المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الأربعاء 27 . 04 . 2016 — في ذكرى العيد المجيد لعمال العالم نقف باعتزاز واكبار امام السفر النضالي للمسيرة المقدامة، وللمعارك النقابية والطبقية الباسلة التي امتدت اكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، ضد النهب و القهر وبشاعات الاستغلال والعبودية، ومن اجل انتزاع الحقوق المشروعة لعموم فئات الشعب، في العمل والاجورالمجزية والضمانات الاجتماعية، ولارساء اسس العدالة الاجتماعية، وصولا الى اقامة مجتمع انساني حقيقي تنتهي فيه والى الابد كل اشكال الاستغلال والتعسف والاستبداد، مجتمع الديمقرطية والاشتراكية.
وكما تركت ثورة اكتوبر، ثورة العمال والفلاحين والجنود في روسيا عام ١٩١٧، بصماتها الواضحة على احداث القرن العشرين وانعطافاته الكبرى، كذلك ترك العيد الاممي لعمال العالم في الاول من ايار آثاره واصداءه في عموم الاعياد والمناسبات السياسة الاممية والوطنية الكبرى في القرن الماضي وتصدرها بامتياز، حتى بات عيدا رسميا معترفا به في اغلب بلدان العالم على اختلاف انظمتها السياسية والاجتماعية. وما كان يمكن لذلك ان يتحقق لولا النضال المتفاني والتضحيات الكبرى للطبقة العاملة وحلفائها ونقاباتها المقدامة واحزابها السياسية في مختلف البلدان.
ايها العمال والكادحون
يا ابناء شعبنا العراقي
تعيش بلادنا منذ سنوات ظروفاً صعبة، تزداد تعقيدا واستعصاء يوما بعد آخر، جراء الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية المترابطة، التي قاد اليها صراع المتنفذين على حاضر البلد ومستقبله، والتنافس على مغانم السلطة وثرواتها، وتحاصص الاحزاب والكتل السياسية الحاكمة في عموم المؤسسات، وارساؤها نظام الحكم بعد التغيير في ٢٠٠٣ على اسس طائفية واثنية مشوهة، حالت دون اقامة مؤسسات مدنية وعسكرية حقيقية لدولة عصرية ديمقراطية، وتركت البلاد عرضة لتدخلات اقليمية ودولية خطيرة تنال من سيادتها واستقلالها الوطنيين، حتى بات العراق يوصف للاسف بانه دولة فاشلة.
وفي هذه الظروف الملتبسة تمكنت عصابات داعش الارهابية في حزيران ٢٠١٤ من تدشين غزوها الدامي باحتلال مدينة الموصل، وكان من نتائج ذلك تحوّل اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مواطن الى نازحين ومهجرين في ظروف معيشية وانسانية قاسية، ووسط خراب مدن وبنى تحتية ومرافق اقتصادية.
الا ان ارادة ابناء الشعب والقوات المسلحة الباسلة بكل صنوفها وتشكيلاتها، ومعها القوات الشعبية المنضوية تحت امرة الدولة والبيشمركة ، والدعم الجوي للتحالف الدولي، تمكنت من كسر شوكة الارهاب في محافظات ديالى وصلاح الدين والانبار ومحيط العاصمة بغداد واطراف كركوك واربيل. واليوم تواصل القطعات العسكرية والامنية اجتراح الانتصارات وهي تحرر المزيد من المدن والمناطق، وتعد العدة لتحرير مدينة الموصل ومناطق نينوى الاخرى، وتطهير البلاد من فلول داعش الارهابية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، دخلت بلادنا منذ بداية العام الماضي ازمة مالية واقتصادية خطيرة، نجمت عن سوء التخطيط والادارة، وعن السياسات الخاطئة وغياب الرؤية التنموية طوال السنوات الماضية، الى جانب استشراء الفساد المالي والاداري.
و تعمقت هذه الازمة بعد هبوط اسعار النفط الى مستويات متدنية، وتركت آثارها السلبية على مستوى معيشة المواطنين وعلى الخدمات والضمانات المقدمة لهم، كما على موازنة البلاد المالية والخطط التنموية ومشاريع البناء والاستثمار.
ولم يكن مستغربا في ظل السياسات الاقتصادية للحكومة، والطريقة التي انتهجتها للتخفيف من الازمة، ان يقع عبؤها الأكبر على الفئات والشرائح الاجتماعية الضعيفة والكادحة، واصحاب الدخل المحدود والفئات الوسطى. وهو ما ادانه حزبنا وتصدى له، ضاغطا للتراجع عنه وتصحيحه.
من جانب آخر ادت الازمات المتواصلة وعزوف الحكومات المتعاقبة عن ايجاد حلول ناجعة لها، الى ازدياد السخط الشعبي وتصاعد المطالبة بالاصلاح والتغيير من طرف الجماهير الواسعة، التي تزداد معاناتها في ظل تدهور الخدمات وتردي الاوضاع المعيشية واستشراء الفساد.
وفي نهاية تموز 2015 اندلعت الانتفاضة الجماهيرية وانطلق الحراك الشعبي السلمي شاملا معظم محافظات البلاد، وما زال متواصلا منذ أكثر من تسعة شهور.
وهو يسجل صفحة جديدة متميزة من صفحات الاحتجاج والنضال الجماهيريين، التي كان من ابرزها احتجاجات شباط ٢٠١١ والحراك الجماهيري لعمال ومنتسبي شركات التمويل الذاتي، المستمر في عدة محافظات منذ ربيع العام الماضي ، احتجاجا على نهج الدولة بتصفية منشآتها الاقتصادية ومعاملها، وعلى قطع رواتب العاملين فيها، اضافة الى مئات التظاهرات والاعتصامات الجماهيرية في عموم المحافظات.
وتصدرت شعارات انهاء نظام المحاصصة، وكشف ملفات الفساد والمفسدين، واصلاح النظام السياسي والقضائي واصلاح الاقتصاد الوطني وتشكيل حكومة كفوءة ونزيهة قادرة على توفير مستلزمات دحر داعش والارهاب، وتقديم الخدمات الاساسية، والمطالبة بالدولة المدنية الديمقراطية ابرز واهم مطالب الحراك الجماهيري.
وفي خضم هذه التطورات الايجابية جاء الحراك الطلابي الواسع، الذي شمل جامعات ومحافظات عديدة، رافعا العديد من المطالب الطلابية والمهنية والاجتماعية المشروعة، وداعيا الى اصلاح العملية التربوية والتعليمية ومؤسساتها، مشكلا نقلة هامة في واقع ونشاط الحركة الطلابية.
كذلك جاء اعتصام البرلمانيين في الاسبوعين الاخيرين ودعوتهم لاقالة الرئاسات الثلاث وتصويتهم باقالة رئيس البرلمان ونائبيه ، ليشكل من جانبه حدثا نوعيا آخر، وملمحا اضافيا يؤشر عمق الازمة التي تعيشها البلاد من جهة، وقوة الحراك الجماهيري وتاثيراته من جهة اخرى. الى جانب إظهاره عمق الصراعات بين الكتل والاحزاب الحاكمة، بل وعمق الصراع والتفكك الداخليين اللذين تعيشهما اغلب هذه الكتل والاحزاب.
لقد اكدت هذه التطورات من جديد ان الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، الذي هو منبع الأزمات، لن يتحقق إلا بفعل حركة جماهيرية واسعة وفاعلة، تلعب دورها الهام في تغيير موازين القوى السياسية في البلاد والمجتمع، وترفع زخم الضغط الشعبي لتحقيق التغيير والاصلاح المنشودين.
وفي هذا الشأن يدعو حزبنا إلى مراكمة العناصر الموحدة للعمل الميداني السلمي المشترك، وتنسيق جهودها، وتهيئة متطلبات بناء اوسع اصطفاف ممكن للقوى الوطنية المساندة للاصلاح والتغيير، على اختلاف انتماءاتها السياسية والفكرية، واعتماد الاساليب السلمية والاصلاح الحقيقي وصولا الى التغيير المنشود. ويؤكد الحزب ضرورة الابتعاد عن الطروحات والمواقف التي من شأنها تهديد الحريات وعملية التحول الديمقراطي الدستوري في البلاد.
الاخوات والاخوة
في هذه المناسبة العمالية المجيدة لا بد من تاكيد اهمية مواصلة الضغط وتصعيد المطالبات الجماهيرية بإعادة هيكلة بنية الاقتصاد العراقي، وتنويع قاعدة الانتاج الوطني عبر تعزيز وتطوير القطاعات الانتاجية في الزراعة والصناعة والتشييد والبناء والخدمات، وتحديث وتطوير البنى التحتية، نظرا لاهميته الاستثنائية، وكونه يشكل صمام امان لا يمكن من دونه تجنب ازمات مالية واقتصادية كارثية اخرى.
الى جانب ذلك لا بد من اعادة تاهيل مؤسسات الدولة ودعم القطاع الخاص الخدمي والمنتج، و حماية الانتاج المحلي من المنافسة عبر تطبيق قوانين التعرفة الكمركية وحماية المستهلك، وإلزام مؤسسات الدولة بشراء منتجات تلك الشركات ، كما نص على ذلك قانون الموازنة المالية لهذا العام.
ان حزبنا الشيوعي يضم صوته الى الاصوات العمالية والنقابية المطالبة دون كلل بالغاء القرار الصدامي رقم 150 لسنة 1987، واطلاق حق التنظيم والنشاط النقابيين في جميع المشاريع والمؤسسات الانتاجية والخدمية. كما انه يدعو الى التعجيل في اصدار قانون جديد للتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، واقرار قانون الحقوق والحريات النقابية وفق معايير العمل الدولية. كما يدعو حزبنا الى وحدة العمل النقابي في العراق، مقدرا الجهود المخلصة التي تبذلها النقابات العمالية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في هذا الخصوص.
تحية لقواتنا المسلحة الباسلة وهي تسجل الانتصارات الباهرة على فلول داعش الارهابية، والمجد لشهدائها الابرار
عاش الاول من ايار عيداًمجيداً لعمال العالم.
تحية لعمال العراق ولاتحادهم المجاهد – الاتحاد العام لنقابات عمال العراق وللحركة العمالية العالمية.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
اواخر نيسان 2016