أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / أخطر الاختراقات لمناصب الدولة العليا .. الجزء الثالث

أخطر الاختراقات لمناصب الدولة العليا .. الجزء الثالث

السيمر / فيينا / الاثنين 24 . 05 . 2021 

 أياد السماوي

في الجزء الثاني من هذا المقال كنّا قد عرضنا على القارئ الكريم كيف استطاع حزب البعث المحظور اختراق العملية السياسية الهشّة والتسلّل إلى رئاسة مجلس النواب من خلال أبن الرفيق ريكان حديد الحلبوسي , وأوضحنا كيف ساعد هذا الاختراق الخطير في تسلّل المئات من عناصر حزب البعث المحظور , إلى أهم المواقع والحلقات الحسّاسة في الأجهزة العسكرية والأمنية واختراقه لأهم المواقع في باقي مؤسسات الدولة ووزاراتها .. ولكن كيف تمّكن هذا الشاب الصغير بكلّ شيء من تحقيق هذا الاختراق وكيف استطاع التقرّب من الشهيدين الخالدين جمال المهندس وقاسم سليماني اللذان لعبا دورا كبيرا في إيصاله إلى رئاسة مجلس النواب ؟ وهل كان الصراع على تحديد الكتلة الأكبر بين البناء والنصر دور في تحقيق ما كان يخطّط له حزب البعث المحظور في العودة إلى السلطة ؟ ومتى تحقّق ذلك ومن الذي أبلغ الحلبوسي بأنّه سيكون رئيسا لمجلس النواب القادم ؟ ..

في أحد الأيام وبعد أن أصبح محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب , كنت قد تحدّثت مازحا مع الدكتور جمال الكربولي الذي هو الآن موقوفا عند الفريق أحمد أبو رغيف , وقلت له ( الله لا يرضا عنك يا دكتور جمال لا في الدنيا ولا في الآخرة على صنيعتك محمد الحلبوسي الذي صنتعته لنا , فكان جوابه لي , والله يا أياد لا علاقة لي بهذا الأمر أبدا والذي أوصله لهذا المنصب هو قاسم سليماني وجمال المهندس ) .. المشكلة أنّي أعلم أنّ جواب جمال الكربولي كان صحيحا , وهذا ما أكدّه لي الشهيد المهندس بنفسه بعد اجتماع فندق بابل , حيث التقيته صدفة في باحة استعلامات وزارة التخطيط , وبعد أن تبادلت التحية معه قلت له رحمه الله , هل عزمتم على تنصيب محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب ؟ فقال بدون أي ترّدد نعم , فقلت له وهل تعرفون تاريخه ؟ وحينها لم أكن أعلم أنّ هذا الحلبوسي الصغير هو أبن ذلك الحلبوسي الذي كان رئيسا للاتحاد الوطني في الجامعة المستنصرية , فكان جواب الشهيد أبو مهدي رحمه الله ( أياد أنت تعرف شي وأحنا نعرف شي , فقلت له على بركة الله ) ..

خمسة سيارات تويوتا بيكب دفع رباعي أهداها الحلبوسي الأب للحشد الشعبي عندما كان الحشد يقاتل داعش في الفلوجة , كانت هذه السيارات الخمسة التي قدّمت بعنوان التبرع للحشد , هي المدخل لإقامة علاقة مباشرة بين الحلبوسي الأب والشهيد جمال المهنس , لتكون فيما بعد مدخلا للتقرّب من الشهيد قاسم سليماني .. حينها كان الحلبوسي الأبن عضوا في اللجنة المالية البرلمانية التي يترأسها المرحوم أحمد الجلبي .. ويشاء القدر أن يتوّفى الدكتور أحمد الجلبي ليصبح الشاب محمد الحلبوسي رئيسا للجنة المالية في مجلس النواب العراقي بدعم من قبل النواب الشيعة في اللجنة المالية , حينها كانت العلاقة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي والحشد الشعبي قد وصلت إلى أسوأ مراحلها بسبب التضييق المالي الخانق الذي فرضه العبادي على موازنة الحشد والتي وصلت إلى الربع في السنة الأخيرة من ولاية العبادي .. وهذا مما ادّى إلى اتخاذ إيران قرارها بعدم إعادة تولية حيدر العبادي لرئاسة الوزراء لدورة ثانية مهما كان الثمن .. وعندما كان الصراع على أشدّه بين البناء والنصر لتحديد الكتلة الأكبر التي ستكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة , أصبحت فرصة الحلبوسي للوصول إلى منصب رئيس مجلس النواب سانحة وعلى طبق من ذهب , وهو الذي كان يطمح أن يكون وزيرا للمالية كما يذكر ذلك الدكتور يحيى الكبيسي الذي كان عضوا في الفريق المفاوض لتشكيل تحالف البناء.. وتتسارع الأحداث لعقد اجتماع فندق بابل من قبل تحالف النصر الذي لم يحضره الحلبوسي ليقدّم له الفرصة الذهبية لبلوغ هذا الهدف الذي كان بالنسبة إليه حلما مستحيلا , ثمّ بعد ذلك وفي تلك الليلة الليلاء التي لم تغمض فيها عينيه , يرّن جرس هاتفه ليقول له ( الحسيني ) مبروك أنت ستكون غدا رئيسا لمجلس النواب ولكن بهذه الشروط .. هكذا اخترق هذا البعثي الصغير القيادة الإيرانية المسؤولة عن الملّف العراقي ويصل إلى رئاسة مجلس النواب في واحدة من أخطر الاختراقات التي تمّت في مرحلة ما بعد نظام صدّام .. سنتابع معكم في الأجزاء القادمة الاختراق الأخطر على مدى تاريخ الدولة العراقية ..

أياد السماوي

في 22 / 05 / 2021

اترك تعليقاً