الرئيسية / ثقافة وادب / حكاية لاجئ سياسي

حكاية لاجئ سياسي

السيمر / الخميس 21 . 04 . 2016

ناصر الثعالبي

2 – دركار عجم *
ثانية غرقت في لجة ألشوق ألى ألوطن، تناثرت ثمار البلوط على إمتداد المنحدر ألمؤدي ألى قرية (كوسه) لم يكن نهر ألخابور آنذاك غاضبا ، حين طاردت ألطائرات أنصار ألسرية ألثالثه للحزب ألشيوعي ألعراقي، ألمسماة سرية زاخو ، لم تستيقظا قريتا (الكلي والسندي) تماما بعد. قريتان غافيتان على ضفاف نهر ألخابور، وفي مساء الأمس ، ضرب ألانصار ألشيوعيون ربايا ألجيش في (دركار عجم) بالأشتراك مع قوة (ألبيش مركه) ألتابعة للحزب ألديمقراطي ألكردستاني في دهوك وزاخو.
في الفجر ونحن متأبطين عزمنا ،نحلم بشاي ألزمزمية ألمعدنيه أللذيذ ونار خشب ألبلوط ألقويه ألتي تبعث دفئاّ مميزاً في عراء سكنه ألجليد فبدت أشجاره بيوتا لمشاكسين لا ترهبهم ألدماء. بدى ألانصار كقطعان ماعز ربطت بأشجار تنتظر ألمجزرة، تحاور ألرعب ألمدوي في سماء مكشوفة، وسهل مد أطرافه بأرض بكر، إلا من رقعة لا تتجاوز ألكيلومتر الواحد تغطيها أشجار (ألأسبندار)(1) ألكثيفه. (لقمان) (2) ذلك ألولد ألشقي يعرف كيف نمر!، ألرفيق ألمسؤول عن ألمدفع 82 ملم آمر ألفصيل ،قال: ألاشجار هدف سهل لانها الوحيدة هنا !ثمة نقاش سريع شارك مكتب ألسريه ألسياسي ومكتبها ألعسكري فيه مع رفاق قيادة قوة (حدك) ألمشتركين معنا في ألقتال ، لقمان كان يفكر بفلسفة غريبه (كل سهل منيع) أمتلكتني فكرة لقمان..نعم كل سهل منيع. هذا ألطباق ألبلاغي وألتضاد ألفلسفي جذبني مع ألسرية ألى غابة ألأسبندار ألوحيدة . تذكرت ونحن نحاول توزيع قوانا أستعداداّ لمعركة غير متكافئه،تذكرت فصلا من كتاب عن حرب ألانصارعنوانه (مصيدة المغفلين) و(المطرقة والسندان) ملخصه أن ألعدو سيلقي بصواريخه على ألانصار ألمختبئين في ألغابه، حينها سيضطر ألانصار ألى الهروب خارجها فتصطادهم ألرشاشات ألثقيله.على ضوء ذلك كان ألقرار قتال في ألغابة حتى ألموت.
مرت ثلاثة نوارس مسرعة بين ممرات معسكر أللجوء في لايدن ،تصورتها ثلاث طائرات تلقي بحمولتها من غازألخردل وألسيانيد .
ألوقت لازال مبكرّا للذهاب ألى غرفة ألمحقق في معسكر أللجوء،هو وحده يقرر مصير هذا ألكم الهارب من ألجحيم ! هكذا قال لي لاجئ مدمن على ألحشيش .
(ابوظفر) (3) – لم يكن قد استشهد بعد – !! كان ساهما ،ربما كان يكتب قصة قصيرة.
أستعد الأنصار للقتال ، لقمان وحده كانت أذناه راداراّ. قال بصوت جهوري إنهزمت ألطائرات إنفجرت ضاحكا، ممن إنهزمت يا لقمان؟؟
– من غابة ألأسبندار ألمقاوِمه.
ألمحقق لم يصدق أنني كنت مقاتلا ! ولكنه صدق أنني شيوعي، ولم يصدق أن الجيش ألعراقي دخل ألمنطقة بعد عراك حزبين حليفين بدعوة من أحدهما .!! ودخل ألجيش ألايراني بدعوة من ألآخر؟؟
ليس معقولاّ هذا ألذي يجري في زاخو ! ألطائرات هربت من أشجار ألأسبندار .! (دلبرين) (4) – لم يكن قد استشهد بعد – !! يجلب بندقية ألسريه، بعد أن طارد أبن عمه ألهارب من سرية زاخو وألسارق لبندقية ألحزب!!
أغرت ألجميع زمزميات ألشاي ألحار ورائحة ألسمك ألمشوي ألتي وفرتها صواريخ ألطائرات حين هاجمت مياه ألخابور ، فطفت ألاسماك عاكسة وجه ألشمس ألخجِل من قتلة ألاسماك.
حسنا لم تكن ألصواريخ ضارة . قالها أمر الفصيل ألمسؤول عن المدفع 82م .
أنتفض من بين ألانصار ألمتحلقين حول ألنار رفيق، كانت ألاسماك في كل أيامه، كان يعدّها كما بردي ألهور (ألمسطحات ألمائية) ألساكن في ضجيج طيورها قبل ألخراب وتدمير بيئتها! نعم إنها ضارة .. هذه الصواريخ، سوف يأتي موسم تكاثر ألأسماك قريبا.! ألتقط حجراّ ، رماه في بركة ألماء ألقريبه ثم استدار نحو ألنهر . برقت دمعتان عكستها نفس ألشمس الخجِله!!
ناداني ألمحقق دخلت إليه ثانية لعله يصدق ما حدث في زاخو!!

* دركار عجم ناحيه تابعه لقضاء زاخو – دهوك –
(1) الاسبندار كلمة كردية تطلق على شجر القوغ
(2) لقمان : أصغر نصير في سرية زاخو آنذاك
(3) ابو ظفر : جعفر الاسدي استشهد في معركة بشت آشان الثانيه
(4) دلبرين : استشهد في منطقة العبور لنهر دجله

فنراي 1999

اترك تعليقاً