السيمر / فيينا / الأثنين 01 . 11 . 2021
الشاعر النرويجي أرنولف أوفيرلاند *
ترجمة من النرويجية : سهيل الزهاوي
اِسْتَفَقْتُ ذات ليلة مِنْ نَوْمِي ،
على حلمِ غريب
صوتُ يتحدث معي
كأنه يَتدفق من قعر الماء تحت سطح الأرض.
نهضت :
ماذا تريد منى ؟
يجب عليك أن لا تنام! .. يجب عليك أن لا تنام!
يجب عليك أن لا تَتخْيِيل أنك تحلم.
لقد حُكمتُ امس!
نصب ليلة أمس مشنقة في الساحة.
سوف يصطحوبني في الخامسة غداً.
جميع السَرادِبُ ممتلئة
تصطف قبواً تلو قبوٍ في كافة الثكنات العسكرية
نحن نتمدد و ننتظر مصيرنا،
في زنازين شديدة البرودة .
نحن نضطجع و نتعفن في الدَهاليزِ المظلمة
لا نعرف لماذا نحن هنا وما ننتظره ،
ولا نعرف من منا سيستدعي ويلقى مصيره.
نحن نئن ونصرخ – لكن هل تُسمعونا؟
هَلْ يُمكنكَم مساعدتنا ؟
لا يُسمح لأحد برؤيتنا.
لا احد يعلم ما يحدث لنا.
أكثر من ذلك:
لا أحد يستطيع تصديق ما يحدث هنا يوميًا!
انت تعتقد ، هذا ليس حقيقة . ؟
لا يمكن أن يكون الانسان شريراً الى هذا الحد!
هناك أشخاص اصلاء احياناً !، أليس كذلك؟
أخي، لديك الكثير لتتعلمه!
قيل : سوف تتخذ ا قراراً يصل الى حد التضحية بالذات إن اقتضى الأمر
والان يُسفك الدماء عبثا .. عبثا
لقد أصبحنا في طي النسيان في هذا العالم!
تعرّضنا للخداع!
يجب عليك أن لا تنام منذ هذه الليلة
تركيزك يجب أن لا ينصب في حجم الربح والخسارة
كما يحدث في المشروع التجاري
يجب عليك ان لآ تتذرَّعُ لاَ هَذَا وَلاَ ذَاكَ
وحتى لو كان لديك ما يكفي منها.
لا تقول : لأمر محزن ما يحدث لهؤلاء المساكين
عندما تجلس في المنزل الدافئ
يجب ألا تتقبل إيقاع الظلم على الآخرين ،
وحتى وإن كنت بعيداً عنها
أَصْرُخُ بِصَوْتِي مستغلاً نفسي الاخير :
ليس من حقك أن تدير ظهرك و تتَنَاسَى ما يحدث
لا تغفر لهم ؛ إنهم يعرفون ماذا يفعلون!
إنهم يتنفسون جمر الكراهية والشر!
يُتَلَذَّذُون بالقتل، يستمتعون وهم ينظرون إلى أنين الضحية
يرغبون أن يروا عالمنا يحترق!
ويُغرق في بحر من الدم .
ألا تصدق ذلك ؟
أنت تدرك ذلك حقاً!
أنت تعلم حقاَ أن أطفال المدارس قد جندوا،
تجمهروا وراحوا ينشدون في الشوارع والميادين ،
استمدّ الاطفال حماسهم من تقوى الامهات المُراوَغة
يَتَهَيَّأُونَ للحرب مدافعاً عن الوطن.
أنت تعرف خداع الوضيع للناس
تحت مسميات الشجاعة والإيمان والكرامة
أنت تعلم ، أن الطفل يحلم بالبطولة،
كما تعلم ، يريد التلويح بالسيف والعلم!
ومن ثم يخرج من سقيفة فولاذية
ويعلق ثانية على الأسلاك الشائكة المعقدة
وتتعفن من أجل فكرة العرق الآري لهتلر!
انت تعرف ، هذا هو رأي الرجل و هدفه!
لم اكن ادرك هذه التصورات .
الان قد فات الاوان.
استحق هذا العقاب. حكمي عادل.
كنت أؤمن بالتقدم ، وآمنت بالسلام ،
بالعمل ، بالتضامن ، بالحب!
ولكن من لآ يريد أن يموت مع الجمهور
ليجرب حظه مع الجلاد بمفرده!
أصرخ في الظلام – أوف ، لَيتَ تسمعون!
هناك شيء واحد فقط، العمل من أجله:
ساعد نفسك مادام أنت حر اليدين!
انقذوا أطفالكم! أوروبا تحترق!
ارْتَجَف من شدة البرد. ارتديت ملابسي
يبرق النجوم في الخارج.
مجرد خيط يحترق ببطء في الشرق.
تَكَهَّنَ ، ذات الصوت في الحلم :
ارتفع اليوم خلف حافة الأرض
بقعة حمراء من الدم والنار
ازداد القلق بشدة إلى درجة اللَهَثَاتِ
كما لو كانت النجوم قد تجمدت!
فكرت: الآن يحدث شيء ما. –
لقد انتهى وقتنا – أوروبا تحترق!
ترجمة من النرويجية
* نبذة عن تاريخ حياة الشاعر أرنولف أوفيرلاند
ولد أرنولف أوفيرلاند (1889-1968) ( Arnulf Øverland ) في مدينة كريستين سوند على ساحل بحر الشمال . كان كاتبًا وشاعرًا، كما ساهم في تطوير اللغة النرويجية.
عمل أرنولف أوفيرلاند في صفوف الحزب الشيوعي النرويجى لحين انتهاء الحرب العالمية الثانية وترك الحزب بسبب موقفه من ستالين وسياسته .
كان شخصية ناشطة في منظمة حركة مقاومة اليوم وهي منظمة فكرية سياسية شيوعية.
كان اوفيرلاند ملماً بالحركات السياسية والاضطرابات الجارية في أوروبا ما بين الحربين العالمية الثانية وانتصار الفاشية الألمانية والسيطرة على الحكم في عام 1933 والأساليب القمعية التي تتبعها النازية في ألمانيا الهتلرية وتنبأ بمخاطر توسع نفوذها في كافة انحاء اوروبا .
كتب الشاعر اوفيرلاند قصيدة *يجب عليك أن لا تنام * في عام 1936 وصدر في عام 1937 أي قبل الحرب العالمية الثانية بسنتين، وهي ضمن مجموعته الشعرية ( الراية الحمراء )،
لقد تنبأ أوفيرلاند بالفعل قبل عامين من اندلاع الحرب أن شيئًا فظيعًا على وشك الحدوث. استخدم القصيدة كسلاح ضد الفاشية لتوعية المواطنين النرويجيين لتجنب المآسي والويلات التي تحدث لاحقا وأراد منها أن تقدم صورة حقيقية للفاشية الالمانية. وايقاظ الشعب النرويجي من السبات والسذاجة واللامبالاة، واتخاذ موقفا معاديا للحرب والفاشية وتحمل المسؤولية ويدعو الشعب النرويجي الى الكفاح ضد انتهاكات حقوق الإنسان وحتى ان كان خارج حدود بلادك، ولإنقاذ العالم لما يقع مالا يحمد عقباه. وكان اوفرلاند رسول السلام والعمل والوحدة والحب والتضامن فيما بينهم. أصبحت هذه القصيدة منذ ذلك الحين نصبًا تذكاريًا في الكفاح ضد تهديدات النازية في الثلاثينيات.
وكتب العديد من القصائد الثورية لتحفيز الشعب النرويجي ضد مخاطر النازية و مَخاطِيطُه، عندما احتلت ألمانيا الهتلرية النازية النرويج واعتقل اوفرلاند من قبل الفاشية الألمانية ووضع في سجن انفرادي وفي عام 1941 كتب مجموعته الشعرية باسم شارع المطاحن وهربها من السجن على أوراق التواليت. في عام 1943، تم إرسال أوفيرلاند إلى معسكر الاعتقال الألماني في زاكسينهاوزن ، ولم يطلق سراحه إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. كل الاساليب القسرية التي مورست ضده لم يثنيه بل ازداد اصراراً على المقاومة وكتب قصائد جديد وهو داخل معتقلات الألمان النازية وهو يشجع الأسرى على الصمود.
لقد منحته الحكومة النرويجية وسام بطل القومي للنرويج.