اي ضمان له قيمه بالسوق الدوليه، وذلك شبيه بمن يشتري سند آجل الدفع صادر عن البنك العربي مثلا ويستطيع تسليفه سلفا مع اي تاجر او بنك. لذلك نما حرص متبادل بين النظام العالمي الجديد والصين على حمايه الدولار لاهمية ثبات قيمته للطرفين ومساعي الصين لتخفيف ذلك ستكون صعبه لان موقفها يشبه تماما بائعي التلفزيونات والسيارات بالتقسيط يهمهم ان يبقى بخير الزبون الذي يعطيهم شيكات اجله ليقدر على التسديد بتواريخ الاستحقاق للدفعات . من أجل الوصول إلى أهدافه التى رسمها قبل عقود لنهضة الصين من دولة عالم ثالث فقيرة و بائسة و متخلفة في كافة المجالات إلى الدولة الرائدة و المتقدمة و الواعدة التى تتغنى بها الان اغلب الشعوب ،و في ظل الأوضاع الدولية المتغيرة، ينبغي للصين والدول العربية المحافظة على موقف موحد في الشؤون المتعلقة بالمصالح الخاصة بهما والقضايا الدولية والإقليمية الهامة وتوسيع المساحة الإقليمية والدولية للحوار السياسي بين الجانبين. وفضلا عن ذلك، في موجة العولمة الاقتصادية، يجب على الجانبين توسيع عمق ونطاق التعاون الاقتصادي لتحقيق الفوز المشترك في التبادلات الاقتصادية والتجارية. يمكننا أن نقول إن التبادلات الثقافية والحوار الحضاري بصورة فعالة وعميقة، أساس وضمان لتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي. علينا أن نحترم تنوع الثقافات وإجراء التبادلات الثقافية والحوار الحضاري. هذا طريق ضروري لدفع تطور الحضارة الإنسانية بصورة سليمة ومنسجمة. وتعتبر التبادلات الثقافية قوة محركة لكل الحضارات. ترى الصين والدول العربية أن الحوار بين الحضارات المختلفة يساهم في دفع التبادلات والاندماج الثقافي بين الدول المختلفة وأنه قوة هامة لتقدم المجتمع البشري.
الذي يحكم امريكيا هو الشركات الضخمه الامريكيه التي تقرر السياسه الاقتصاديه والخارجيه. كل هذه الشركات لها أمتداد عالمي وخاصه بالصين لكون معظم الصناعات صينيه في السوق الامريكيه. هذه الشركات نقلت الكثير من مصانعها للصين وذلك لتوفير سلعه رخيصه للمستهلك الامريكي وكذلك اقل تكلفه للعامل بهذه المصانع.
ان قوة الصين الاقتصادية والعسكرية ستتصاعد خلال ال ١٠-٢٠ سنة قادمة مما سيجعلها بالمرتبة الاولى بالعالم ناهيك عن عدد نفوسها الذي يشكّل حوالي خُمس نفوس البشرية. ان الشعب الصيني لا يعاني من الانقسام والتشرذم كما يحدث الان في امريكا، وهذا لا يعني عدم وجود فئآت متذمرة من النظام، لكنّها لا تشكل ثقلا مهماً في المجتمع الصيني. الجبهة الداخلية هي اهم الجبهات التي يتوجب الانتباه اليها، فهي التي تحدد قوة الوطن او ضعفه وهي بالتالي ترسم مستقبله السياسي. فالّذي دمّر الاتحاد السوڤيتي هو انهيار جبهته الداخلية لأسباب متعددة، منها الفساد المستشري وسوء الإدارة وانعدام العدالة. ان الجبهة الداخلية لامريكا تواجه تحديات جبّارة تجعلها تمر بمنعطف خطير حيث أسهمت إدارة الرئيس ترامپ إسهاما مباشراً بزعزتها وبحدّة. القرارات التي اتخذها الرئيس بايدن منذ استلامه سدة الرئآسة تصب بمحاولة ترميم ما يمكن ترميمه لتجاوز هذه المحنة او على الأقل كبح جناح حركة الانحدار، ولهذا لا اضنه سيورط امريكا بمجابهات عسكرية وتشتيت طاقاتها كما حدث منذ الحرب الڤيتنامية والحرب العراقية وتبعاتها والتورط المباشر بمشاكل الشرق الأوسط عموماً، إلخ. بالمطلق، أمريكا لاتقود العالم،والصين ولا روسيا،يريدان الجلوس على مقعد القيادة لهذا العالم،كبشرية،نعيش في غابة، وليس في محمية طبيعيه تعمل امريكا جاهدة لحماية الجنس البشري من الانقراض كالديناصورات،بالمطلق ايضا، أمريكا كنظام،بغض النظر عن نسبة الشعب الأمريكي المعارض لهذا النظام،ليست إلا دولة مارقة مجرمة تمثل أدنى درجات الأخلاق في تعاملها مع البشر صيني كان أو روسي ايراني أو أفريقي،أمريكا بهذا الشكل الذي الفناه،لاتقود العالم ،انها عبء على العالم،وما تحققه من تقدم، تكنولوجيا،وعلميا،لم يكن ليحصل لو لم تفتعل هذه البلطجة والإجرام بحق دول العالم قاطبة،(نهب أموال دول العالم من خلال افتعال الحروب وصرفها في مجالات التكنولوجيا والبحوث العلمية)ما أصاب أمريكا من وعكة صحيه في الكابيتول وهذا شيء طبيعي للبنية الامريكية،لن يمنعها من ممارسة هواية البلطجة والإجرام ،هذه صفات وراثية لا تسقط بالتقادم أو بالعلاج انها المحرك الأساسي لبقاءها على قيد الحياة،وهي لاتزال تملك من وسائل الإجرام ما يكفي للقيام بالمزيد، ما نتمناه كضحايا لهذا الصلف الامريكي،لو ان هذه الوعكة الصحية كانت كسكته قلبية او دماغية فترتاح البشرية من امراض كورونا والحرب وامريكا.

اترك تعليقاً